الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قلبي يسرع في دقاته .. أشهر كلمات الحب في مصر الفرعونية

المصريين القدماء
المصريين القدماء

استطاع المصري القديم صنع أساطير عديدة وأشعار وأدبيات مليئة بالمفردات والصور البلاغية، من خلال تعبيره عن الحب، وبمناسبة احتفال العالم بعيد الحب نبحر في أشهر قصص الحب في مصر الفرعونية.

وأكد خبير الآثار، الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء، أن المصريين القدماء سجلوا معاني الحب على لوحات، وعاشوا الحب قصصًا فى حياة الملوك والأفراد، ونظموا الحب شعرًا فى قصائد خالدة وأدبًا فى القصص والأساطير، وجسّدوا الحب فنًا فى نحت التماثيل، وحرصوا على إبراز جمال المرأة، فهم أبدع من عبروا عن الحب فى كل صوره.

إيزيس وأوزوريس

وأضاف الدكتور ريحان أن أسطورة إيزيس وأوزوريس جسّدت معانى الوفاء والإخلاص فى الحب فى أعظم صوره التى تحكى كيف غدر ست بأخيه أوزوريس الذى كان يبغض فيه جمال وجهه ورجاحة عقله وحمله رسالة المحبة والخير بين البشر فدبر مكيدة للقضاء عليه واتفق مع أعوانه من معبودات الشر على أن يقيموا لأوزوريس حفلًا تكريمًا له ثم أعد تابوتًا مكسى بالذهب الخالص بحجم أوزوريس وزعم أنه سيقدمه هدية لمن يكون مرقده مناسبًا له ورقد فى التابوت كل الضيوف ولم يكن مناسبًا لأى أحد حتى جاء دور أوزوريس فأغلق عليه ست التابوت وألقوه فى نهر النيل وانتقل التابوت من النيل عابرًا البحر المتوسط حتى وصل إلى الشاطئ الفينيقى في أرض ليبانو عند مدينة بيبلوس وهناك نمت على الشاطئ شجرة ضخمة وارفة الظلال حافظت على التابوت المقدس من أعين الرقباء.

وأشار الدكتور ريحان إلى وجود ملكة جميلة تسمى «عشتروت» فى بيبلوس خرجت لتتريض على الشاطيء فبهرتها الشجرة الجميلة النادرة وأمرت بنقلها لقصرها، أمّا إيزيس فبكت على أوزوريس وبحثت عنه على طول شاطيء النيل واختلطت دموعها بماء النيل حتى فاض النهر وبينما كانت تجلس بين سيقان البردى في الدلتا همس في أذنيها صوت رياح الشمال تبلغها بأن المعبود أوزوريس ينتظرها على شاطئ بيبلوس فذهبت واستضافتها عشتروت، وكانت إيزيس تحول نفسها كل مساء بقوة سحرية إلى نسر مقدس تحلق في السماء وتحوم حول شجرة زوجها أوزوريس حتى حدثت المعجزة وحملت إيزيس بالطفل حورس من روح أوزوريس ورجعت به مصر تخفيه بين سيقان البردي في أحراش الدلتا حتى كبر وحارب الشر وخلص الإنسانية من شرور «ست».

وتابع الدكتور ريحان تجسيد المصرى القديم لمعانى الحب على لوحتين أثريتين اكتشفتا بمقبرة سوبك حتب، المشرف على البيت المالك بمنطقة آثار هوارة بالفيوم عام 1974، تشير إلى مدى حب واحترام المصري القديم لأهل بيته سواء أمه أو زوجته أو بناته، مستندا على بحث للآثارى الدكتور أشرف السنوسي عنوانه «مقابر أفراد الدولة الوسطى بهوارة حفائر 1974 و1982».

ويصور الجزء الأيسر من اللوحة الأولى ثلاث بنات وأعلى كل واحدة منهن كتب (ابنته حبيبته المجهولة) وأعلى صف البنات صف آخر ربما لأولاد وربما أيضا كتب فوق كل واحد (ابنه حبيبه المجهول) ويفسر الجزء الأيمن من اللوحة سبب وصف بناته بالمجهولين الذي يمثل منظر لسيدة جالسة وأعلاها كتب لقبها (أمه حبيبته ست الدار ايسن)، مما يوضح أن سوبك تزوج أكثر من مرة ولم ينجب أطفالًا.

ونتيجة عدم تحقق الإنجاب تمني «سوبك حتب» أن يكون له في العالم الآخر أولاد وبنات، وبالطبع لم يعرف أسماءهم فوصفهم بالمجهولين ولم يكتف بذلك بل أعطى أمه لقب (ست الدار) وهو لقب لم يكن يعطى فى الغالب إلا للزوجات وهذا دليل على شدة تكريمه لأمه بتصويرها داخل مقبرته.

