الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تشهد أزمة سد النهضة انفراجة؟.. كواليس زيارة المبعوث الأمريكي للقاهرة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

التقى  المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر بمسؤولين حكوميين مصريين رفيعي المستوى في 25 يوليو لدفع الجهود الدبلوماسية لتسوية بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير بما يدعم الاحتياجات المائية والاقتصاد ومعيشة كل مواطني مصر والسودان وأثيوبيا.

تفاصيل زيارة مايك هامر إلى مصر

وصرح المبعوث الخاص هامر قائلا: "جئت إلى القاهرة في أول رحلة رسمية لي للمنطقة لأستمع إلى آراء شركائنا المصريين بشأن القضية الهامة المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي الكبير، ولفهم احتياجات مصر المائية بشكل أفضل. نشارك بنشاط في دعم طريق دبلوماسي للمضي قدمًا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي للتوصل لاتفاق يوفر الاحتياجات طويلة الأجل لكل مواطن على امتداد نهر النيل."

وخلال لقائهما مؤخرا، أعرب  الرئيس بايدن للرئيس السيسي مجدداً عن دعم الولايات المتحدة للأمن المائي لمصر، وصياغة قرار دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويسهم في إقامة منطقة أكثر سلامًا وازدهارًا. ركزت زيارة المبعوث الخاص هامر إلى القاهرة، والتي جاءت بعد أيام فقط من لقاء الرئيسين بايدن والسيسي، على هذه الأولوية.

والتقى المبعوث الخاص هامر بفريق مشترك من الجهات المسؤولة عن مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا والسودان وذلك في وزارة الخارجية للمصرية.

من جانبه اعتبر الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، أن زيارة المبعوث الأمريكي مايك هامر مهمة في مجملها، وأتت عقب استقالة المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي السابق جيفري فيلتمان، موضحاً أن الزيارة تشمل مصر والإمارات وإثيوبيا نظراً لقيام الإمارات فى وقت سابق بالتدخل والعمل على تقريب وشرح وجهة النظر المصرية.

وتوقع فهمي، أن يكون التدخل الأمريكي في أزمة السد الإثيوبي فقط لتسجيل موقف محدد وتحسباً لتحركات دول أخرى مثل: روسيا وخاصة أن روسيا على مشارف عقد قمة إفريقية روسيا خلال الفترة المقبلة.

وأكد فهمي، أن الموقف المصري تم بلورته وإيصاحه عبر حضور الرئيس السيسي اللقاء الثنائي مع الرئيس الأمريكى جو بايدن، مما نقل رسالة تأكيدية، أن هناك أضرارًا ستلحق بمصر؛ بسبب الإصرار على مشروع السد، كما عكست صورة مفادها أن "مصر مضت في طريق المفاوضات".

تابع أستاذ العلوم السياسية: "كما أكد الرئيس السيسي أن مصر لا تزال تتمسك بالمفاوضات من قبل الاتحاد الأفريقي، وبالتالي موقف مصر مهم في هذا المسار"، معقبا: "في كل الأحوال مصر عرضت رؤيتها وكان على الإدارة الإمريكية تحديد مسارها".

وسبق وأوضح  الرئيس السيسي أثناء جولته الأوروبية، أن تحركات مصر تتم استنادا إلى مجموعة من الثوابت الحاكمة، والتي تنم عن رغبة مصر في تنمية العلاقات الثنائية مع أثيوبيا، وتوسيع أطر التعاون وتكامل الأهداف والسعي إلى إيجاد رؤية مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا لحل تداعيات بناء سد النهضة.

ثوابت مصر بشأن ملف سد النهضة

وأشار الرئيس السيسي خلال فعاليات تكريمه ومنحه الدكتوراه الفخرية من جامعة بلجراد الصربية، على هامش زيارته للبلد الأوروبي قبل أيام إلى أنّ مصر تؤمن بوحدة الهدف والمصير بين دول حوض النيل، وبخاصة الدول الثلاث على أساس المنفعة المتبادلة وعدم إلحاق الضرر والعمل على تحقيق المصلحة للجميع.

وواصل الرئيس: "حرصنا في الوقت ذاته على استمرار دعم مختلف جوانب التنمية في حوض النيل، وهو ما يستلزم التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة على نحو يمكن إثيوبيا من تحقيق التنمية الاقتصادية التي تصبو إليها، وزيادة قدراتها على توليد الكهرباء التي تحتاجها".

وتابع الرئيس: "وفي ذات الوقت يحفظ مصالح دولتي المصب مصر، والسودان وعدم إلحاق ضرر بحقوقهما المائية، وذلك من خلال اتفاقية قانونية ملزمة وشاملة بين كل الأطراف المعنية بتشغيل السد ورفض الإجراءات المنفردة أحادية الجانب التي من شأنها إلحاق الضرر بحقوق مصر في مياه النيل".

