الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فرنسا وبريطانيا تتعهدان بزيادات كبرى في الإنفاق الدفاعي لسنوات مقبلة

صدى البلد

تعهدت كل من فرنسا وبريطانيا بإجراء زيادات كبيرة في موازنات الدفاع في البلدين خلال الأسبوع الجاري، وبينما بقي حجم الزيادة المرتقبة في موازنة الدفاع المقبلة لبريطانيا غامضاً وغير معلن بصورة رسمية حتى الآن، قامت فرنسا بالإعلان عن أرقام مفصلة للزيادة المتوقعة لموازنة الدفاع المقبلة التي يتوقع زيادتها بنسبة 7.4 في المائة عن العام الماضي، وبقفزة نسبتها 36 في المائة مقارنة بموازنتها الدفاعية في 2017.
وتقول مجلة "بريكينج ديفينس" الأمريكية إنه بموجب مقترح الموازنة الفرنسية الجديد لعام 2023، فإن الإنفاق الدفاعي لفرنسا سيصل إلى 43.9 مليار يورو (بما يعادل 42.2 مليار دولار أمريكي)، بزيادة قدرها 3 مليارات يورو (2.89 مليار دولار) عن موازنة 2022. وبموجب مشروع الموازنة الراهن، فإن توجه زيادة فرنسا لنفقاتها الدفاعية يتواصل منذ عام 2017، ليرتفع مستواها المقترح بنسبة 36 في المائة من 32.3 مليار يورو (31.1 مليار دولار) في عام 2017، وهو ما يلبي متطلبات حلف "الناتو" ببلوغ النفقات الدفاعية مستوى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. 
ومن المتوقع أن يخضع المقترح الجديد للموازنة الدفاعية الفرنسية، المعلن مساء أمس، للنقاش داخل ردهات الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ (البرلمان الفرنسي بغرفتيه)، على أن يتم إقراره في غضون 70 يوماً من تقديمه، وتشير التوقعات إلى أنه من المرجح أن يحظى بالقبول من النواب، ولا سيما أنه يتماشى مع تشريع سبق للبرلمان الفرنسي التصديق عليه في يوليو 2018 بشأن مسيرة البرنامج العسكري المخطط لها على مدار خمس سنوات في الفترة 2019- 2025. 
ويذهب الجزء الأكبر من الميزانية الدفاعية الفرنسية المقترحة بقيمة 25.6 مليار يورو (24.6 مليار دولار) لبند مشتريات السلاح. أما ثاني بأكبر بنود الإنفاق العسكري فسيخصص للرواتب التي ستصل إلى ما يعادل 12.4 مليار دولار، في ضوء التخطيط لمزيد من التعيينات الجديدة بواقع 29 ألفاً و700 عنصر جديد (من بينهم 24 ألفاً من العسكريين، والبقية من المدنيين)، علاوة على 1500 وظيفة جديدة أخرى في المجالات الدفاعية للفضاء الإلكتروني والاستخبارات. 
وكان وزير الدفاع الفرنسي، سباستيان ليكورنو، أفاد في مطلع الشهر الجاري بأن بلاده بحاجة إلى زيادة مخزوناتها من الذخائر، وهي إحدى القضايا الملحة التي أثارها وزراء الدفاع الأوروبيون في الأشهر الأخيرة. وطالبت الموازنة تخصيص ملياري يورو (بما يعادل 1.93 مليار دولار) للذخيرة، وهو ما يتضمن نوعية متطورة وحديثة لجيل جديد من قذائف جو– جو من طراز MICA التي سيتم إنتاجها في 2023. 
ومن المقرر أن يشهد العام المقبل حصول وحدات الجيش الفرنسي على عدد من التسليحات الحديثة المتطورة، وفق ما أشار إليه مقترح الموازنة الدفاعية للعام المقبل. ويتضمن ذلك 13 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" للقوات الجوية، و13 طائرة "ميراج إم 2000 دي" محدثّة، وثلاث طائرات تزود وقود متعددة المهام من طراز "فونيكس إم آر تي تي"، وطائرتي نقل "أطلس إيه400 إم"، وخمس مروحيات "إن إتش90"، وخمس مروحيات "تايجر"، و15 دبابة قتال محدثة من طراز "ليكتريك"، وسفينة إمداد، وغواصة نووية هجومية، وسفينة مراقبة، وعتاد مضاد للمركبات الجوية المسيّرة وتسع مركبات جوية مسيّرة تكتيكية.
