EN 
بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، يوم الخميس الماضي، و ارتداء مذيعي القنوات في بريطانيا ملابس سوداء حزناً على وفاتها، طرح تساؤلا عن سبب ارتداء الملابس السوداء، كملابس رسمية في حالات العزاء، حيث أن ارتداء اللون الأسود في مراسم الحداد والعزاء غير مرتبط بدولة ما ، أو سمة غالبة عند شعب ما ، بل هي ثقافة عالمية ، فاللون الأسود هو عادة تاريخية قديمة اعتاد خلالها الإنسان أن يرتدي هذا اللون الملكي في مراسم الحداد والعزاء.
شعوب لا تلبس الأسود في حالات الوفاة
يمكن القول أن اللون الأسود هو السائد بين الشعوب ويرتبط عادة بطقوس الحداد والحزن، ولكن هناك شعوب أخرى خالفت هذه العادة ، حيث نجد أن الهند واليابان والصين يرتدون اللون الأبيض في حالات الوفاة ، كما أن هناك دول عربية أخرى أيضا ترتدي اللون الأبيض في حالات الحداد مثل دولة السودان، كما أن هناك بعض القرى المغربية ترتدي فيها زوجة المتوفى ملابس بيضاء وليست سوداء، وتبقى بهذا الزي لمدة 4 شهور و10 أيام.
ارتداء ألوان غير الابيض والأسود في حالات الوفاة
أما في الفلبين وكمبوديا وبعض دول شرق وجنوب شرق آسيا، فنجد أن ملابس الحداد لديهم لونها "أصفر"، فضلاً عن أن رومانيا تستخدم اللون الأزرق الغامق، لون الحداد الرسمي عندهم، أما في إيران فهو اللون "البني الفاتح "، وعند الغجر في أوروبا هو "اللون الأحمر".
في هذا الصدد قالت الدكتورة غادة جمعة ، خبيرة الاتيكيت والبروتوكول بالشرق الأوسط : إنه لا يمكن القول إن اللون الأسود هو اللون الرسمي في حالات العزاء، لأن الأمر يختلف حسب الحضارات ، حيث ان الصين يرتدون اللون الأبيض في العزاء ، ولكن الشائع دائماً هو اللون الأسود.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، إنه من ناحية البروتوكول ليس هناك سند لارتداء اللون الاسود ، وحالياً نرى أن البعض يذهب بألوان مختلفة غير الاسود ، مثل اللون الكحلي ، أو الرمادي الداكن ، وغيرها من الالوان ، فإنه لا يمكن القول أن اللون الأسود هو اللون الرسمي لحالات العزاء من حيث البروتوكول.
التحليل النفسي لارتداء اللون الأسود
وعلى الرغم من أن اللون الأسود يقترن دائماً بطقوس الحداد والحزن، ولكنه أيضاً يتم اختياره عادة للمناسبات الرسمية وغالبا ما يتربع على عرش الألوان وبحسب التحليل النفسي له فإنه يعطي شعورا بالعمق والهيبة للشخص الذي يرتديه، ولكن إذا قمنا بالتحليل النفسي للون الأسود من حيث التأثير السلبي فنجد أن الأمر مغاير ، حيث أن تأثير ارتدائه طويلاً اثناء فترات الحداد يمكن أن يسبب آثار سلبية من الجانب النفسي ، وهذا ما أكده الدكتور وليد هندي إستشاري الصحة النفسية.
وأكد هندي أن اللون الأسود هو لغة تخاطب بين الشعوب وأفراد المجتمع الواحد ، حيث إذا تحدثنا عن المجتمع المصري نجد أن من يرتدي اللون الأسود سوف نربط الأمر دائما بأن هناك حالة حداد و نتسائل هل هناك شخص ما توفي ؟ ، حيث أصبح هناك ارتباط وثيق بين اللون الأسود والوفاة، مشيرا الى أن ذلك غير متعارف عليه عالمياً لان هناك بعض الثقافات تختلف في ارتدائها للون الأسود ، فالحضارة الفرعونية نجد أن المصريين القدماء كانوا يرتدون اللون الأسود في المراسم الجنائزية، وفي عصر السلطان الروماني دقلديانوس الذي ذبح ألف قبطي نجد أن شعب مصر حزن على الشهداء وارتدوا الملابس السوداء .
وأضاف الدكتور وليد هندي، أن اللون الأسود أصبح من المتعارف عليه أنه لون الحزن ، على مستوى العالم العربي ايضاً ، مشيراً إلى أنه في الاساس لا يعبر عن الحزن او الوفاة وإنما هو تقليد للشعوب و عادة متوارثة من جيل إلى جيل.
تأثير اللون الأسود على الصحة النفسية
وأكد الدكتور وليد هندي، أن ارتدائه لفترات طويلة يمكنه أن يبعث حالة الاكتئاب والألم النفسي ويجعل الحزن مداه النفسي أعمق والفترة الزمنية أطول ودائماً يشعر بالخمول وعدم السعادة و وعدم التكيف مع الواقع حتى أنه يمكن أن يسبب تأثير سلبي لا سيما على الأطفال حيث يسبب لهم مرض رهاب الموت.
