قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

خطبتا الحرمين .. تؤكدان : الأمم السالفة امتحنها الله بفتن .. والعاقل من وضع المال في يده لا قلبه

خطبتا المسجدين الحرام والنبوي
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام:

  • إننا في دنيا الفتن المُدْلهمة وواقع التحديات المُحْدِقة بالأمة
  • وظيفة المسلم في الحياة إخلاص العبودية لله وحده لا شريك له
  • الشريعة حرصتعلى تحقيق مجتمع متماسك بعيدا عن إثارة الفتن والشبهات
  • مشاهير التواصل الاجتماعي ينشرون على الناس طعامهم وشرابهم ومجالسهم ويخترقون أستار الأُسَر والبيوتات
  • استثمروا الشهرة بالدعوة إلى الدين الحق وخدمة الأوطان وتنميتها وأمنها وكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر

خطيب المسجد النبوي:

  • العاقل من وضع المال في يده ولم يجعله في قلبه واتقى الله فيه
  • المال الحرام وإن كثر فهو ممحوق البركة جالب للشؤم والمصائب مانع للسعادة مغضب للرب
  • المال نعمة من الله عظيمة به تعمر الأرض وتفرج الكروب وتقضى الحاجات
  • كل ما في الأرض من الطيبات فالأصل فيه الإباحة للخلق ليستعينوا به على طاعة الله
  • جميع الأمم السالفة امتحنها الله بفتن وفتنة هذه الأمة المال
  • من عامل الناس بالمال وشهدوا له بالصدق فذلك دليل على كمال ديانته
  • جاءت النصوص بالوعيد الشديد لمن وقع في شرك الشيطان فأكل أموال الناس بالباطل

تناولت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي ، فتنتين من أخطر فتن العصر الراهن ، وهما حب الشهرة والمال، حيث إن شهوة الشهرة وحب الظهور بين للناس يُعكر صفو الإخلاص، ويشق عصا الوحدة دون مناص؛ والذي ضاعفت من خطورته منصات التواصل الاجتماعي التي هتكت ستر البيوت، ومن ناحية أخرى حذرت من المال الحرام حيث إنه إذا كثر فهو ممحوق البركة جالب للشؤم والمصائب مانع للسعادة مغضب للرب يمنع استجابة الدعاء.

ومن مكة المكرمة، قال الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس ، إمام وخطيب المسجد الحرام، إننا في دنيا الفتن المُدْلهمة، وواقع التحديات المُحْدِقة بالأمة، وفي عالمٍ اعْتَسَفت طرائق الحَقِّ الصُّرَاح فيه أقوال خاطئات، وتصوُّرَات عن الصَّوَاب جَانِحَات، ووسائل ومستجدات وتحولات وأزمات.

وقفة جادة

وأوضح "السديس" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه لذلك يجدر بنا أن نقف وقفة جادة، لاستشراف المستقبل ورسم آفاقه، واستنطاق أمدائه وأعماقه، في ضوء عقيدة صافية، وقيم سامية مستقرة في أعماق السُّوَيْدَاء، تنداح بها الروح في ذوائب العلياء، فلقد جاء الإسلام بِعَقِيدَةِ التَّوحِيدِ الخَالِصَةِ؛ كما هي دعوة الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-.

وأضاف أن تلك هي وظيفة المسلم في الحياة: إخلاص العبودية لله وحده لا شريك له، قال الله سبحانه وتعالى:﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ~ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾، منوهًا بأنه لما استبدل بعض الناس في أعقاب الزمن بنور الوحيين سواهما استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فأعرض فئام عن منهج النبوة والصحابة والسلف الصالح خير القرون.

ابتُلُوا بالفِرَق

وتابع: وابتُلُوا بالفِرَق والاختلافات، والطوائف والانقسامات، يضخمون الهنات، ويتتبعون الهفوات، وينشغلون بالكبوات، فخالفوا صحيح المنقول وصريح المعقول، واتبعوا أهواءهم : ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ الآية 50 من سورة القصص، مشيرًا إلى أنه قد حرصت الشريعة الغراء على تحقيق مجتمع متماسك بعيدًا عن إثارة الفتن والشبهات، وأمرنا رب العالمين جل وعلا ، أن نعتصم بحبله المتين.

