الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كوابيس ماكرون.. هل تتحول مظاهرات الجوع والبرد والوقود في فرنسا إلى ثورة شاملة؟

احتجاجات فرنسا
احتجاجات فرنسا

لا تزال الاحتجاجات التي دعت إليها أحزاب اليسار الفرنسي متواصلة في شوارع باريس للأسبوع الثاني على التوالي، احتجاجات تأتي على خلفية ارتفاع معدل التضخم ونقص الوقود وأزمة التغير المناخي، فيما يطالب المتظاهرون الحكومة بالتدخل السريع لإيجاد حلول لها.

فبعد أسبوعين من إضراب عمال مصافي النفط، امتدت الاحتجاجات لقطاعات أخرى من الاقتصاد، مع توقعات بتنظيم إضراب مماثل في قطاع الصناعة خلال الأيام القادمة.

التضخم والمناخ والوقود.. لهذا ينتفض الشارع الفرنسي

ودعا تحالف (نوبيس) اليساري الفرنسي إلى تنظيم مسيرة ضد التضخم وأزمة المناخ، قبيل إضراب يشمل القطاع العام بالكامل بعد غد الثلاثاء، معطلا حركة المواصلات في عموم البلاد.

وحسب تقرير أوردته صحيفة بوليتيكو الأوروبية اليوم الأحد، فقد أدى إضراب عمال النفط إلى تعطل مرافقه وخلق طوابير مطولة على محطات الوقود منذ الأسبوع الماضي، خاصة في العاصمة باريس وشمالي فرنسا، ورغم موافقة الاتحادات النقابية على التهدئة، لم تعد الأمور إلى طبيعتها حتى الآن، ومن المرجح أن تتسع رقعة الاحتجاجات مع الدعوات المتصاعدة لامتداد حركة الإضرابات لمختلف القطاعات.

وبعد ارتفاع موجة التضخم في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا، تتزايد حالة الغضب في الشارع الفرنسي، وهناك مخاوف أن يؤدي الإضراب إلى عودة حركة أصحاب السترات الصفراء للاحتجاج مجددا، ومع ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية والكهرباء، تأمل أحزاب اليسار التي لفت نشاطها الأنظار خلال الانتخابات الأخيرة في إثارة الاحتجاجات ضد الحكومة.

وقال جان لوك ميلانشون، أحد قادة تحالف اليسار، قبيل اندلاع الاحتجاجات في لقاء له مع القناة الثالثة بالتلفزيون الفرنسي، إنه يتمنى أن تكون مسيرة اليوم الأحد مظاهرة لاستعراض القوة، وأكد أنها مسيرة الجياع الذين يعانون البرد ويرغبون في تحسين أجورهم.

ومن المتوقع أن يشارك موظفو القطاع العام كالمعلمين وعمال الصناعات النووية والسكك الحديدية في المسيرة المنتظرة يوم الثلاثاء، استجابة لدعوات أطلقتها الاتحادات النقابية الفرنسية.

وتعمل حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجد لإيجاد حلول تنهي إضراب عمال مصافي النفط وتعيد الهدوء إلى الشوارع، وكان الرئيس الفرنسي قد أكد الأربعاء الماضي على ضرورة حل الخلاف بحلول الأسبوع المقبل.

مخاوف من عودة السترات الصفراء

أثار إضراب عمال المصافي الذي أدى إلى نقص إمدادات النفط في ثالث محطة وقود على مستوى فرنسا، القلق من إمكانية عودة ما يسمى بـ "حركة السترات الصفراء" التي اجتاحت مظاهراتها البلاد عامي 2018 و2019، في أعقاب فرض الحكومة ضريبة جديدة على النفط والديزل، وتحولت إلى احتجاج شامل ضد النخب الفرنسية، وبعد أسابيع من الاحتجاجات العنيفة التي أججها قمع الشرطة الوحشي للتظاهرات، اضطرت الحكومة للتراجع وإلغاء الضريبة.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن الاضطرابات الحالية تزيد من فرص وإمكانية عودة الحركة واسعة الانتشار، وقال  برونو جانبرت، أحد منظمي هذه الاستطلاعات، إن إضراب عمال مصافي النفط لا يحظى بشعبية واسعة، لأنه يخلق المشكلات ويؤثر على حياة عامة الناس، واتهم العمال بعدم الاكتراث لإلحاق الضرر بالناس لتحقيق مصالحهم الخاصة، حيث إنهم لا يحتجون من أجل قضايا عامة كتدني المعاشات أو إصلاح التعليم، بل يكافحون من أجل تحسين أجورهم فقط.

وتعالت أصوات المضربين ضد إدارة عمالقة النفط "توتال إينرجي" و"إيسو إيكسون موبيل"، احتجاجًا على ظروف العمل السيئة، وبحلول يوم الجمعة الماضي ظهرت انشقاقات في صفوف الحركة، بعد موافقة بعض النقابات العمالية على صفقة لرفع الأجور مع شركة توتال إينرجي.

وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، إنها ترى مؤشرات على تحسن الوضع مع استئناف حركة الإمدادات في بعض مستودعات النفط، إلا أن إحدى أكبر النقابات العمالية تعهدت بمواصلة الإضراب.

وحسبما قال جانبرت، فإن المحتجين قد يتمادون في تحدي الحكومة إذا نجحوا في نشر الإضراب في قطاعات عامة أخرى تستفيد من الدعم الشعبي القوي، كالمعلمين وأطقم الخدمات الصحية، وأضاف جانبرت أن هناك توترا متصاعدا في أوساط المعلمين في ظل صعوبة توظيف المزيد منهم ومشاكل رفع الأجور، ولكن الغضب المكتوم فيما بينهم يجعل من الصعب التأكد من مشاركتهم في الاحتجاجات.

وعلى الرغم من أن إضعاف دور النقابات العمالية في الحياة العامة في فرنسا قد يكون في صالح الحكومة، إلا أنه قد يؤدي إلى خروج زخم الاحتجاجات عن السيطرة بشكل لا يمكن التنبؤ به.

ويتابع ماكرون التحول في الرأي العام عن كثب، بينما يستعد لإجراء إصلاحات في نظام المعاشات قريبا.