أمّا اللوحة الثانية كما يشير الدكتور ريحان فهى تؤكد أن «سوبك حتب» كما كان محبًا لأمه ولبناته المجهولين فقد كان محبًا لزوجاته بصرف النظر عن الإنجاب أو عدمه حيث صور على لوحة حجرية أخرى من نفس المقبرة حملة قرابين وأعلى اللوحة تصوير لسيدة أمامها مائدة عليها قرابين يبدو أنها مكررة مثل منظر البنات المجهولة وأعلى واحدة من هؤلاء السيدات كتب «سيدة الدار المرحومة ايبو»، وأعلى السيدة الأخرى بقية كلمة «المرحومة» مما يدل على تمثيله لأكثر من زوجة بالمنظر.

وينتقل الدكتور ريحان إلى تصوير المصري القديم للعلاقة بين الزوجين على الجدران وفى نحت التماثيل بمنظر وقوف الزوج مجاورًا لزوجته أو الجلوس معًا على مقعد بينما تلف الزوجة ذراعها برفق حول عنق زوجها أو تضع يدها على إحدى كتفيه أو تتشابك أيديهما معًا رمزًا للحب الجارف أو تقف أمامه لتقدم له الزهور أو تقف جانبه وتسند عليه ذراعها كناية عن معاونتها له في كل الأمور.

ويجسّد تمثال القزم (سنب) وأسرته من الأسرة الخامسة بالمتحف المصرى روح المحبة والعطف التي تسود الأسرة المصرية حيث تجلس الزوجة إلى جوار زوجها وتلف ذراعها حوله برقة ولطف على حين وقف الأبناء بجانب الأب والأم فى أدب واحترام ومنظر على ظهر كرسى عرش الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصرى يصور جلوس الملك دون تكلف والملكة مائلة أمامه وفى إحدى يديها إناء صغير للعطر تأخذ منه وباليد الأخرى عطر آخر تلمس به كتف زوجها برقة ولطف.

ولفت الدكتور ريحان إلى قصص الحب فى حياة الملوك ومنها قصة الحب الخالدة بين الملك أحمس الأول وزوجته أحمس- نفرتاري وهي الزوجة التي شاركته في الحكم وأقام لها معبدًا في طيبة وخصص لها مجموعة من الكهنة لعبادتها وقدسها الشعب بعد وفاتها كمعبودة فجلست مع ثالوث طيبة المقدس (آمون وموت وخونسو)، واستمرت عبادتها ٦٠٠ عام بعد وفاتها وحتى الأسرة الـ ٢١، وقد سجل نقش في معبد الكرنك للملك حريحور، أول ملوك الأسرة الـ٢١، متعبدًا للأرباب ( آمون وموت وخونسو وأحمس- نفرتاري) .

رمسيس الثاني ونفرتاي

وتابع الدكتور ريحان أن معبدي أبوسمبل خلدا أعظم قصص الحب التي جمعت بين الملك رمسيس الثاني وزوجته نفرتاري (جميلة الجميلات) والتي أطلق عليها في مصر القديمة (المحبوبة التي لا مثيل لها والنجمة التي تظهر عند مطلع عام جديد رشيقة القوام الزوجة الملكية العظمى مليحة الوجه الجميلة ذات الريشتين)، حيث بنى لها رمسيس الثاني معبد أبو سمبل الصغير بجوار معبده وأعد من أجلها بوادي الملكات، أجمل مقابر تصور الملكة المحبوبة مرتدية ثياب الكتان الناعم، وتزدان بالحلي الملكية النفيسة، تصاحبها الآلهة.

أمنحتب الثالث والملكة تيي

وقصة الحب الشهيرة بين الملك أمنحتب الثالث والملكة تيي، وهي القصة التي تحدت العادات والتقاليد، ومن أجلها أمر بتغيير القوانين المقدسة لكهنة آمون؛ حيث كانت «تيي» من خارج الدماء الملكية ولا يجوز زواجهما، ومن أجلها أمر بإنشاء بحيرة شاسعة لمحبوبته العظيمة، ومن أجلها أيضا أمر بإقامة معبد كرسه لعبادتها في منطقة صادنقا، على بعد 210 كم جنوبي وادي حلفا.

ويشهد بهو المتحف المصري في القاهرة على وجود تمثال عملاق للملك تجلس إلى جواره محبوبته «تيي» بنفس الحجم، في دلالة فنية على علو الشأن وعظيم الحب.

