الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البرلمان "صديق البيئة" والموازنة الخضراء.. المؤتمر العالمي للبرلمانيين الشباب يستعرض تجارب عالمية لمواجهة تغير المناخ

عضو بالبرلمان الفنلندي يدعو إلى منح الفرص للمشاركة في عمل الميزانيات الخضراء

مؤتمر البرلمانيين
مؤتمر البرلمانيين الشباب

انطلق اليوم، الخميس، الجزء الثاني من الجلسة الثانية بالمؤتمر العالمي للبرلمانيين الشباب في نسخته الثامنة، التي تُقام بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، ويتناول الميزانيات الخضراء والبرلمان الأخضر كعوامل أساسية في مواجهة تغير المناخ والأزمات البيئية.

بدأت الجلسة بكلمة محللة السياسات وخبيرة الميزانيات الخضراء، مارجو ليلونج، حول التنسيق على المستوى القومي في إطار مكافحة التغيرات المناخية، وقالت إنه "توجه حيوي في السياسات الفرنسية"، ووضعت تعريفًا للميزانية الخضراء عبر تحديد إطار يحتوي على 4 مجموعات: "في البداية، الإطار القانوني ثم الأدوات، وأولويتنا تقليل عنصر الكربون والتلوث وتحسين جودة صنع القرارات وتشجيع دور البرلمانات، وأخيرًا، نتولى تنفيذ هذه السياسات".

وأضافت، خلال كلمتها: "الميزانيات الخضراء تعتمد على الأداء، ونفذتها 14 دولة، أبرزها المكسيك وتايلندا وإيطاليا وفرنسا، فكل دولة وضعت مجموعة من المبادرات الخاصة بها لتصل إلى أفضل نتائج".

ويكتمل الأمر - حسب قول ليلونج" – بـ"وضع السياسات المتعلقة بالبيئة والتحول الأخضر في الاعتبار خلال صياغة القوانين والتشريعات، والتركيز على إدراج الميزانيات الخضراء في عملية صناعة القرار وصياغة السياسات، وتنفيذ كل ذلك يتطلب موارد وفريق من الخبراء حتى يتم تنميته".

وقدمت عدة تجارب حول العالم لتطبيق الميزانيات الخضراء بالبرلمانات، وأبرزها البرلمان النمساوي الذي "اتخذ إجراءات خاصة بالتغيرات المناخية وأطلق مبادرات وبدأ تنفيذ نُظم طاقة مستدامة اعتمادًا على الطاقة المتجددة". 

وأشارت إلى "النموذج الفرنسي، الذي تولاه البرلمان، وقدم ميزانية خضراء، مع مراجعة سنوية للمصروفات الخضراء، وتصنيف ما إذا كانت تلك المصروفات صديقة للبيئة أم لا، وتختلف الدول في نماذج العمل، فلا يوجد منهج واحد للميزانيات الخضراء". ولفتت "ليلونج" إلى أنها عملت مع مصر وتايلند واليونان لـ"تطوير ووضع ميزانيات خضراء، وتنفيذها".

من ناحيته، دعا سيباستيان تينكينين، عضو البرلمان الفنلندي، إلى منح الفرص للجميع للمشاركة بفعالية في عمل الميزانيات الخضراء، وذلك لتسريع الإجراءات على المستويين المحلي والعالمي، وقال: "لا ينبغي أن نترك الأنظمة البرلمانية تكافح في هذا الإطار دون مساندة، وفي فنلندا، يلعب البرلمان دورًا محوريًا بمشاركة منظمات المجتمع المدني، نتيجة للمشاركات العديدة من جانب الأفراد والمؤسسات".

ويرى "سيباستيان" أن "وضع قانون ليس أمرًا كافيًا، تنفيذًا لشعار فنلندي يقول: إذا كان الأمر يبدو جيدًا فإنك تؤديه بطريقة جيدة، ونحن جميعًا نتعاون لتحقيق إنجازات على أرض الواقع، ونسعى لذلك بجدية، وبعيدًا عن القوانين، نستطيع تحقيق التنمية المستدامة بالاستخدام العاقل لآليات الطاقة".

وقدم البرلماني الفنلندي نموذجًا عمليًا، مفاده أن "من خلال المخصصات المالية، التي توضع في الميزانيات لتحقيق إنجازات على أرض الواقع، يمكن أن ننجح ولكن بتوجيهها إلى الاتجاهات الصحيحة، ولكن الاعتماد على دافعي الضرائب في تحصيل الأموال التي تساعد على ذلك غير عادل بالمرة، ولذلك نحتاج إلى التفكير بأساليب أكثر ابتكارًا لتحويل العالم إلى مناطق خضراء، ووضع إستراتيجيات يمكن أن تساهمَ في تقديم المزيد في المجال البيئي".

واقترح، في ختام كلمته: "وضع تشريع يمكننا من تبادل المعلومات لتحقيق التقدم في المجالين البيئي والمناخي، خاصة أن فنلندا قامت بتلك الخطوة، وحققت إنجازات كبيرة، وتأثير هذه السياسات كان له مردود قوي"، داعيًا إلى "عدم إسكات الأصوات المختلفة، بل الاستفادة منها"، قائلًا: "نحن نحتاج أصوات أكثر وضوحًا تقدم آراءً متنوعة".

