الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسرائيل تتحدى العالم.. الاتفاق النووي في المراحل الأخيرة وتل أبيب تستعد عسكريا

الصراع الإسرائيلي
الصراع الإسرائيلي الإيراني

تعمل إسرائيل بكل طاقتها لإفشال الاتفاق النووي المحتمل الذي ستوقعه إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية والقوي العالمية، حيث ترى تل أبيب أن الاتفاق النووي يعمل علي إعادة إيران لأنشطتها المعادية في المنطقة والتي تعد تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي وزعزعة استقرار المنطقة.

وتستند إسرائيل على أن إزالة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، سواء العقوبات الاقتصادية أو السياسية، سيسمح لإيران بممارسة أنشطتها في المنطقة بحرية كاملة ومواصلة دعم المليشيات التابعة لها وتقوية اقتصادها عن طريق بيع النفط الإيرا، الذي كانت تشمله العقوبات، مما سيعيد طهران إلى تشكيل تهديد كبير على الأمن الإسرائيلي وأمن المنطقة.

رئيس الموساد يذهب إلى واشنطن

وفي إطار المحاولات الإسرائيلية لوقف الاتفاق النووي مع إيران، يتوجه رئيس جهاز الموساد، ديفيد بارنيع إلى العاصمة الأمريكية، واشنطن، لمحاولة منع الاتفاق النووي الإيراني أو تأجيل توقيعه على الأقل، وذلك في ظل حالة التوتر بين إيران والولايات المتحدة.

كما عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الخميس الماضي، مع دفيد بارنيع، تمهيدا لسفر رئيس الموساد إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وناقشت الجلسة ملف الاتفاق النووي الإيراني، ومدى استعداد رئيس الموساد لمواصلة الجهود الإسرائيلية في هذا الشأن خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن، ولقاءه بالعديد من المسؤولين الأمريكيين.

ونقل التقرير عن الموقع الإلكتروني العبري "واللا"، الأحد الماضي، أن بارنيع سيشارك في اجتماعات مغلقة مع مسؤولين أمريكيين، وسيطلع الكونجرس الأمريكي على ما أسماه بمخاطر الاتفاق النووي الإيراني.

التأثير على صياغة الاتفاق النووي

وأوضح الموقع أن رئيس جهاز الموساد هاجم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد قرب الإعلان عن توقيع الاتفاق النووي بين إيران وأمريكا، وهو ما دعا يائير لابيد إلى استدعاءه لتوبيخه أو لومه على تصريحاته، حيث يفترض أن يلتقي بارنيع بلجنة المخابرات في الكونغرس الأمريكي لتوضيح الأمر.

كما نقل الموقع عن مصدر سياسي إسرائيلي أن رحلة رئيس الموساد تأتي في سياق محاولة إسرائيل التأثير على صياغة الاتفاق النووي الجاري تشكيله مع إيران.

وأكد لابيد أن قادة الجيش وجهاز الموساد مستعدون لمواجهة أي سيناريو بشأن النووي الإيراني، بعد تلقيهم تعليمات منه بتجهيز أنفسهم لأي سيناريو، مشددا على استعداد الجيش الإسرائيلي للعمل من أجل الحفاظ على أمن بلاده، مدعيا أن الإدارة الأمريكية تتفهم هذا الأمر.

وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن توجيهات بلاده تقضي بمواجهة الاتفاق النووي الإيراني بكل قوة، وذلك دون الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

4 مسارات تتحرك بهم إسرائيل

وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، إن زيارة رئيس الموساد الإسرائيلي إلى واشنطن هي زيارة هامة في هذا التوقيت، وتأتي بعد جملة الاتصالات التي تمت بين واشنطن وتل أبيب، كما أن وزير الدفاع الإسرائيلي كان في الولايات المتحدة وتحدث مع الإدارة الأمريكي بشأن الاتفاق النووي ثم ذهب إلى اليابان.

وأوضح فهمي لـ "صدى البلد"، أن إسرائيل تعمل على 4 مسارات مختلفة في هذا الشأن، المسار الأول هو محاولة إفشال الاتفاق النووي مع إيران حتي اللحظة الأخيرة وعدم توقيعه.

وتابع: "المسار الثاني هو استخدام الحرب الخفية ومحاولة التعامل العسكري لا يزال مطروح ولم يتم التراجع بشأنه"، مضيقا أن المسار الثالث هو محاولة الضغط على الولايات المتحدة لعدم الاقدام على توقيع الاتفاق الفني مع إيران وقبلت بفكرة أن يكون هناك اتفاقا سياسيا أوليا، ولكن المستوي السياسي والعسكري يتجه في هذا الإطار.

وبخصوص المسار الرابع، أشار فهمي إلى أن إسرائيل تحاول التأكيد على التحرك في النطاق الأوروبي  بصفتهم الوسطاء في الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، بالتالي هناك ضغوطات على الجانب البريطاني والألماني والفرنسي من قبل إسرائيل، ولافتا إلى أن كل الأطراف الآن وعلى رأسها إسرائيل تسعي لإفشال الاتفاق النووي مع إيران.

إسرائيل تتأهب عسكريا ضد إيران

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن الاتفاق توقف عند 4 نقاط رئيسية طرحها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حيث قال إن هناك موضوعات متعلقة بتخصيب اليورانيوم ونسبه الخاصة وتفتيش الوكالة الذرية والبرنامج الصاروخي، بالتالي نعود إلى المربع صفر مرة آخري وهذا يعني أن إسرائيل تحقق أهدافها.

