الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جريمة الإسماعيلية وسلبية الأهالي.. عالم أزهري: الممتنع عن رد العدوان آثم شرعا.. ورئيس لجنة الفتوى السابق: التمثيل بالجثة جريمة تستوجب الإعدام

جريمة الاسماعيلية
جريمة الاسماعيلية

جريمة الاسماعيلية التي هزت الرأي العام
رئيس لجنة الفتوى السابق: التمثيل بالجثة جريمة تستوجب الإعدام

عالم أزهري: الممتنع عن رد العدوان آثم شرعا
النخوة والمروءة والشهامة من صفات المسلم الحق 

 

انتشرت جريمة ذبح شخص في الإسماعيلية اليوم، بصورة كبيرة جدا عبر وسائل التواصل في الساعات الماضية، وتركت أثرا سيئا للغاية لدى الرأي العام، بعدما قام أحد الشباب بقتل آخر في وضح النهار بالشارع وأمام مرأى الأهالي بدون أي تدخل منهم لمنع وقوع هذه الجريمة.

أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، أن جريمة فصل رأس شاب بالإسماعيلية والتمثيل بجثته أمر تأباه الشريعة الإسلامية وتستنكره مهما كان الدافع وراءه، مشيراً إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف أمام الكعبة وقال لإن تهدم لبنة لبنة أهون عند الله من أن يراق دم مسلم.

وقال الأطرش في تصريحات لـ "صدى البلد":" إن سفك الدماء أمر عظيم عند الله عزوجل ولا يجوز تبريره بأي مبرر كان، فهناك جهات مسؤولة عن إعادة الحقوق لأهلها، وإلا لصارت الدنيا غابة يستباح فيها القتل وإراقة الدماء بمزاعم واهية"، مؤكداً:" ما فعله المجرم بفصل رأس صاحبه أمر تأباه الشريعة وينهى عنه الإسلام وهو قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد يجب أن يواجه بأقصى عقوبة يعرفها القانون حتى لا تتكرر".

واستشهد رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تكشف حرمة سفك دماء المسلمين، يقول تعالى: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق".

وحول ما يشاع من دوافع كالاغتصاب وغيرها، شدد “الأطرش” على أنه في حال تلك الفرضية فلا يمكن أن تكون مبرراً لأن في تاريخ الإسلام لم تثبت تلك الجريمة لصعوبة إثباتها، فقد أمر الله تبارك وتعالى بأربعة شهود عدول، فلو أن رجلاً دخل على زوجته ووجدها متلبسة لم يبح قتلها وجعل الله له أن يقوم بلعانها، موضحاً أن ملامة الناس على عدم تدخلهم في الدفاع عن المقتول ورد القاتل لا يكون له وجهته الشرعية فقد يكون القاتل في حالة جنون تدفعه لقتل المزيد، كما أنهم في حالة يغلبها الرهبة والدهشة والاستغراب وكله يخشى على نفسه، لافتاً إلى أن حديث النبي "من رأى منكم منكراً فليغيره"، جعل التغيير باليد مهمة الحكام لأنها لو تركت لكل إنسان أن يأخذ حقه بيده لصارت غابة، أما التغيير باللسان فهذه مهمة العلماء، بينما تغيير المنكر بالقلب فتلك مهمة عامة الناس، حيث يطلبون العون من الله ويسألونه الهداية لا أن يتدخلوا مباشرة ما يعرضهم للأذى.

حق المسلم على المسلم


وعلق الشيخ أبو اليزيد سلامة، الباحث الشرعي بهيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، على جريمة الإسماعيلية اليوم التي هزت الرأي العام، منوها إلى أنه من حق المسلم على المسلم الدفاع عنه وعن حياته وأن يمنع عنه أي عدوان.

وأكد الشيخ أبو اليزيد سلامة، أن النبي أمر برد العدوان عن الغير، وقال في حديثه الشريف «ما من امرئ مسلم يخُذلُ امرأً مسلماً في موطن تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يُحبٌّ فيه نُصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عِرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موضع يحبُ فيه نُصرته».

وأشار إلى أن النخوة والمروءة والشهامة من صفات المسلم الحق ودائما المسلمون يتكاتفون في الخير، والتخاذل يم يكون يوما من صفات المصريين.


وأكد أن المسلم لو كان قادرا على رد العدوان عن أخيه المسلم، وامتنع عن ذلك يأثم شرعا، لحديث النبي "انصر أخاك ظالما أو مظلوما".

 

مروءة الصديق يوسف

 

وما أكرم وأنبل موقف سيدنا يوسف الصدِّيقِ عليه السلام الذي سارع بتأويل منامِ الملكِ وبلا أجرةٍ ولم يساوم في حريته من السجن وهو المظلوم منذ بضع سنين، وكان رده فورياً للعبد الذي وفد من الملكِ يسألهُ بقوله: «يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ  ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» (يوسف 46 :49)

لقد كان تأويل الصدِّيق يوسف عليه السلام كطوق النجاة للبلاد والعباد، ويعد من باب إغاثة الملهوف في باب التعبير والرؤيا، ويُدْهَشُ الملك من التأويل ويطلب يوسف عليه السلام لكنه أبى أن يخرج من باب العفو الملكي وطلب تحقيقاً جديداً في قصة امرأة العزيز ونسوة الوزراء، قال الله تعالى: «وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ» (يوسف:50)، ولهذا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» (البقرة جزء الآية 260)، ويرحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي» (صحيح البخاري 3192 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه).

 

وانظر إلى الشهم الكريم نبي الله موسى عليه السلام، حين فرَّ هاربًا من بطش فرعون، وقد أصابه الإعياء والتعب، فلما ورد ماء مدين ووجد الناس يسقون، وجد امرأتين قد تنحيتا جانبًا تنتظران أن يفرغ الرجال حتى تسقيا، فلما عرف حاجتهما لم ينتظر منهما طلبًا، بل تقدم بنفسه وسقى لهما: «وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» (القصص: 23، 24).