الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تملك كل شيء.. خطيب المسجد الحرام: أعظم النعم تأتيك بعمل قلبي وبدني

خطيب المسجد الحرام
خطيب المسجد الحرام

قال الشيخ الدكتور سعود الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن مما لا ريب فيه أن من أعظم النعم في هذه الحياة هي راحة البال .

من ذاق راحة البال

وأوضح " الشريم" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن من ذاق راحة البال في حياته فكأنه ملك كل شيء ومن فقدها في حياته فكأنه لم يملك شيئًا البتة ، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي أن يفهم أحد أن راحة البال تعني ترك العمل.

وتابع: بل إن هذه الراحة برمتها متولدة عن عمل قلبي وعمل بدني، وإن العمل من مقتضيات راحة البال، والبال هو الحال والشأن، مستشهدًا بما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ).

العمل من مقتضياتها

وأضاف:  ولا عجب إذا قيل إن العمل من مقتضيات راحة البال وهو الحال والشأن، يقال فلَان رخيُّ البال وناعم البال، أي موفور الْعَيْش، وهادئ النَّفس والخاطر، وهو باعتبار ما يضاف إليه، فثمة كسف بال، وشغل بال، وفساد بال، والغرض المنشود لكل عاقل هو راحة البال التي هي صلاحه وصفاؤه.

ودلل بما قال الله جل وعلا :" الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) " سورة محمد.

منغصات الحياة كثيرة 

 وأشار إلى أن الحياة تقلب وتداول تحمل في طياتها أفراحًا وأتراحًا، وضحكًا وبكاءً وكدرًا وصفاءً، فمن سره زمن ساءه زمن آخر، فمنغصات الحياة كثيرة ونفس المرء تحوم بها في كل اتجاه زوابع الكدر والقتر، والهموم والغموم.

وأكد أن مثل هذا التراكم كفيل بغياب راحة البال عن المرء حتى يحيل له العسل مرًا والعذب ملحًا أجاجًا، منوهًا بأن أهل النظر والنباهة يدركون أن راحة البال غاية منشودة للمرء، وأنها تفتقر إلى سكينة قلب لا يغشاها جلبة، وصفاء روح لا يشوبه كدر.

ونبه إلى أن الاحتقان النفسي والقلق والتوتر والفرق وتغليب الظنون السلبية على الظنون الإيجابية، كلها عوامل مزاحمة لراحة البال إن لم تكن طاردة لها بالكلية، ومربط الفرس في هذا هو القلب، لأنه إذا كان سليما يقظا استسقى راحة البال بمجاديح الصفا وسلامة الصدر”، موصيًا بتقوى الله والاستمساك بالإسلام من العروة الوثقى، والتزام جماعة المسلمين، موصيًا بترك محدثات الأمور؛ فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

مقتضيات راحة البال

وأفاد بأنه إذا كان تصفير التلوث البيئي أمراً منشوداً عند الناس، فإن تصفير التلوث القلبي كذلكم، فالأول للحفاظ على البيئة، والآخر للحفاظ على البال؛ حيث إن راحة البال لا يذوقها امرؤ ذم غيره لِينال المدح دونه، ولا امرؤ خفض شَأنَ غيره ليعلو شأنه، ولا امرؤ أطفأ نور غيره ليَسطُع نوره، ولا امرؤ أسكت غيره ليكون الحديث له وحده، ولا امرؤ صعد على أكتاف الآخرين ليقطف الثمرة له دونهم.

وشدد قائلاً: على المرء المسلم أن يعيد تقييم نفسه وينظر في كل ما يعنيه، ويتسلل لواذاً من كل ما يلحق الضرر بروحه وجسده، فلا راحة بال لحاسد، ولا راحة بال لنمام، ولا راحة بال لقلب ملئ بالضغائن، وإنما يمنح الله راحة البال لمن كان مخموم القلب، أتدرون من هو مخموم القلب؟ إنه التقي النقي، لا إثم فيه ولا غل ولا بغي ولا حسد، كما صح بذلكم الخبر عن الصادق المصدوق.