واستشهد بما قال الله سبحانه وتعالى : ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ الآية 103 من سورة آل عمران ، والسلف -رضي الله عنهم- كانوا بعيدين كل البعد عن مسالك الفرقة والخلافات والتقسيمات والتصنيفات، ومن سار على دربهم وهُدَاهم، جعلنا الله تعالى وإياكم منهم بمنه وكرمه، قائلا: أوصيكم ونفسي بتقوى اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ التَّقْوَى نُورُ القُلُوبِ إِلَى خَشْيَةِ اللَّهِ وَمِشْكَاتُهَا، وَسَبِيلُ مَحَبَّتِهِ وَمِرْقَاتُهَا، وَبُرْهَانُ رَهْبَتِهِ وَدَلاَلاَتُها، قال الله تعالى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ الآية 26 من سورة الأعراف، وقال الله سبحانه وتعالى : ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ الآية 13 من سورة الحجرات .

وأفاد بأنه مما يُعكر صفو الإخلاص، ويشق عصا الوحدة دون مناص؛ حب الظهور بين الناس، بل قل إن شئت: شهوة الشهرة وسطوة الظهور، منوهًا بأنه من المؤلم حقًّا أن نرى بعضهم يسعى إليها سعيا حثيثا حتى أنه لا يرى في الدنيا شيئا غيرها، وربما تخلى عن قِيَمِهِ ومبادئه، أو أخلاقه وعقيدته، من أجل سراب خادع يحسبه الظمآن ماءً، مشيرًا إلى أنه قد كان سلفنا الصالح -رضي الله عنهم- يكرهونها بل ويفرون منها، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لباس الشهرة ورتب عليه الوعيد لمخالفته إجماع المسلمين، يقول سفيان الثوري ~: إياك والشهرة؛ فما أتيتُ أحدًا إلا وقد نهى عن الشهرة.

واستشهد بما قال بِشْرُ بن الحارث: مَا اتَّقَى اللهَ مَنْ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ، وقال ثابت البناني: قال لي محمد بن سيرين: لم يكن يمنعني من مجالستكم إلا خوف الشهرة، وقال إمام أهل السُنَّة أحمد بن حنبل:"أُرِيْدُ أَنْ أَكُوْنَ فِي شِعْبٍ بِمَكَّةَ حَتَّى لاَ أُعرَفَ، قَدْ بُليتُ بِالشُّهرة"، الله أكبر، وهو المستعان، وعليه التكلان، ونعوذ به من الخذلان.، هكذا مضى سلفنا الصالح على هذا المنهاج، وكان هذا دِينهم ودَيْدَنهم، فأين هذا من أقوام غلبهم حب الشهرة.

غلبهم حب الشهرة

وتابع: خاصة في هذا الزمان الذي عظمت فيه الفتنة بمن يُسمون: مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي؛ فنحن في عصر الثَّوْرَة التِّقَانِيّة المذهلة، التي أسْفرت عن وسائل الاتصال السريعة المُتطوِّرة، فَخوَّلَتِ الإنسان أنْ يَتَواصل مع من شاء في أيِّ مكان من المعمورة، وفي أيّ وقت، في بثٍّ مُبَاشِرٍ مُفَصَّل، يَحْمِل الصَّوت والصُّورَة مَعَا.

وأشار إلى أنهم ينشرون على الناس طعامهم وشرابهم ومجالسهم، ويتعرضون للخصوصيات، ويخترقون أستار الأُسَر والبيوتات...!!! ، فيا لله كم جنت هذه المسالك على الأمة في عصرنا الحاضر، وأصبح الناس يعقدون المقارنات بين واقعهم الذي يعيشونه وبين ما يرونه على الشاشات، فكثرت المشكلات الأسرية، وشاعت الضغائن والأحقاد، والحسد والغيرة وغيرها من أمراض القلوب والنفوس.

وتابع: فيا لله كم جنت هذه المسالك على الأمة في عصرنا الحاضر، وأصبح الناس يعقدون المقارنات بين واقعهم الذي يعيشونه وبين ما يرونه على الشاشات، فكثرت المشكلات الأسرية، وشاعت الضغائن والأحقاد، والحسد والغيرة وغيرها من أمراض القلوب والنفوس، لافتًا إلى أن الزرازيرَ لما قـامَ قائمُها توهَّمَت أنها صارَت شَواهينا، بَيادِقٌ ظَفِرَتْ أيدي الرِخَاخِ بها ولو تركناهم صادوا فَرازينا.