وأوضحت الخارجية المصرية فى وقت سابق أن هناك تفهما واسعا من الدول التى زارها الرئيس السيسى لقضية سد النهضة وأهميتها بالنسبة للأمن المائى المصري، والكل متفق على أهمية الوصول لاتفاق قانونى ملزم بشأن تشغيل السد الإثيوبي.

وتعرضت  قضية ازمة السد الإثيوبي على مدى السنوات العشر الماضية، لمحطات المفاوضات الممتدة والمحادثات الطويلة ومحاولات الوساطات المتعددة أو المبادرات المطروحة في إذابة الخلافات القائمة بين البلدان الثلاثة، أو الوصول إلى جدول زمني لمَلء وتشغيل السد.

وهو إحدى العقبات الكبرى على طريق حلحلة أزمة سد النهضة، الذي ترى فيه أديس أبابا قاطرة للتنمية وتحريك عجلة الاقتصاد، من خلال كمية الطاقة المتوقع أن ينتجها، فيما تخشى كل من الخرطوم والقاهرة تأثيره العميق في إمداداتهما المائية.

وتكمن نقاط الخلاف بالأساس، في قواعد الملء والتشغيل، وحجم الأضرار على دولتَي المصب، فضلاً عن عملية إدارة السد مستقبلاً، الذي تبلغ تكلفته الإنشائية 4.5 مليار دولار أميركي، وتأثيره في قدرات مصر والسودان التخزينية للمياه.

وفي ما يتعلق بالملء والتخزين، تسعى إثيوبيا إلى ملء بحيرة خزان السد، البالغة 74 مليار متر مكعب، خلال فترة تمتد بين أربع وسبع سنوات، وذلك في وقت تتمسك فيه مصر بأن يتم الملء على مدى عشر سنوات مع الاتفاق على منظومة قانونية لإدارة السد، بما لا يؤثر في السد العالي (أكبر السدود المصرية المائية) والسدود السودانية وإدارة التدفق المائي مع الأخذ في الاعتبار سنوات الجفاف.

قواعد ملء وتشغيل سد النهضة

بالإضافة إلى ذلك، تتمسك أديس أبابا بالمضي قدماً في خطتها لعملية الملء (أتمت الملء الأول والثاني على مدى العامين الأخيرين) بشكل أحادي حتى من دون موافقة دولتَي المصب أو الاكتراث لاعتراضاتهما.

علاوةً على ذلك، وبحسب تصريحات مصرية وسودانية، فإن الخلاف مع أديس أبابا بشأن سد النهضة لم يتعلق فقط بمسألة الحصص المائية (تُقدر بـ55 ملياراً ونصف المليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان)، إنما بمسائل أخرى تشمل أمان السد والآثار البيئية المترتبة عليه والأضرار المحتملة على دولتَي المصب.

وتخشى القاهرة والخرطوم من مدى قوة السد وأمانه وتأثيراته في قدرات التخزين المائية، وهي بنود ضرورية برأيهما، في أي اتفاق مستقبلي.

وعلى الرغم من أن الدول الثلاث تقدمت بـصيغ بديلة لمحاولة تقريب وجهات النظر في النقاط الخلافية المتعلقة بالجوانب الفنية والقانونية للملء والتشغيل، فإن الخلافات راوحت مكانها.

وتعثرت المفاوضات بين الدول الثلاث أكثر من مرة في السابق بسبب عدم التوصل إلى اتفاق حول هذه الجوانب، الأمر الذي دفع مصر والسودان إلى اللجوء لمجلس الأمن الدولي للتدخل، فأحال بدوره الأمر على الاتحاد الأفريقي.

وارتفعت نبرة الاتهامات المتبادلة بين القاهرة والخرطوم من جهة وأديس أبابا من جهة أخرى، خلال العامين الماضيين، إذ اتهمت دولتَا المصب في أكثر من مناسبة إثيوبيا، "بالتعنت والعمل على إفشال المفاوضات والتصعيد المستمر عبر اللجوء إلى التصرفات الأحادية"، معتبرتين أن ذلك "يؤثر في استقرار المنطقة، ويقود إلى عواقب سلبية.

كما يُعد خرقاً لاتفاق المبادئ الموقع في عام 2015"، في المقابل، لطالما نفت أديس أبابا هذه الاتهامات، وكررت في أكثر من مناسبة أهمية السد في تنميتها الاقتصادية مع حرصها على عدم الإضرار بدولتَي المصب.

ونصت الاتفاقيات الموقَّعة في عامي 1929 و1959 على حصة مائية لكل من مصر والسودان، وهو الأمر الذي ترفضه إثيوبيا باعتبار أن تلك الاتفاقيات "من الحقبة الاستعمارية"، وعليه وقعت اتفاقاً في عام 2010 مع ست من دول حوض النيل لسحب حق الفيتو من مصر والسودان ضد إنشاء مشروعات على ذلك النهر.