الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لا تصدق البريق الزائف

صدى البلد

قد تأتيك الفتن وتطرق بابك عندما تشتد بك الأزمات ، وقد تأتيك عندما يزداد بريق الدنيا وتظن أنك قد ملكت ما تحب،، وتتسرب إلي قلبك التساؤلات،، وتقف وتدقق وتراجع المشهد ،، حينما تشعر أن الفتنة علي وشك الانتهاء،، وأن ما كنت تراه ماءً قد تحول إلي سراب ،، وتري الوجه الحقيقي للأمور وينتهي بك الحال إلي مفارق الطرق،، وتفقد الثقة مع الوقت، ثم تقرر الانسحاب.

الحياة مزيج من الفتن ،، تتلاحق في حياة كل منا،، بعضنا يتنبه لوجودها،، والبعض الآخر يقع فيها دون أن يفهم ،، ويفاجأ بعد حين أو قد يظل غافلاً إلي الأبد،، وكلما اقتربت من المولي عز وجل كلما زادت الفتن،، واشتدت وتلاحقت ،، ودائماً ما تُفتَن فيما تحب ،، إذا كنت متعلقا بالمال سوف تُفتَن في مالك،، و إذا كنت تبحث عن الحب ،، سوف تلاحقك فتن الحب وهي كثيرة ومتعددة،،، و إذا كنت تبحث عن الشهرة ،، ستأخذك الشهرة لأعلي عنان السماء،، أو ستُحجَب عنك وتظل تلهث خلفها،، و أنت في حيرة من أمرك،، حتي تدرك أنها فتنتك.

يقول المولي عز وجل في سورة العنكبوت (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7))

فالفتنة لا مفر منها كانت فرضا علي من سبقونا وكُتِبَت علينا مثلهم ليفرق المولي عز وجل بين الصادق و الكاذب ،، ويشهد علينا الأشهاد ،، فالبعض يتقرب من الله سبحانه جل في علاه تقرباً زائفاً ،، ومع تعرضه لأول فتنة يظهر علي حقيقته ،، والبعض الآخر مهما تعرض للألم يظل متمسكاً بيقينه  ،، فيجزيه الله الجزاء الحسن. وعلي حسب درجة الإيمان تكون الفتنة ،، وأحيانا لا تأتي منفردة،، وإنما تتجمع مجموعة من الفتن لتأتي في وقت واحد،، حتي يصل المؤمن لأقصي درجات التحمل ،، ثم تنتهي الفتنة ،، وتمر ،، والاختيار متروك لكل منا،، إما أن يدركها  ويرضي بقضاء الله ،، وإما أن تمتلكه ويصاب بالعمي ،، فلا يدرك ما حوله ،، والعزاء الوحيد دائماً هو قوله تعالي الذي ينير القلوب حيث قال (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ") .فلا تصدق البريق الزائف الذي تراه عندما تأتيك الفتنة،، فسوف يتغير بتغير الظروف ،، وتدرك حينئذ أنك كنت مفتوناً ،، وتدرك أنه لا يدوم إلا وجه الله عز وجل.