لباس الشهرة العاري

ونبهت إلى أنه امتطى بعضهم لباس الشهرة العاري بالطعن في العقائد والثوابت والأعراض والرموز والقدوات، وهذا من الإفك المبين والكذب الصراح والبهتان العظيم، والتشبع بما لم يعط المرء، ولا عزاء للرعاع والإمعات أتباع الناعقين وأشياع المراقين، ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾، ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

وأكد أنه ليست الشهرة مرادة في ذاتها، فقد تتفق للرجل فإذا صبر علي حقها فإنه لا حرج عليه، والخفاء كذلك لا يُراد لذاته، وإنما الذي يُراد أن يراك الله حيث أمرك وأن يفقدك حيث نهاك، وهذه هي تمام المسؤولية التي خلقنا الله من أجلها، وإنَّ ضَيَاع هذه المسؤولِيّة، والتهوين من شأنِها، والحَطِّ مِن قدْرِها، هو البلاء الذريع، والشَّرُّ الخَفِيُّ الشَّنيع، تلكم المسؤولِيَّة الحَقَّة، التي تَسْتشْعِر خَشْيَةَ اللهِ مع كُلِّ قَبْسَةِ قَلَمْ، وهَمْسَةِ فَمْ، فهي حقًّا لمن يستشعر عِظَم المسؤولية وثقل الأمانة مغارم لا مغانم، وتبعات تستوجب صادق الدعوات وإنكار الذات كما كان هدي سلفنا الصالح عليهم من الله سوامق الرحمات.

ولفت إلى أنه في الوقت نرى كثيرًا من أبناء الأمة هَمَّه في لَيْلِهِ ونهاره أن يكون مشهورا معروفا، مهما كلفه ذلك، ودون النظر في عواقب الأمور ومآلاتها، ونطقت الرويبضة، وتحدثت الغوغاء والمفاليس في أُطروحات وخصوصيات وتفاهات وغثائيات، وعامة المجتمعات تعيش إدمان مطالعة هذه الشبكات المحمومة والفضاءات المسمومة، منوهًا بأن مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي امتطى بعضهم لباس الشهرة العاري بالطعن في العقائد والثوابت والأعراض والرموز والقدوات.

وأضاف أن هذا من الإفك المبين والكذب الصراح والبهتان العظيم، والتشبع بما لم يعط المرء، ولا عزاء للرعاع والإمعات أتباع الناعقين وأشياع المراقين، ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾، ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، لافتًا إلى ليست الشهرة مرادة في ذاتها، فقد تتفق للرجل فإذا صبر علي حقها فإنه لا حرج عليه، والخفاء كذلك لا يُراد لذاته.

تمام المسؤولية

وتابع: وإنما الذي يُراد أن يراك الله حيث أمرك وأن يفقدك حيث نهاك، وهذه هي تمام المسؤولية التي خلقنا الله من أجلها، وإنَّ ضَيَاع هذه المسؤولِيّة، والتهوين من شأنِها، والحَطِّ مِن قدْرِها، هو البلاء الذريع، والشَّرُّ الخَفِيُّ الشَّنيع، تلكم المسؤولِيَّة الحَقَّة، التي تَسْتشْعِر خَشْيَةَ اللهِ مع كُلِّ قَبْسَةِ قَلَمْ، وهَمْسَةِ فَمْ، فهي حقًّا لمن يستشعر عِظَم المسؤولية وثقل الأمانة مغارم لا مغانم، وتبعات تستوجب صادق الدعوات وإنكار الذات كما كان هدي سلفنا الصالح عليهم من الله سوامق الرحمات.

وأشار إلى أنه على إثْرِ بَعْضِ الغوائل السُّلُوكيَّة، والجنُوحات المَأزومَة الفكريَّة، لفئام ممن تلبسوا بالظهور الدائم، وانتشر أمرهم بين الأنام؛ لَزِم الأمَّةَ: ساستها وعُلَمَاءها ودُعاتها، ونُخَبَ الفِكر والثَّقافة والإعلام؛ وكذا النَّصَفَة في العَالَمِين لَزِم الجميع بِشَتَّى الوَسَائل والقنوات التَّوَارُدِ على التّحذير مِن هذا الأمْرٍ العظيم الذي زاد المَرَارَة على الواقِع، والخَرْق على الرَّاقع، بل وسن الأنظمة الحازمة، ووضع الجزاءات الرادعة؛ لضبط المسارات وتوجيه الدَّفة وتحديد الموضوعات؛ صونا للقيم، وحفظا للأخلاق الفاضلة والشيم، وإذكاءً للذوق العام.

