لو تصادف وجودك في المغرب خلال شهر رمضان المبارك، فمن المؤكد أنك ستسمع أهل المغرب يهنئون بعضهم البعض بجملة "مبروك العواشر” أو “عواشر مبروكة”، وتعني مبروك رمضان، ويُقصد بالعواشر 10 أيام رحمة، و 10 أيام مغفرة، و 10 أيام عتق من النار.
استعدادات مبكرة
يبدأ استعداد المغاربة لاستقبال شهر الصوم في وقت مبكر، ويستعدون له بالصيام في شهر شعبان الذي يبشرهم بهلال رمضان، وتعيش العائلات المغربية ما يشبه إعلان حالة الطوارئ لتحضير الأنواع المختلفة من الحلوى التي تزين موائد الإفطار، كما تشرع في اتخاذ جملة من الترتيبات وتوفير المستلزمات، التي تتصدرها المواد الغذائية التي يمكن تخزينها أو إعدادها مسبقًا كالأرز والسكر والتمر والبقوليات الجافة.

تدين والتزام في رمضان
يختلف رمضان في المملكة المغربية عنه في باقي الدول، فمع دخول الشهر الكريم تنطلق العادات الروحية.

تستعين المساجد بأئمة أصواتهم عذبة يجيدون التجويد، فضلا عن تنظيف وتزيين وإصلاح المساجد، إلى جانب تنظيم “الدروس الحسنية“، بحضور العاهل المغربي، الملك محمد السادس، حيث يستقدم علماء ومفكرون من مختلف الدول الإسلامية لإلقاء محاضرات دينية.
أجواء عامرة
وتتميز ليالي رمضان في المغرب بأجواء عامرة بالإيمان، وهو ما يظهر في امتلاء المساجد بالمتعبدين كبارا وصغارا، إضافة إقامة فعاليات في الشوارع تجعل من يعيش في المغرب أو الزائر يشعر بقيمة رمضان وتميزه عن باقي الأشهر، إلى جانب سماع ابتهالات رمضانية تؤدى طوال الليل بأصوات شجية.

مقاهي المغرب تتجمل
تنتشر المقاهي المغربية في شوارع المدن الرئيسية، وتقدم القهوة والشاي الأخضر، لتعويض الصائمين عن صوم النهار بالسمر، فيما تقام الحفلات والسهرات العامة في الشوارع التي تبقى مضاءة طالما ظلت حركة الناس متواصلة لا تهدأ حتى مطلع الفجر.

تعويض العاطلين
يمثل شهر رمضان في المغرب فرصة للذين يعانون البطالة كي يخرجوا منها ولو بشكل مؤقت أو موسمي، فتظهر وظائف رمضانية مثل بيع السلع التي يهتم بها الناس في هذا الشهر الكريم، ورغم أن هذه الوظائف تظهر في مناسبات أخرى كالمولد النبوي والأعياد إلا أن طول شهر رمضان يوفر لصاحبها دخلا معقولا، كما أن البعض الآخر يترك مهنته الدائمة ليعمل في مهن رمضانية توفر له دخلا أفضل ولو لمدة شهر واحد.

وتتحول شوارع المدن الكبيرة والصغيرة والأحياء إلى أسواق تعرض منتجاتها على قارعة الطريق، فهناك بائعات الحلوى والخبز، وهناك مجموعات من الطبَّالين والمدَّاحين، والمُقرئين ومروضي القرود وباعة الأعشاب الطبية.
النفار المغربي يتألق
من أشهر معالم ليالي المغرب الرمضانية، المستمدة من التراث الشعبي المحلي "النفار"، وهو رجل يحمل طبلا بلديا قديما أو مزمارا ينادي الناس استعداداً للسحور، ويحمل معه آلة الغيطة، حيث يضفي العزف عليها مسحة صوفية وطابعا شعائريا.

صلة الرحم
يمثل شهر رمضان فرصة لتجمع العائلات والأصدقاء على موائد الإفطار، فرمضان في المغرب فرصة للتسامح والتزاور والاجتماعات العائلية التي تساهم في توطيد أواصر المحبة والود بين الأسر المغربية.

ومن التقاليد السائدة، أن الجدة والأم والحفيدة يدخلن إلى المطبخ لتجهيز وجبة الافطار، وقيام الأم بقص الحكايات الدينية على الصغار طوال الأمسيات الرمضانية، وحرصها على اصطحابهم للمسجد للصلاة، وكذلك اهتمامها بزينة البيت وتجهيزه لاستقبال الضيوف من الأهل والجيران، حيث تزدان أركان المنزل بالزهور الطبيعية والأعشاب الخضراء وتعبق أرجاؤه بالرائحة الزكية.
ليلة القدر
في ليلة السابع والعشرين "ليلة القدر"، تمتد السهرات العائلية إلى آخر الليل وحتى مطلع الفجر، ويحرص المغاربة فيها على التزاور، كما يتم الاحتفال بالأطفال، فالصغيرات يتشحن بزي تقليدي ويتزين بأشكال بديعة من الحناء، أما الصغار فبدورهم يتباهون بلباس الجلباب والطربوش الأحمر وهم يخرجون مصحوبين بآبائهم لصلة الرحم وتفقد الأهل والأحباب.

وجرت العادة أن الولد أو البنت اللذين يصومان رمضان لأول مرة، يتم تحضير عزومة تحضرها العمات والخالات، والطفل الذي في الخامسة من العمر يصوم نصف يوم لتعويده على الصيام.
الحريرة تزين المائدة المغربية
المائدة الرمضانية المغربية من أمتع الموائد العربية وأشهاها، وتجتمع العائلة المغربية حولها وهي عامرة بما لذ وطاب.

ويأتي في مقدمة الأكلات الشعبية المغربية «الحريرة» وهي حساء غليظ من الحمص والعدس والشعيرية مخلوطة بالكزبرة والبقدونس والكرافس والطماطم والبصل، إضافة إلى الأكلات الأخرى مثل خبز «البغرير» و«الرغايف» و«السلو» وهو معجون الدقيق والزبدة والسكر و«الشباكية» المعمولة من الدقيق والعسل والسمسم وماء الورد و«الكسكس» الذي يعد وجبة شعبية مفضلة في المغرب العربي شأنه شأن الكبسة التي تعد الوجبة المفضلة لدى معظم أبناء الخليج العربي.