الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القضاء يؤيد مجازاة مسئول بالمركزي للمحاسبات عين نجلته في شركة يراقب عليها

صدى البلد

أيدت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة  الطعن في قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بمجازاة نائب أول مدير إدارة من فئة وكيل وزارة بعد ثبوت قيامه بالتوسّط في تعيين نجلتيه بشركة النصر للكيماويات الدوائية والشركة العربية للأدوية والنباتات الطبية "ميباكو"، وذلك إبان عمله بإدارة مراقبة حسابات الأدوية وخضوع الشركتين لمراقبته

 

قالت المحكمة عبر أسباب حكمها أن الطاعن "م ع أ" يشغل وظيفة نائب أول مدير إدارة من فئة وكيل وزارة بالإدارة المركزية لمتابعة تنفيذ الخطة وتقويم الأداء لقطاعات الخدمات العامة بالجهاز المركزي للمحاسبات، ونُسب إليه التوسّط في تعيين كل من نجلتيه بشركة النصر للكيماويات الدوائية والشركة العربية للأدوية والنباتات الطبية "ميباكو"، وذلك إبان عمله بإدارة مراقبة حسابات الأدوية وخضوع الشركة الأولى لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 3 لسنة 2010 وخضوع الشركة الثانية لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 5 لسنة 2013

ولم يُضمّن الإقرارات المقدمة منه بشأن الأقارب العاملين بالجهات محل رقابة الإدارة اسم نجلته وكذا ذكر بيانات مخالفة للحقيقة، مخالفا بذلك التعليمات الصادرة في هذا الشأن، وجاء ذلك نتاجاً للتحقيقين الإداريين الذين أجراهما الجهاز بمناسبة فحص الشكوى الواردة للإدارة المركزية الثانية للرقابة المالية على القطاعين العام والأعمال العام من بعض العاملين بإدارة مراقبة حسابات الأدوية بالجهاز، والتي أشّر رئيس الجهاز بالتحقيق فيها، حيث تم فحص أعمال الطاعن بمعرفة الإدارة المركزية للتفتيش الفنيّ بالجهاز والتي أودعت مذكرة بما انتهت إليه من نتيجة خلصت فيها إحالة ما تبيّن من عدم وجود بعض التقارير الخطيّة لأعضاء مجموعة المراجعة للإدارة المركزية للشئون القانونية لإعمال شئونها، وبنقل الطاعن من الإدارة، وبإبلاغ الإدارة بما تكشّف من ملاحظات على أداء الأعضاء لإخطارهم

 

واعتمد رئيس الجهاز الرأي المتقدم، حيث باشرت الإدارة المركزية للشئون القانونية إجراءاتها فيما اُحيل إليها والتحقيق مع الموظفين المختصّين ومنهم الطاعن في التحقيق وانتهت في مذكرتها إلى التوصية بإعادة فحص أعمال الطاعن مع إرجاء البت في مسئوليته، وهو ما اعتمده رئيس الجهاز، ومن ثم أعيد الموضوع للإدارة المركزية للتفتيش الفنيّ بالجهاز لفحص أعمال الطاعن بمعرفة أعضاء مغايرين لمن سبق وأن أبدو رأيهم في أعماله

 

وأودعت الإدارة تقريرها الذي أيّد مُجمل ما تضمّنه التقرير السابق الصادر عنها، موضّحاً أن الملاحظات المرصودة على أعمال الطاعن خلال فترة عمله مراقب حسابات شركة النصر للكيماويات الدوائيّة هي ملاحظات ترتبط بالأداء المهني ولا يُمكن اعتبارها تواطؤ من الطاعن بغرض تعيين ابنته نظراً لانخفاض أهميّتها النسبيّة مقارنةً بما تم إبلاغه من ملاحظات، كما أوصت بإحالة بعض المخالفات الفنيّة للتحقيق وتحديد المسئولية بالنظر لاشتراك عدد عدد من المراقبين في توقيعها مع الطاعن

 

وبتكليف الإدارة المركزية للشئون القانونية باستكمال التحقيق مع الطاعن بشأن تعيين ابنته بالشركة إبان عمله كمراقب لحساباتها. وقد اعتمد رئيس الجهاز هذه التوصيات، حيث استؤنف التحقيق مع الطاعن ومواجهته بما نُسب له، ثم وضعت الإدارة المركزية للشئون القانونية مذكرة بما انتهى إليه التحقيق، موصيةً بحفظ ما نُسب للطاعن من مخالفات مهنية، وبمجازاته بعقوبة التنبيه نظير ما ثبت قبله من التدخّل أثناء عمله بمراقبة حسابات الأدوية بتعيين ابنته للعمل بشركة النصر للكيماويات حال رقابته عليها، وكذا تعيين ابنته بالشركة العربية للأدوية والنباتات الطبية حال إشرافه عليها