قال : أيها المشاهير يَا مَنْ لكم مكان ومكانة في نفوس الأتباع من خلال الاستكثار من المتابعين والشهرة الإعلامية والتقانية، تَجَافَوْا بِعَزَائمِكم عن المَعَرَّات والإهمال، واسْمَوْا بِصِدْقكم وإخْلاصِكم عَن التَّقَاعُسِ والمِطَال، واسْتَمْجِدُوا بِهِمَمِكم عظيم المقاصِد والطُّمُوحَاتِ الغَوَالْ، و استثمروا الشهرة بالدعوة إلى الدين الحق وخدمة الأوطان وتنميتها وأمنها، وكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وسخروا شهرتكم في الحفاظ على ثوابت الدين والقيم، والذب عن أعراض المسلمين وبيان الحق ونصرته، قائلاً: ولله در مشاهير الخير الذين سخروا شهرتهم في نشر العلم النافع والعمل الصالح والقيم النبيلة والأهداف السامية.

وأوضح أن الإتقان لَهُ سُطوع، والتَّفَانِي والإبْدَاع له ذُيوع، والإنْتاج والتطوير لِبَهَائِه لُمُوع. ويَا حَبَّذَا ثُمَّ يا حَبَّذَا، مَا يتَطلَّعُه الوَاعون الأخيار مِن أبناء الأمّة مِن ذَوِي الهمم العالية، مِن التَّحَقُّقِ بِهَا وإدْرَاك أبْعَادِها عَلَى أسْمَى وجوهها وحَقائقها التي تُسْلِمُنَا –بِإذن الله- إلى أحْسَن الغايات، وأَبْهَج النّهَايات، ومَا ذلك على الله بعَزيز، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، نفعني الله وإياكم بهدي الكتاب، وبسنة النبي الأواب، وبارك لي ولكم في الوحي، وبهدي المصطفى خير هدي.

وأشار إلى أنه لا تَتَحقَّقُ أهلية من ذاع صيته، وانتشر في الناس اسمه ورسمه إلا بتحققه المسؤولِيَّة في أجْلَى مَظَاهِرِها، وآرَجِ أزاهِرِها، يُتَوَّجُ ذلك بَمَعَاقِدِ الصدق والرِّفْق والحِلم والحكمة وصالح الأخلاق والقيم، وإلاَّ مَتَى سَارَتْ في رِكَابِ الشِّيَمِ، التي تنِم عَنِ النَّبَاهة البَارِعَة، والرّوح الإسلامِيّة الفَارِعة، وبِقدْر عِظم المَسْؤولِيَّة، ومَوطِن التَّشرِيف والتَّكْلِيف، يعظم قدره، ويعظم في الناس أثره.

بشارات لمستهدفي التواصل الاجتماعي

وتابع: لاسيما في البقاع الشريفة، والأماكن المنيفة، ويا لهناء مَنْ شَرُفَ بالخدمة فيها ونفع قاصديها، حيث تتجلى ضَرُورَة الإخلاص لله واللجأ إليه، واستمداد العون والتوفيق منه سبحانه، ألا وإن مِنْ فضل الله وعظيم آلائه وجزيل نعمائه ما مَنَّ به على هذه الأمة مِنْ تمكين الحرمين الشريفين، وما ينعمان به من أمنٍ وأمان وراحة واطمئنان، وما هَيَّأ لهما من قيادة أريبة حكيمة تشرف بخدمتهما ورعايتهما.

