الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحول الذكور إلى إناث واختفاء المستردة.. نتائج غريبة لـ تغير المناخ

نتائج غريبة لـ تغير
نتائج غريبة لـ تغير المناخ

يشكل تزايد وتيرة وشدة ظواهر كالفيضانات والجفاف وارتفاع درجات الحرارة الناتجين عن تغير المناخ خطرا كبيرا على التنوع البيئي في مختلف أنحاء العالم، حيث يتسبب في تحولات عنيفة في سلوك الطبيعة والكائنات الحية على كوكب الأرض على حد سواء، مثل تغير طبيعة التربة ونقص بعض المواد الخام التي تدخل في إنتاج وصناعة الغذاء.

وتظهر آثار تلك الظواهر في تحلل التربة الجليدية في منطقة سيبيريا، ويعزو بعض العلماء الروس ظهور حفر واسعة في التربة الجليدية في سيبيريا إلى ارتفاع حرارة سطح الأرض الذي يؤدي إلى انفجار جيوب غازية تحت الأرض، وقد استمرت التربة في هذه المنطقة في التجمد لمدة أكثر من عامين متصلين.

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، أن هذه الظاهرة تفسر وجود حفر متسعة أخرى في القطب الشمالي، ويمكن اعتبارها مؤشرا مثيرا للقلق على أن هذه المساحة غير المأهولة بالبشر من كوكب الأرض تتعرض لسلسلة من التغيرات الجذرية في خصائصها البيئية، وتوضح آخر الأبحاث أن حرارة القطب الشمالي ترتفع بمعدل أسرع من أي وقت مضى، بما يعادل أربعة أضعاف ارتفاعها في بقية مناطق العالم.

وحسبما يقول علماء مرصد "بيج بير" الشمسي في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، فإلى جانب إحداث الحفر في البيئة البرية للأرض، قد يؤدي تغير المناخ إلى إعتام الضوء على الكوكب، وبقياس أشعة الشمس التي تعكسها الأرض على الجانب المظلم من القمر، يمكن للعلماء رصد ما يسمى بـ "تألق الأرض" أو ظاهرة "ألبيدو" وهي انعكاس الضوء المنبعث من الأرض أصلا.

وتشير الدراسات إلى أن ارتفاع درجات حرارة المحيط الهادئ أدى إلى تناقص كثافة السحب فوق شرق المحيط، وتعكس هذه السحب ضوء الشمس على الفضاء مرة أخرى، وبدونها سينطفئ هذا الضوء.

ولا يقتصر تأثير الاحتباس الحراري على الإنسان وحده، بل إن بعض الكائنات الأخرى تتأثر به بشكل أكبر، فبالنسبة لبعض أنواع الزواحف تؤثر الحرارة بشكل جزئي على تحديد جنس الأجنة داخل البيض، ويمكن أن يتحول ذكور سحلية بوجونا التي تستوطن أستراليا (المعروفة باسم التنين الملتحي) جينيا إلى إناث في درجات الحرارة المرتفعة، وقد يؤدي هذا إلى نقص شديد في أعداد الذكور على المدى الطويل مما يهدد بانقراض هذا النوع كليا، كما يمكن أن يتسبب ارتفاع مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون فيما يعرف بتأثير الصوبة الزجاجية إلى فقدان الأسماك في المحيطات لحاسة الشم.

ويتسبب تغير المناخ أيضا في اختلال السلوك الموسمي للكائنات الحية، ففي شهر أبريل الماضي وتحديدا في منطقة ويثام وود التي تعد أكثر غابة أجريت عليها أبحاث علمية في المملكة المتحدة، خرجت صغار أحد أنواع الزواحف من بيضها قبل وقتها الطبيعي المسجل في أربعينيات القرن الماضي بثلاثة أسابيع.

وقد أحدث الاحتباس الحراري تغيرا ملحوظا في دورة اكتمال بعض أنواع السلاسل الغذائية التي تنشط في فصل الربيع، فيرقات الحشرات تأكل من أشجار البلوط ثم تأكل الطيور اليرقات وتنتهي الدورة الغذائية بشكل أسرع من معدلها الطبيعي بعدة أسابيع مقارنة بما قبل ظاهرة الاحترار.

ومع تغير فصول العام تتكيف بعض الطيور على تغير الطقس بينما يغادر البعض الآخر إلى أماكن أخرى من العالم، وقد فقس بيض النحل هذا العام في محجر يقع في جزيرة نورفولك في المحيط الهادئ، رغم أنها تتواجد عادة في جنوب البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.

ولم تسلم أصوات الطبيعة من التغيير، حيث أصبحت لندن مثالا على ظاهرة تغريد الطيور غير الموسمي، وأظهرت دراسة علمية أن الطيور باتت تفضل الانتقال إلى أعالي الأشجار ليتمكنوا من التغريد بحرية دون أن تحجب أوراق الأشجار أصواتهم (لغة التواصل فيما بينهم).

وأثر تطرف المناخ أيضا على قطاع الزراعة، ومن أكثر المحاصيل تأثرا به القمح والذرة والبن، وقد سجل هذا العام انخفاضا ملحوظا في إنتاج البهارات، وفي أبريل الماضي أرسلت شركة هاي فونج فودز في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، والتي تنتج ما يقرب من 20 مليون زجاجة من صوص سيرارتشا الحار إشعارات إلى عملائها تخبرهم فيها أن هناك نقص شديد في التوابل الحارة.

وخلال الصيف الماضي بدأت المستردة في الاختفاء تدريجيا من الأسواق الفرنسية، بسبب تأثير المناخ السيء على المزارع الكندية التي يزرع فيها نبات الخردل.

وعلى صعيد متصل يعوق تغير المناخ جهود التخلص من الانبعاثات الكربونية، وفي أغسطس الماضي خفضت شركة الكهرباء الفرنسية إنتاج محطات الطاقة النووية البديلة للمحطات التي تعمل بالوقود الأحفوري، بسبب نقص الماء البارد في أنهار فرنسا.

ويكمن حل المعضلة التي تناقشها 200 دولة في إطار قمة المناخ COP27 المنعقدة حاليا في مصر، في وقف ارتفاع حرارة الأرض الناتج عن تصاعد الغازات في غلافها الجوي بكثافة، في وقت يعاني فيه العالم بشدة من أضرار الاحتباس الحراري، الذي قد تتوالى تداعياته الفجائية بشكل أكبر مع مرور الوقت.