وإضافة إلى ذلك، ستحصل القوات البرية الفرنسية على 264 مركبة مدرعة جديدة من طرازات مختلفة، من بينها 123 "جريفون"، و119 "سيرفال"، و22 "جاجوار". وعلاوة على تلك النفقات خُصص مليار يورو (بما يوازي962.7 مليون دولار) للابتكار كجزء من الـ8 مليارات يورو (7.68 مليار دولار) المخصصة لموازنة البحوث والتطوير. 
وفي السياق ذاته، كشف وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، في مقابلة أجراها مع العدد الأسبوعي لصحيفة "تيليجراف"، عن خطة لمضاعفة النفقات الدفاعية لبلاده بحلول عام 2029 لتصل إلى 100 مليار جنيه إسترليني (بما يعادل 107 مليارات دولار أمريكي)، مقارنة بـ48 مليار إسترليني فقط (بما يوازي 51 مليار دولار) في الوقت الراهن. وتأتي تلك التوقعات والزيادة المرتقبة رغم انحسار قيمة العملة البريطانية والمأزق الاقتصادي الذي تمر به البلاد جراء الخطة الجزئية التي أعلنها وزير الخزانة، كوازي كوراتينج، في 23 سبتمبر الجاري. 
وقال والاس إن رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تروس، تعهدت بزيادة نفقات الدفاع لتصل نسبتها من الناتج المحلي الإجمالي إلى (2.4 بحلول عام 2026، و3 في المائة في عام 2030.).
ومن جانبه، حذر الخبير الاقتصادي في (معهد الدراسات النقدية) IFS، بن زارَنكو، في تصريحات لصحيفة (الجارديان)، من أن رقم 100 مليار جنيه إسترليني "مغالى فيه بصورة كبيرة عن قيمته الحقيقية"، مبيناً أن الزيادة المقدرة بنحو 52 مليار جنيه إسترليني إذا قورنت بأرقام اليوم في ظل قيمتها الحالية الحقيقية فإن الزيادة ستكون 23 مليار جنيه إسترليني فقط، في ضوء عنصري التضخم (الذي يصل إلى حوالي 10 في المائة) من جانب، وتأثير حساب النمو المستقبلي على الجانب الآخر. 
ورغم الزيادة في الإنفاق الدفاعي، لم يتطرق وزير الدفاع البريطاني والاس إلى قضية وقف خطة سابقة لتقليص عديد الجيش البريطاني بنحو 10 آلاف عنصر بحلول عام 2025. وترى المجلة الأمريكية أن تلك المسألة ربما تخضع للتعديل بمجرد صدور مراجعة اجتماعات رئيسة الوزراء تروس مع وزيري الدفاع والخارجية، والمقرر إعلانها بحلول نهاية العام الجاري. 
وقال والاس للصحيفة البريطانية إنه "من المرجح بشدة أن يزيد عديد الجيش لكنها ليست الزيادة التي يرغبها كبار جنرالات الجيش، لأن ما نحتاج إليه بصورة ماسة أن نقوم، على سبيل المثال، بالاستثمار في قدرات الاستخبارات والرصد والاستطلاع ISR. معظم الناس يتحدثون دوماً عن التشكيلات العسكرية- (هل ممكن إعادة البنادق مجدداً)، أو كيف سيكون حالها. نحن أكثر ترجيحاً بأن نحصل على بطاريات مدفعية وراجمات صواريخ، ومزيد من الرصد الاستخباراتي، والمزيد من تقنيات الحرب الكهربائية، وبحاجة حالياً إلى القدرات المضادة للمركبات المسيّرة بدون طيار UAV. إن لم نتمكن من إسقاط تلك المسيّرات الصغيرة، فإننا سنكون أكثر عرضة وهشاشة، وحينذاك لن يهم مَن تكون." 
وعلى غرار فرنسا، شهدت موازنة الإنفاق الدفاعي البريطاني ارتفاعاً متصلاً منذ عام 2016 حين سجلت آنذاك 41.5 مليار جنيه إسترليني (بما يعادل 44.3 مليار دولار)، وهو أدنى مستوى لها منذ 2003. وكانت أكبر قفزة لموازنة الدفاع البريطانية من 44.5 مليار إسترليني إلى 48.6 مليار إسترليني (بما يوازي من 47.5 مليار دولار إلى 51.9 مليار دولار)، قد سُجلت ما بين 2012 و2022، غير أنها زيادة نسبية إذا قورنت بالارتفاع الذي شهدته في موازنة 2010/ 2011، حين اشتد الصراع العسكري في أفغانستان وقفزت فيها الموازنة الدفاعية إلى 48.4 مليار إسترليني (بما يعادل 51.7 مليون دولار).