واستطرد: وتقدم لقاصديهما منظومةً متكاملةً من بديع الخدمات لتحقيق جليل الآمال والطموحات، وتستمر المسيرة المعطاء، مع بداية عامها التاسع في خدمة الإسلام والمسلمين في شتى البقاع ومختلف الأصقاع، وهنا تُؤَكَّد البيعة الشرعية على السمع والطاعة لولاة أمرنا أعزهم الله، وعلى الكتاب والسنة عقيدة وعبادة، وقربة نتقرب بها إلى الله، وثقة فيما عنده سبحانه، في نأي بالنفوس عن المهاترات والتطاولات، والملاسنات والمزايدات، وزَمٍّ لها عن الانسياق وراء شنيع الشائعات والأراجيف الكاذبات، والحملات الممنهجة المفضوحة المدحورة ضد الإسلام وأهله وهذه البلاد وقادتها وعلمائها.

ووصل : وأنتم يا أيها المستهدفون البُرَءَاءُ، هنيئًا لكم ويا بشراكم، ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ في دينكم ودنياكم، صبر ونصر ورفعة ومضاعفة للحسنات ورفعة للدرجات، تلك ضريبة النجاحات والامتيازات، والطريق سابلة، والسنة جارية، والحق يعلو ولا يعلى عليه، ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾.

ومن المدينة المنورة ، قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن المال الحرام وإن كثر فهو ممحوق البركة جالب للشؤم والمصائب مانع للسعادة مغضب للرب.

المال الحرام

وأوضح " القاسم " خلالخطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن رفع العبد يديه إلى السماء لا يستجاب دعاؤه، والعاقل من وضع المال في يده ولم يجعله في قلبه واتقى الله فيه، خرج رفاعة رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال: يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق".

وأكد أن المال الحلال وإن كان قليلا فهو كثير مع القناعة وهو خير للعبد من التنافس في المال من غير ورع ولا هدى من الله، قال عليه الصلاة والسلام: "والله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم"، وقال تعالى: " يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأْكُلُوٓاْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍۢ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا "

المال نعمة

وأشار إلى أن المال نعمة من الله عظيمة به تعمر الأرض وتفرج الكروب وتقضى الحاجات، وتؤتى المروءات وتكتسب المحامد، قال عليه الصلاة والسلام: "نعم المال الصالح للمرء الصالح"، ولا يقوم عيش الناس إلا بالمال، ولذلك زين لهم وحبب إلى نفوسهم، قال جل شأنه: " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ".

وأفاد بأن كل ما في الأرض من الطيبات فالأصل فيه الإباحة للخلق ليستعينوا به على طاعة الله، وسنة المرسلين وأتباعهم أخذ الحلال والأكل من الطيبات، وجميع الأمم السالفة امتحنها الله بفتن وفتنة هذه الأمة المال، قال عليه الصلاة والسلام: "إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال"، والعبد مسؤول قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ما له من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه".

وأضاف أن معاملة الناس بالمال ميزان الأخلاق وميدان المروءات، فمن عامل الناس بالمال وشهدوا له بالصدق فذلك دليل على وفور عقله وكمال ديانته، وحقوق العباد فيما بينهم مبنية على المشاحة، لذا نهى الله عباده أن يأكل بعضهم أموال بعض، ولما في ذلك من إذكاء الشحناء والعداوات والبغضاء.

كحرمة الدماء

واستشهد بما قال سبحانه وتعالى: " لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ "، وحرمة المال كحرمة الدماء والأعراض، والمعاملة بين الناس بالمال من أصول المباحات التي لا غنى للناس عنها في حياتهم، ولا يتم انتفاعهم واستمتاعهم بذلك إلا مع الصدق والأمانة، وللشيطان مداخل عديدة في معاملات الناس المالية ليوقعهم فيما حرم عليهم، وقد جاءت النصوص بالوعيد الشديد لمن وقع في شرك الشيطان فأكل أموال الناس بالباطل.

تابع: والله سبحانه عظيم لا يحلف باسمه إلا في أمر عظيم، والمؤمن يتنزه عن الحلف في المعاملات، فمن حلف صادقا على سلعة ليرغب الناس فيها نزعت بركة ماله، قال عليه الصلاة والسلام: "الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة"، ومن حلف كاذبا على سلعة لتروج في الناس فقد جمع بين قبائح ثلاث: الكذب والتهاون بالله وغرر المشتري.

ودلل بما قال أبو ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا يكلم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم"، قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار، قال أبو ذر خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟، قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"، والوفاء بالعقود وحفظ العهود وأداء ما تشارط الناس عليه من محاسن الدين التي أمر بها.