وعقب ذلك، تحدث عضو البرلمان الزيمبابوي، عن الحل الوحيد والمثالي - وفق رؤية بلاده – لمواجهة تغير المناخ، وهو "تكاتف الجهود والمشاركة، فبلادي تواجه الكثير من المخاطر البيئية والمائية، ومنها تزايد موجات الجفاف في أغلب أرجاء البلاد والمناطق النائية والمحرومة".

وأكّد النائب الزيمبابوي، أنه يتحدث من وحي تجربته الشخصية: "أتيت من منطقة نائية، وأعتقد أن التقارير الدولية كلها توضح أن الوضع البيئي يتفاقم على جميع المستويات ولا سيما الاقتصادية، خاصة في بلد كزيمبابوي، ولذلك يتطلب الأمر استخدام التفويض الدستوري لمواجهته".

عن تجربة زيمبابوي، التي وصفها بـ"الإيجابية"، قال: "البرلمان رفع الميزانية ووضع سياسات لإنفاقها في تحقيق الأهداف البيئية طبقا للأولويات، ودعم فكرة ترابط الأطراف مع بعضها البعض لتحقيق شيء يفيد الجميع في جميع المستويات الاجتماعية، ووضع سياسات بيئية كان لها نتائج جيدة، ثم نجح في صياغة مسودة قانون شارك في الحد من ظاهرة التغير المناخي، قبل وضع إطار وأساس لصندوق تمويل، والقيام بالأمر الأكثر أهمية، وهو وضع سياسات تحفيزية وتخطيط إستراتيجي لإدارة الموارد وإحداث تحول بيئي".

وبدأت النائبة الأردنية، إسلام الطباشات، المتحدث الثالث بالجلسة، كلمتها بتوجيه الشكر إلى مصر لجهودها الملحوظة في مواجهة تغير المناخ "قيادةً وحكومةً وشعبًا"، مشيرة إلى أهمية استضافتها "مؤتمر الأطراف للتغير المناخي خلال العام الجاري".

وركّزت حديثها على تجربة الأردن في مواجهة التغير المناخي، قائلة: "نجحنا في استيعاب تلك الحالة الطبيعية في طريقنا للحفاظ على البيئة، وذلك باستحداث العديد من التشريعات والأنظمة، التي تضمن الحفاظ على البيئة والتجاوب باستمرار مع التحديات الجديدة".

وأبرز تلك القوانين، وفق قولها، "قانون البيئة المؤقت الذي تمت المصادقة عليه من جانب مجلس النواب الأردني مؤخرًا، كما وقع الأردن اتفاقيات خارجية مع الدول الصديقة والشقيقة في مجالي المناخ والبيئة وكان من أولى الدول الموقعة على اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، ولذلك كان ضمن أولى الدول التي بدأت مواجهة تغير المناخ عربيًا، وذلك بتقدّمها في مجالات حماية البيئة ومنع التصحر واستخدامات الطاقة ومنع التلوث الزراعي والصناعي، إلى جانب إقرار تشريعات بيئية للصرف الصحي والبنى التحتية والحجر الصحي بميناء العقبة، وفرض إجراءات صارمة على تخزين ومناظرة المواد الخطرة والأمان النووي المتعلق بالمياه السطحية".

فضلًا عن ذلك، أضافت النائبة الأردنية: "بلادي تقدّمت أيضًا في البحث عن مصادر الطاقة البديلة كمشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تسهم في الحفاظ على البيئة وذلك للخروج برؤية واضحة المعالم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ويتطلب ذلك جهدا دوليا جماعية لمواجهة تغير المناخ وآثاره والالتزام الإنساني للحفاظ على البيئة التي ستكون أمانة للأجيال المقبلة".

وتطرق النائب الباكستاني، أفنان الله خان، خلال كلمته، إلى الظروف التي تمرّ بها بلاده حاليًا باعتبارها "الخامسة في مؤشر التغيرات المناخية لما تتعرض له من تغيرات مناخية مباشرة". 

وقال: "هذا التغير المناخي الكبير يؤثر جذريًا على المواطنين، لأن باكستان لديها الكثير من الأيدي العاملة في مجال الزراعة، وبالنسبة لها موارد المياه أولوية كبرى".

وأضاف: "لدى باكستان ما يشبه ذوبان القطب الشمالي الذي يهدد بغرق الكثير من المدن: "الجزء الشمالي من باكستان جليدي، وسيتعرض للذوبان نتيجة الاحتباس الحراري، فضلًا عن احتواءه على نحو 1% من الغازات الدفيئة حول العالم وهو ما يسبب فيضانات قد تؤدي إلى تشريد ما بين نصف مليون ومليون و200 ألف باكستاني بحلول 2050".

