الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهجوم على منزل نانسي بيلوسي.. حادث فردي عابر أم بداية دوامة من الفوضى؟.. والصورة الكاملة تكشف تفاصيل مخيفة عن العنف السياسي في أمريكا

الكونجرس
الكونجرس

بينما يستعد الناخبون الأمريكيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأسبوع المقبل، وتحتدم المنافسة كالعادة بين مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري، اقتحم مهاجم منزل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أمس الجمعة، واعتدى بالضرب على زوجها ليتبين فيما بعد أنه كان يستهدفها هي.

انتخابات التجديد النصفي.. الشحن مستمر

وأثار الحادث، مخاوف بشأن كونه بداية دائرة من العنف السياسي المنفلت، لا سيما وأن وزعت الحكومة الأمريكية نشرة على وكالات إنفاذ القانون بعد ساعات قليلة من الهجوم على منزل بيلوسي، تحذر من "تهديدات متصاعدة" من جانب متطرفين لديهم دوافع أيديولوجية للعنف ضد المرشحين في الانتخابات والعاملين في الجهات المنظمة لها.

وأعلنت وزارة العدل الأمريكية، أمس الجمعة أيضًا، أن رجلًا من ولاية بنسلفانيا أقر بالذنب في اتهامات موجهة له بإجراء مكالمات هاتفية لتهديد أحد نواب الكونجرس، وفي مكالمة أجراها مع أحد موظفي مكتب النائب، هدد المتهم بأنه سيتوجه إلى مبنى الكونجرس مسلحًا بسلاح ناري.

تأتي تلك التطورات والحوادث فيما الولايات المتحدة على انتخابات تجديد نصفي يحشد لها الديمقراطيون والجمهوريون بكل قواهم، ويستنفر كل فريق منهما بالترويج لكونها انتخابات مصيرية تُجرى في لحظة مفصلية من تاريخ البلاد.

وخلقت الدعاية السياسية للمرشحين من كلا الفريقين استقطابًا حادًا وحالة من الشحن الانفعالي في أوساط الناخبين، فالجمهوريون الذين لا يتمتعون بأغلبية في أي من مجلسي الكونجرس، النواب والشيوخ، يحذرون من أن جولة الانتخابات النصفية القادمة هي الفرصة الأخيرة لوضع حدود لسياسات إدارة الرئيس جو بايدن الديمقراطية غير المرضية للجمهوريين، والديمقراطيون بدورهم يزعمون أن الديمقراطية الأمريكية نفسها ستكون في خطر حال فوز الجمهوريين بأغلبية في أي من المجلسين أو كليهما، لأن عددًا كبيرًا منهم يرفض الاعتراف بشرعية نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 2020 التي أوصلت بايدن إلى قمة السلطة.

تهديدات بالقتل للسياسيين الأمريكيين

وتلقت السلطات في ولاية أريزونا الأمريكية مؤخرًا عدة بلاغات عن أشخاص ملثمين ومدججين بأسلحة نارية يحومون حول مراكز الاقتراع، كما تزخر صفحات النشطاء والجمعيات اليمينية على مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات التهديد والدعوات للناخبين بممارسة العنف.

وفي يونيو الماضي، أُلقي القبض على رجل كان يحوم حول منزل القاضي المحافظ بالمحكمة العليا الأمريكية بريت كافانو، وتبين أنه قطع مسافة طويلة من ولاية كاليفورنيا إلى واشنطن العاصمة، ثم اتصل بالشرطة بعد وصوله وأبلغها أنه يحمل سلاحًا ناريًا وينوي قتل قاضي المحكمة العليا.

وفي الشهر التالي، تعرض المرشح الجمهوري لمنصب حاكم ولاية نيويورك لي زيلدين لاعتداء بينما كان يلقي خطابا في فعالية انتخابية، وتعرضت عضو الكونجرس الديمقراطية براميلا جايبال لتهديد من رجل مسلح أمام منزلها بمدينة سياتل.

وتلقت النائبة الجمهورية بالكونجرس مارجوري تايلور جرين عدة مكالمات تهديد من مجهولين، انطوى بعضها على تهديدات صريحة بالقتل، وتوجهت الشرطة عدة مرات إلى منزلها تحسبًا لتنفيذ تلك التهديدات.

ولا تُعد حوادث العنف السياسي جديدة أو غريبة على المشهد السياسي الأمريكي، وهناك حوادث مشهورة في هذا الصدد تستعيدها الأذهان، ففي يونيو 2017 فتح مسلح النار في ملعب للبيسبول بولاية فرجينيا أثناء مباراة شارك فيها عدد من الساسة الجمهوريين وأصاب عدد منهم، وفي أغسطس من نفس العام دهس رجل بسيارته حشدًا من المتظاهرين ضد العنصرية في ولاية فرجينيا أيضًا.

سحب العنف السياسي تحتشد

وتنبئ البيانات المعلنة من جانب شرطة الكونجرس، بأن موجة من العنف السياسي تقترب، وتكشف البيانات أن عدد التهديدات الموجهة لأعضاء الكونجرس يتزايد باطراد منذ عام 2017، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري فحسب سجلت شرطة الكونجرس أكثر من 1800 واقعة اعتداء أو تهديد بالاعتداء.

ويضم الكونجرس بمجلسيه 435 عضوًا، وتجعل تلك التهديدات من مهمة حمايتهم كابوسًا أمنيًا مستمرًا، فما أسهل أن يجد شخص مؤمن بالعنف السياسي طريقه إلى أحد أعضاء الكونجرس أو حتى أي سياسي خارج الكونجرس أو أسرة أي شخصية عامة.

وتكشف واقعة الاعتداء على منزل بيلوسي في ولاية فرجينيا خللًا أمنيًا خطيرًا، فبينما كانت رئيسة مجلس النواب في واشنطن على بعد مئات الأميال، تعرض منزلها لاعتداء كانت هي المستهدفة منه بالأساس، لكن زوجها هو من وقع ضحيته في النهاية، إذ أن نواب الكونجرس وكبار مسئولي الحكومة هم وحدهم من يتمتعون بالحراسة دون أفراد أسرهم.

ومع تفاعل الناخبين الأمريكيين داخل فقاعات سياسية مغلقة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الأخبار الانتقائية التي تشحنهم بالمزيد من أسباب الخوف والغضب، سيكون من السهل على عدد كبير منهم التحول إلى تبني العنف، وسيكون من السهل على أي متطرف مسلح أن يعثر على خصومه المستهدفين من السياسيين وأفراد عائلاتهم.