الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نزوح الملايين واختفاء مدن بأكملها.. التغيرات المناخية أشد خطرا من الحروب

التغيرات المناخية
التغيرات المناخية

يعاني العالم من التأثيرات السلبية لـ التغيرات المناخية، مما يجعل من قضية المناخ تحظى باهتمام الجميع خاصة في أوساط الباحثين المعنيين بمشكلات البيئة وضرورة المحافظة عليها.

فمن موجات الحرارة والجفاف إلى انخفاض الدخل الفردي والقومي، تعيد الأزمة تشكيل وعي البشر وسلوكهم، ويجتهد العلماء في إيجاد حلول لها على الصعيدين البيئي والاقتصادي على حد سواء.

التغيرات المناخية تهدد الملايين

وحذر مسؤولون عدة من أن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى نزوح ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط، مع ما يرافق ذلك من خطر توسع للمدن مضر بالبيئة، واحتمال اندلاع نزاعات على الموارد.

ومع ندرة الأمطار وموجات الحر الشديدة والجفاف، قد تؤدي التغيرات المناخية إلى نزوح ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط، أكثر مناطق العالم افتقاراً إلى المياه، مع ما يرافق ذلك من خطر توسع للمدن مضر بالبيئة.

ومن جانبه، صرح حسين أبو صدام نقيب الفلاحين - بأن الشباب تهاجر من المناطق الريفية إلى المدن الكبيرة للعمل، ويرى أن عوامل مناخية تقف وراء هذه الهجرة.

ويقول الدكتور أحمد عبدالعال رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، إن التغيرات المناخية تزداد في العالم يوما بعد يوم بسبب زيادة معدلات الاحتباس الحراري الناجم عن الأنشطة الاقتصادية والإنسانية المختلفة خاصة من قطاعات توليد الطاقة وقطاع النقل والقطاعات الصناعية المختلفة ومرافق المخلفات وغيرها من القطاعات، التي يتولد عنها غازات الاحتباس الحراري المسببة لظاهرة الاحترار العالمي والتي تتسبب بدورها في التغيرات المناخية. 

وأضاف عبدالعال - خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن من أهم آثار التغيرات المناخية علي العالم هو ذوبان الجليد ومن ثم ارتفاع مستوي سطح البحار والمحيطات ما قد يؤدي لاختفاء دول او جزر أو أجزاء منها، فالأمر لن يقتصر على ما هو على سطح الأرض، بل سيصل إلى ما تحت البحر.

وأشار عبدالعال - إلى أن ارتفاع درجة الحرارة سيؤثر علي الموائل الطبيعية البحرية والبرية مما سيؤثر علي الكثير من الكائنات البرية والبحرية، وهو ما سيؤثر بدوره علي الأمن الغذائي العالمي وما يستتبعه ذلك من موجات نقص غذاء ومجاعات ومن ثم سوء تغذية  وإرتفاع معدلات الوفيات و الأمراض وانخفاض مستويات الصحة العامة، كما سيسهم في استفحال الصراع الإقليمي والعالمي علي الموارد الطبيعية والمائية وعلي توافر الغذاء.  

التغيرات المناخية تفرض تحديا 

وتابع: "التغيرات المناخية تفرض تحديا وجوديا علي البشرية، فلابد من تكاتف عالمي لسرعة التصدي لهذه الظاهرة، وهو ما يتمثل في مؤتمر المناخ الذي سوف يعقد في شرم الشيخ خلال شهر نوفمبر القادم".

وتعد إفريقيا أكثر القارات تأثيرات بتلك التغيرات، ولذلك تعد أكثر الدول التي تحاول مواجهة التغيرات، إلا أن بروز أزمة التغير المناخي عكست الإخفاقات المؤسساتية لدوله، وقد انتهج "الاتحاد الأفريقي" سياسة مواجهة هذا التحدي وآثاره في شعوب القارة بوضع العديد من المبادرات والاستراتيجيات، وأهمها استراتيجية تغير المناخ لعام 2014.

وباعتبار كثافتها السكانية العالية فإن أفريقيا تقع في نطاق مهدد بالشح المائي وتتعرض إلى تداعيات سلبية للتحول المناخي، بسبب اعتمادها على الزراعة على رغم كثرة مواردها الأخرى، مما يؤثر في وفرة الغذاء والأمن القومي لدولها.