وأوضح النائب الباكستاني، أن بلاده تملك استراتيجية مختلفة لمواجهة التقلبات المناخية، تقوم على تنفيذها الحكومة، وأحد أوجه الاستراتيجية أن تصبح السيارات الكهربائية جزءًا من المجتمع بنسبة 30%، إلى جانب استراتيجية لتبني الطاقة المتجدّدة، قائلًا: "بالنسبة لنا، المناخ النظف جزء لا يتجزأ من المفهوم الباكستاني عن جودة الحياة". 

وطالب البرلمانيين بأن يكون لديهم الأدوات المناسبة لاتخاذ قرارات تفيد بهذا الصدد: "أؤمن بصفة شخصية - نظرا لأن لي خلفية تكنولوجية - بأن أمامنا الكثير يتوجب علينا تنفيذه، فإذا كان لدينا برامج إدارة موارد ربما يصبح بإمكاننا اتخاذ قرارات أفضل".

وبدأت باكستان، بالفعل، حسب تصريح "خان"، مسيرتها في الطاقة النظيفة: "أول دولة في العالم يصبح برلمانها أخضر من خلال إدارته بالطاقة الشمسية، وهي متاحة طوال الوقت ولا ينتج عنها انبعاثات، كما أن استخدام التكنولوجيا يؤدي إلى توليد طاقة، ففي باكستان، الكثير من المنازل تتم إضائتها بالطاقة الشمسية، والفائض منها يتم ضخه في استخدامات أخرى، ولدينا الكثير من الخطط والأفكار الأخرى لتقليل انبعاثات الكربون".

واختتم قائمة المتحدّثين النائب النمساوي، نيكو ميركاتي، الذي يرى أنّ "التغير المناخي ليس كالمشكلات السياسية"، قائلًا: "يجب أن نكون أمناءً مع أنفسِنا، وهذا لن يكون صعبًا على البرلمانيين الشباب، ولكن نحن بصدد تغيير جوهري".

وطالب "ميركاتي" البرلمانيين الشباب بصياغة سياسات خاصة بالتغيرات المناخية، بقوله: "ما نفعله حاليا ليس كافيا"، موصيًا بـ"وجود تقارير سنوية لتحقيق الأهداف البيئية، وتشريعات تتضمن مواجهة التأثيرات البيئية، وإعداد أوراق عمل بشأن الغازات الدفيئة"، قائلًا: "يجب على الحكومات أن تخبرَ بما يتم إنجازه في مواجهة التغيرات المناخية، وعلينا أن نضع أهدافًا ومؤشرات لقياس التقدم في هذا الملف، وكذلك أدوار واضحة للوزارات، وعلى كل وزارة أن تقدم بيانًا بما قدمته". 

وأوضح، في ختام كلمته، تجربة البرلمان النمساوي في مواجهة تغير المناخ: "أنشأنا داخل البرلمان مكتبًا يستعين بخبراء مستقلين، ويقدم تحليلات للأداء، وخطط العمل، والقوانين، ويقف على مدى التأثير البيئي ضمن محاولات مكافحة التغيرات المناخية، ولدينا نظام بيئي أخضر ينظر في هذه الأمور باستمرار ويعيد تقييمها، وجميع الإجراءات التي يقرها البرلمان والحكومة تخضع للقياس على هذه المؤشرات، ضمن العمل البرلماني لمكافحة التغيرات المناخية".

فور انتهاء المتحدثين من إلقاء كلماتهم، انطلقت مداخلات النواب الشباب المشاركين من مصر والمملكة المتحدة وسوريا وفلسطين والمكسيك والأرجنتين وناميبيا والمغرب والهند، وتمحورت كلماتهم حول تجارب بلادهم في التنمية المستدامة ومواجهة تغير المناخ، فضلًا عن المطالبة بالإصرار والحسم في جهود تجنب الآثار السلبية للاحتباس الحراري، فضلًا عن تقديم عدة مقترحات، في مقدمتها إعداد موازنات خضراء لضمان تخصيص الأموال اللازمة في مشروعات خضراء صديقة للبيئة، وكذلك الدور الجوهري للبرلمانات في دعم المشروعات البيئية بتخصيص مبالغ مالية ملائمة للأهداف المرجوة، والتساؤل عن مدى سيطرة البرلمانات على ميزانياتها ومدى قدرة الدول على تنفيذ "ميزانيات خضراء" مستقلة للمشروعات البيئية لتجنيب العالم وقوع "كوارث طبيعية" في المستقبل، حسب قول أحد البرلمانيين المشاركين.

اقرأ أيضا: 
رئيس مجلس النواب يزور معالم شرم الشيخ 

 

البرلمانيين الشباب

IMG-20220616-WA0074
IMG-20220616-WA0074
IMG-20220616-WA0079
IMG-20220616-WA0079
IMG-20220616-WA0080
IMG-20220616-WA0080
IMG-20220616-WA0081
IMG-20220616-WA0081
IMG-20220616-WA0082
IMG-20220616-WA0082
IMG-20220616-WA0083
IMG-20220616-WA0083
IMG-20220616-WA0073
IMG-20220616-WA0073
IMG-20220616-WA0084
IMG-20220616-WA0084
IMG-20220616-WA0085
IMG-20220616-WA0085