وتابع: "إلى حين عدم توقع الاتفاق بصورة نهائية وتأجيله، سيكون هناك أولويات مطروح في هذا الإطار بالنسبة للجانب الإسرائيلي واستخدام الحرب الخفية والعمليات الاستخباراتية للتعامل مع ما يجري في هذا التوقيت".

وأشار فهمي إلى أن الضغوط الإسرائيلي هي ضغوط مهمة، ولكن هناك تأهب عسكري إسرائيلي وهناك توقعات كبيرة تقول أن هناك ضربة عسكرية محدودة لإسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية لإعادتها إلى المفاوضات، لافتا إلى أنه قد تتم هذه الضربة بدون الموافقة الأمريكية مثل ما فعلوه في العراق حينما تم استهداف المفاعل النووي العراقي في يونية عام 1981 بدون الموافقة الأمريكية.

وأكمل: "بالتالي إسرائيل تقول نحن نحمي أنفسنا، ونحن من نقرر أمننا، ونحن من ندافع عن أمننا بالتالي لا يوجد مشكلة في توجه الضربات العسكرية".

وأضاف فهمي أن إسرائيل ناجحة في التعامل وتحقيق أهدافها والتأثير المباشر على توقيع الاتفاق النووي الذي ربما سيكون مؤجلا إلى حين إجراء انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، ولن يتم التوقيع علية خلال الفترة المقبلة.

الدكتور طارق فهمي

المكاسب التي تبحث عنها إسرائيل

من جانبه، قال الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن توقع الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لإسرائيل هو أصبح أمر واقع، ولكن تمارس تل أبيب ضغوطات كبيرة لتحسين ظروف التفاوض لتحسين مصالحها الاستراتيجية.

وأضاف أبو النور لـ "صدى البلد"، أن إسرائيل لا تريد أن تخرج إيران بمكاسب جيوستراتيجية تخدم مصالحها في الإقليم، مع العلم أن هناك تقديرات تشير أن منطقة الصراع المحتملة المقبلة هي سوريا، لافتا إلى أن سوريا مجاورة إسرائيل ولها حدود مشتركة معها وهذا يعد مصدر قلق لها.

وأشار إلى أنه فيما مضي كانت منطقة الصراع بين إيران وإسرائيل هي أربيل أو الأراضي الكردستانية، وهي أراضي ملاصقة لإيران وليست مجاورة لإسرائيل، ولكن أن تقوم التقديرات الاستخباراتية بالقول أن منطقة الصراع المحتملة المقبلة بين إيران وإسرائيل هي سوريا هو أمر مقلق لتل أبيب.

وتابع: "لذلك تقوم إسرائيل بالضغط على الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي لتحسين الظروف الاستراتيجية للاتفاق النووي"، لافتا إلى أن إسرائيل تضغط بشدة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلى محافظي الوكالة لعدم التحلل والتخفف من البيانات والموافق النووية تجاه إيران، لاسيما بأن الوكالة كانت أدان إيران أكثر من مرة ومجلس محافظي الوكالة كان قد أدان التصعيد في البرنامج النووي الإيراني أكثر من مرة.

وأكمل: "لذلك تريد إسرائيل من الوكالة الدولية الحصول على مكاسب نووية أيضا من إيران قبيل توقيع الاتفاق، بمعني أن تحل إيران مشاكلها النووية الفنية مع الوكالة بالتالي تذهب إلى اتفاق مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة في فيينا أو في أي مكان آخر".

الضغوط الإسرائيلية على أمريكا

وعن كيفية الضغوط الإسرائيلي، أوضح رئيس المنتدي العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن الضغوطات الإسرائيلية تتجه ناحية الولايات المتحدة الأمريكية ولا تريد منها أن تتعجل في توقع الاتفاق النووي بل أن يتمهل حتي تفي إيران بكل الاشتراطات التي تريدها الوكالة، مع العلم أن إيران خرجت من الاتفاق 5 مرات وزادت من وتيرة قدراتها النووية وضخمت منه في الثلاث أعوام الأخيرة التي أعقبت تحلل إيران من الاتفاق النووي بعد خروج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق.

ولفت أبو النور إلى أن ترامب خرج من الاتفاق في يوم 8 مايو عام 2018، بينما بدأت إيران في التحلل من الاتفاق في مايو 2019، إذا في الثلاث سنوات ضخمت إيران من برنامجها النووي وتريد ان تذهب الآن إلى اتفاق نووي مع المجتمع الدولي بمعارف الآن وليس بمعارف عام 2015.

وأضاف أن إسرائيل تريد من المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يضغطوا على إيران حتي تعود مرة آخري إلى تموضعها النووي الذي كان في 2015 وليس تموضعها النووي الضخم الحالي، مع العلم أن إيران لديها نسبة تخصيب يورانيوم عند 60% ولديها معارف تمكنها من الوصول إلى 90% بسهولة، لافتا إلى أن إيران زودت أجهزت الطرد المركزية لديها أيضا ونشطت مراكز الأبحاث في المفاعلات النووية، وكل هذا يعد خارج الاتفاق.

وتابع: "لذلك إسرائيل تريد من إيران أن تذهب إلى اتفاق مع المجتمع الدولي بمعارف 2015 وليس بمعارف 2022".

الدكتور محمد محسب أبو النور