وقال محمد أداو مدير مركز أبحاث المناخ والطاقة في نيروبي، "كانت أفريقيا من الجهات الأقل تأثيراً في التغير المناخي، إلا أنها ستواجه أشد العواقب، وهو أمر غير منصف على الإطلاق".

وسبق، ودفعت الكوارث الطبيعية المتكررة في العام 2021 لـ 3 ملايين شخص تقريباً إلى مغادرة ديارهم في أفريقيا والشرق الأوسط.

وما لم يتم العمل على الحد من التغيرات المناخية، يرى البنك الدولي، أنه سيكون هناك بحلول العام 2050، 216 مليون مهاجر لأسباب مناخية إذ ستضطر عائلات بكاملها إلى النزوح داخل بلدانها وسيشمل النزوح 19.3 مليون في دول شمال أفريقيا الخمس.

شح المياه والتغيرات المناخية

ومن ناحية أخرى، يعد شح المياه أحد ملامح التغير المناخي، وقد بدأت آثاره تتضح في أفريقيا، من واقع صعوبة وصول كثير من المجتمعات النائية في دول القارة إلى المياه، إما بسبب هشاشة البنية التحتية أو التهميش الاقتصادي الناتج من مصاعب سياسية أو بسبب النزاعات المسلحة. وتتوقع بعض الدراسات أنه "بحلول عام 2025 سيواجه ما يقرب من 230 مليون أفريقي ندرة المياه، وسيعيش ما يصل إلى 460 مليوناً في المناطق التي تعاني الإجهاد المائي".

ويلعب شح المياه دوراً مزدوجاً، ففي وقت يصعب وصول السكان إلى المياه بسبب النزاعات الإثنية والقبلية والسياسية، تعد ندرة المياه أيضاً سبباً في نشوب النزاعات، ومنها النزاعات على المياه حول بحيرة تشاد وفي مناطق متفرقة من السودان على مناطق الزراعة والرعي التي تتوافر فيها مياه الأمطار والمياه الجوفية.

وفي كينيا وإثيوبيا حالات عنف مماثلة بسبب الصراع على الموارد المائية، كما قتل أكثر من 167 في دولة مالي وفر أكثر من 50 ألف من منازلهم خلال أعمال العنف التي اندلعت عام 2019 بسبب شح المياه، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وتتوقع الأمم المتحدة انخفاض المحاصيل الزراعية بنسبة 20 في المئة كل عقد بحلول نهاية هذا القرن في بعض أجزاء منطقة الساحل الأفريقي، وبروز أزمات أخرى قد تؤدي إلى نزاعات دولية مثل أزمة سد النهضة بين إثيوبيا من جهة والسودان ومصر من جهة أخرى.

كما فاقم النزاع حول المياه أزمة النزوح، إضافة إلى جفاف بعض البحيرات والأنهار الأفريقية التي كانت توفر المياه للمجتمعات المحلية حولها، وهو جزء من الأزمة العالمية التي جاءت في تقديرات الأمم المتحدة بأن "بعض آثار النزوح بسبب المناخ أصبحت محسوسة بالفعل في جميع أنحاء العالم، وأن ما معدله 21.5 مليون شخص حول العالم يتشردون بسبب الكوارث المفاجئة كل عام".

والجدير بالذكر، أن مصر قامت نيابة عن القارة الإفريقية في التفاعل مع قضايا المناخ، والتي ظهرت في شكل مفاوضات رسمية، حيث تولت مصر رئاسة مجموعة الـ 77 للدول النامية والصين خلال عام 2018، ومجموعة المفاوضين الأفارقة لتغير المناخ عامي 2018 و2019، ورئاسة لجنة القادة والرؤساء الأفارقة المعنيين بتغير المناخ.

وكذلك مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة أعوام 2015 و2016، والمبادرتين الأفريقيتين اللتين أطلقهما الرئيس السيسي للتكيف والطاقة المتجددة خلال الدورة الـ 15 لمؤتمر الأطراف في باريس في 2015، وخلال قمة الأمم المتحدة للمناخ في 2019 ترأست مصر بالشراكة مع جمهورية مالاوي والمملكة المتحدة تحالف التكيف والتحمل ممثلة عن القارة الأفريقية، والرئاسة المشتركة لمجموعة أصدقاء التكيف في نيويورك.