وقد تزوج الملك أمنحتب الثالث في السنة الثانية لحكمه من الملكة «تيي»، ولم يكن لها أصول ملكية، ولكن والدها ووالدتها كانا يشغلان مناصب راقية في الدولة، وأنجبت له أمنحتب الرابع خليفته، الذي آمن بالإله الواحد ومثله في الشمس (آتون) كعاطية للحياة، وأسمى نفسه أخناتون ومعناه «المخلص لآتون».

ونظم المصرى القديم الحب شعرًا ويشير الدكتور ريحان من خلال دراسة أثرية للدكتور خالد شوقى البسيونى الأستاذ بجامعة قناة السويس عنوانها " شعر الغزل والغرام فى مصر القديمة" إلى نماذج من الشعر المصرى من قصيدة العاشقة العذراء عن بردية شستربيتى تشبه أغنية ( يا  امّا القمر على الباب).

لقد أثار حبيبى قلبى بصوته – وتركنى فريسة لقلقى وتلهفى – أنه يسكن قريبًا من بيت والدتى – ومع ذلك فلا أعرف كيف أذهب نحوه – ربما تستطيع أمى أن تتصرف حيال ذلك – ويجب أن أتحدث معها وأبوح لها – أنه لا يعلم برغبتى فى أن آخذه بين أحضانى – ولا يعرف بما دفعنى للإفصاح بسرى لأمى – إن قلبي يسرع فى دقاته عندما أفكر فى حبى – أنه ينتفض فى مكانه.

لقد أصبحت لا أعرف كيف أرتدى ملابسى – ولا أضع المساحيق حول عينى ولا أتعطر أبدًا بالروائح الذكية.

ويبحر بنا الدكتور ريحان فى جمال المرأة المصرية القديمة  من خلال دراسة أثرية للدكتورة ماجدة أحمد عبدالله أستاذ تاريخ وآثار مصر والشرق الأدنى القديم ورئيس مجلس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ عن مكياج المرأة أكدت أن المصرى القديم هو أول من صنع مساحيق وأدوات التجميل وأهتم الفنانين المصريين القدماء بتصوير المرأة فى أجمل صورة وتفانى رجال مصر القديمة فى إسعاد زوجاتهم بتقديم العطور والهدايا  وحرصت المرأة على أن تتزين لزوجها ليراها فى أبهى صورها عند عودته إلى المنزل من يومه الشاق بالعمل وصنع المصرى القديم الكحل والروج والكريمات والعطور والبخور والحناء والشعر المستعار "الباروكة" وإكسسورات المرأة وقد عثر على الكحل والزيوت العطرية والمساحيق فى المقابر منذ فجر التاريخ وأن المرأة المصرية عرفت كيف تبرز جمالها بالتركيز على رسم العينين بالكحل ووصلت فى المهارة كما لو كانت تستخدم أى لاينر حول العينين كما حددت الشفتين باللون ألأحمر أو الوردى وتبدو بشرة المرأة فاتحة اللون نضرة ويظهر هذا فى ملامح رأس الملكة نفرتيتى المعروضة بمتحف برلين وفى مناظر الملكة نفرتارى بمقبرتها فى وادى الملكات بالبر الغربى بالأقصر ولقد عُثر على تماثيل تمثل نماذج لسيدات يقمن بتصفيف الشعر وأطلق عليهن لقب "نشت "، وظهرن فى عدد من النقوش  وهن يتعاملن بمهارة فى شعر الأميرات أو الملكات

 

وقد كشفت الحفائر الأثرية عن أوانى للتجميل كأوعية صغيرة، مناشف كتانية، وأنواع مختلفة من الأمشاط بعضها من الخشب أو العاج أو العظم ودبابسيس للشعر من المعادن بجانب المرايا المصنوعة من الذهب أو الفضة أو النحاس وأيدى المرايا مزخرفة ومطعمة بالأحجار النصف كريمة كما وجدت أدوات لصحن مواد التجميل وعرفت المرأة المصرية المقص والملقاط من النحاس والبرونز وتنوعت أوعية حفظ الكحل وأشكالها ومواد صنعها.

IMG-20220213-WA0008
IMG-20220213-WA0008
IMG-20220213-WA0007
IMG-20220213-WA0007
IMG-20220213-WA0006
IMG-20220213-WA0006
IMG-20220213-WA0005
IMG-20220213-WA0005
IMG-20220213-WA0011
IMG-20220213-WA0011
IMG-20220213-WA0010
IMG-20220213-WA0010
IMG-20220213-WA0009
IMG-20220213-WA0009
IMG-20220213-WA0004
IMG-20220213-WA0004
IMG-20220213-WA0003
IMG-20220213-WA0003