الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مزج اليهودية والمسيحية والإسلام.. ما قصة الدعوة لـ «الدين الإبراهيمي الجديد» وماذا قال عنه شيخ الأزهر

الدين الإبراهيمي
الدين الإبراهيمي الجديد - تعبيرية

«ثم أوحينا إليك أن اتّبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين».. صدق الله العظيم - سورة النحل ( 132 ).

ملة إبراهيم، هي مجموعة من الإملاءات الربانية لسيدنا إبراهيم عليه السلام، ومنها انبثقت الديانات الإبراهيمية أو ما يُعرف في شرائعنا بالديانات السماوية وهي اليهودية والمسيحية، وآخرها الدين الخاتم للرسالات السماوية الإسلام.

ووفقًا للتقديرات فإن 54% من البشر حول العالم يتبعون الديانات السماوية الثلاثة، بينما 46% لا يتبعون الديانات الإبراهيمية.

لكن في الآونة الأخرة ظهرت دعوة غريبة لتوحيد أتباع الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام تحت عقيدة أو ديانة واحدة تسمى الدين الإبراهيمي الجديد، فمن أطلق هذا المقترح وكيف قابلته الشرائع السماوية ؟

من أطلق الدعوة لـ الدين الإبراهيمي الموحد 

أول ما أطلق هذا المصطلح كان بغرض سياسي بحت من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي علق على العلاقات الإماراتية الإسرائيلية بمصطلح سُمع للمرة الأولى حيث وصف الاتفاق بين الجانبين بـ الإتفاق الإراهيمي.

وظهرت موجة متقطعة من جانب دوائر فكرية أمريكية أبرزها - معهد بيس آيلاندز- اتخذت من دعوتها لـ بلدان عربية للتطبيع مع إسرائيل، منفذًا للدعوة إلى توحيد الأديان السماوية تحت دين واحد يسمى بالإهيمي.

ويظهر من خلال الدعوات للدين الإبراهيمي الجديد، نوايا سياسية خفية أو معلنة عند البعض ترتكز في أساسها على التطبيع الكلي الذي تسعى إليه اسرائيل مع البلاد العربية.

وتعتبر جمعية « اللقاء بين الأديان » أو ما تعرف اختصارًا بـ ( I I I ) الجهة الداعمة بشكل رئيس لتلك الديانة الموحدة والتي تسعى لتأسيس دولة واحدة تحت عقيدة واحدة تجمع كل شعوب المنطقة. لكن الأغراض السياسية لمثل تلك الدعوات باتت مشبوهة.

 شيخ الأزهر يخرج عن صمته 

ربما عُرف عن فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بإيمانه الكامل بحرية الدين والمعتقد والمذهب، ودعمه يدًا بيد مع بابا الفاتيكان للتعايش بين الأديان واحترام الآخر، وهو ما دفعه للتعقيب على الدعوات المشبوهة للديانة الجديدة.

شيخ الأزهر قال اليوم في احتفالية بيت العائلة المصرية بمرور 10 سنوات على تأسيسه، إن محاولة الخلط بين تآخي الإسلام والمسيحية في الدفاع عن حق المواطن المصري في أن يعيشَ في أمنٍ وسلامٍ واستقرارٍ، الخلطُ بين هذا التآخي وبين امتزاج هذين الدِّينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكلٍّ منهما.. وبخاصة في ظل التوجُّهات التي تُنادى -بـ«الإبراهيمية»- أو الدين الإبراهيمي، نسبةً إلى إبراهيم -عليه السلام- أبي الأنبياء ومجمع رسالاتهم، وملتقى شرائعهم، وما تطمحُ إليه هذه التوجهات –فيما يبدو– من مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالةٍ واحدة أو دِين واحد يجتمعُ عليه الناس، ويُخلصهم من بوائق النزاعات، والصراعات التي تُؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس، بل بين أبناء الدِّين الواحد، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة.

الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر 

وتابع شيخ الأزهر: هذه الدعوى، مِثلُها مثل دعوى العولمة، ونهاية التاريخ، و«الأخلاق العالمية» وغيرها – وإن كانت تبدو في ظاهر أمرها كأنها دعوى إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته.. إلَّا أنها، هي نفسَها، دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه بنو الإنسانِ وهو: «حرية الاعتقاد» وحرية الإيمان، وحرية الاختيار، وكلُّ ذلك مِمَّا ضمنته الأديان، وأكَّدت عليه في نصوص صريحة واضحة، ثم هي دعوةٌ فيها من أضغاث الأحلام أضعافَ أضعافِ ما فيها من الإدراك الصحيح لحقائق الأمور وطبائعها.

وأضاف الإمام الطيب: ونحن وإن كنَّا لم نَرَ -حتى هذه اللحظة- هذا الوليدَ الإبراهيمي الجديد، ولا نعرفُ شيئًا عن ملامحه وقسماته، إلَّا أننا –ومن منطلق إيماننا برسالاتنا السماوية– نُؤمن بأنَّ اجتماع الخلق على دِينٍ واحدٍ أو رسالةٍ سماوية واحدة أمرٌ مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها، وكيف لا، واختلافُ الناس، اختلافًا جذريًّا، في ألوانهم وعقائدهم، وعقولهم ولغاتهم، بل في بصمات أصابعِهم وحديثًا بصمات أعينِهم.. كلُّ ذلك حقيقةٌ تاريخية وعلمية، وقبل ذلك هي حقيقة قُرآنية أكَّدها القرآن الكريم ونصَّ على أنَّ الله خلق الناس ليكونوا مختلفين، وأنه لو شاء أن يخلقهم على مِلَّةٍ واحدة أو لونٍ واحد أو لغةٍ واحدة أو إدراك واحد لفعَل، لكنه -تعالى- لم يشأ ذلك، وشاء اختلافَهم وتوزُّعَهم على أديان ولغات وألوان وأجناس شتى لا تُعد ولا تُحصى.. ثم بيَّن أن هذا الاختلاف باقٍ ومستمر في الناس إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود: 118]، كما بيَّن الله تعالى أنَّه كما خلَقَ المؤمنين من عبادِه، خلَقَ منهم الكافرين أيضًا، يقول الله تعالى في أوائل سورة التغابن: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [التغابن: 2].

الخطر السياسي من الدين الإبراهيمي الجديد 

السفير عزمي خليفة، عضو مجلس الدراسات المستقبلية بأكاديمية البحث العلمي، حذر من مما يسمى بالـ "الدين الإبراهيمي"، والذي يدعو إليه أكبر أستاذ علاقات دولية في العالم، والذي يعني جمع ما اتفقت عليه الأديان السماوية الثلاثة ودمجها وإخراجها في شكل دين واحد، والذي يأتي في إطار صناعة النظام العالمي الجديد.

وقال خلال حوار تلفزيوني سابق إن هذا الدين يدخل في إطار صناعة الدين العالمي الجديد، وهو مشروع في منتهى الخطورة والبشاعة وللأسف الشديد لدينا شيوخ في هذا الاتجاه.

الجناح الثاني للماسونية 

ووصف الدكتور أحمد كريمة، أحد علماء الأزهر الشريف، الدعوة للدين الإبراهيمي الجديد بأنها الجناح الثاني للماسونية العالمية.

وقال كريمة خلال استضافته في لقاء تلفزيوني، إنه إدعاء باطل، حيث أن الله عز وجل قال في سورة المائدة « لكل جلعلنا منكم شرعة ومنهاجًا » وقال إننا نؤمن بالحنيفية وهي اخلاص التوحيد لله، لكن تفصيلات الألتزام فإن كل عقيدة لها خصوصيتها ما بين ملة إبراهيم وبين الإسلام.   

وشدد الدكتور أحمد كريمة على أن تفصيليات العقائد والشرائع ما بين كل الديانات تختلف من أنبياء بني إسرائيل والشيد المسيح عليه والسلام وما بين شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.