 

وكذا لقيامه بذكر بيانات على غير الحقيقة بالإقرارات المقدّمة منه، بشأن الأقارب الذين يعملون بالجهات محل رقابة الإدارة حيث لم يذكر اسم ابنته التي تعمل بالشركة العربية للأدوية والنباتات الطبية بالإقرار المقدم منه وهو ما اعتمده رئيس الجهاز، ومن ثم صدر القرار المطعون فيه بتوقيع الجزاء على الطاعن

 

وأكدت المحكمة أن فحوى المخالفة المنسوبة للطاعن، التي أوردها الجهاز في سائر أوراق التحقيق ومذكراته بوصف الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي ومخالفة القوانين واللوائح والتعليمات الصادرة في هذا الشأن، وكانت المحكمة وفي مجال إقرارها لسلامة هذا الوصف إنما تستحضر ما يجب على شاغلي الوظائف ذات الطبيعة الرقابية التي حُمّلت في أعناقها أمانة حفظ المال العام ومسئوليّة الذود عنه ومراقبة أوجه صرفه، من الاستمساك بأبلغ صور النزاهة والاستقامة والعفاف، والترفّع عن مواطن الذلل والبعد عن بواعث الريب والشبهات، والأخذ في ممارساتهم وتعاطيهم مع تلك الوظائف بالسلوك الأحوط

 

وأن تنحصر معاملاتهم مع الجهات الخاضعة لرقابتهم لتنحسر فيما فُرض عليهم فرضاً واستعصى عليهم اجتنابه، كيلا يؤخذ هذا التعامل سبيلاً للمساومة أو الضغط عليهم، أو يرتّب لهم في ممارستهم لأعمال رقابتهم عُسرة أو حرج، أو يصمهم بشبهة الخضوع أو الخنوع أو الاستئناس، وبما يكون من آثاره أو يُشتبه معه اعوجاج أعمال الرقابة أو انحرافها أو اختزالها، واصطباغ ما قد يشوب أعمالهم من تقصير – كان يُعدّ إهمالاً لو احتذوا حذواً آخر تعمّداً ومجاملة ومحاباة، بما يفقد معه شاغلي تلك الوظائف مصداقيّتهم، ولتختلّ ممارستهم لتلك الرقابة

 

والثابت بالأوراق أن ابنة الطاعن قد عُيّنت بشركة النصر للكيماويات الدوائية بطريق التعاقد لمدّة ستة أشهر، وجُدّد تعيينها للستة أشهر التالية، ثم جرى تثبيتها مع احتساب مدة خدمتها السابقة، وذلك كلّه إبان عمل الطاعن مراقباً ثم مشرفاً بإدارة مراقبة حسابات الأدوية وخضوع هذه الشركة لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 2 لسنة 2010 ومباشرته للرقابة عليها

 

كما ثبت بالأوراق أن ابنة الطاعن الاخرى قد عُيّنت بالشركة العربية للأدوية والنباتات الطبية "ميباكو" بعقد عمل مؤقّت تواتر تجديده حتى تم تثبيتها، وكان ذلك إبان خضوع هذه الشركة لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 5 لسنة 2013، كما ضمّن الإقرارات المقدمة منه بشأن الأقارب العاملين بالجهات محل رقابة الإدارة بيانات مخالفة للحقيقة بعدم ذكر اسم نجلته الموظفة بالشركة العربية للأدوية والنباتات الطبية

 

وإذ كان ما نُسب للطاعن من مخالفات، قد ثبت من متون التحقيقات والتقارير المودعة بملف الطعن، وأقرّ الطاعن بحصوله، وإن دفع واقعتي تعيين ابنتيه بأنه تمّ بموجب طلب شخصيّ منهما، مضيفاً أنهما جديرتان بالتعيين من واقع مؤهّلاتهما وخبراتهما، وأنهما تُعاملان من قبل الشركتين المذكورتين معاملة غيرهما من الموظّفين ولا تتمتّعان بثمّة مميزات، وهي دفوع لا تجد صدىً في يقين المحكمة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه فيما تضمّنه من مجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه يكون قد صدر قائما على صحيح الأسباب المبررة لإصداره قانوناً بمنأى عن الإلغاء، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.