الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف أجعل دعائي مقبولاً ؟.. بـ 6 أمور تكن مجابا في الحال

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الدعاء يقول فيه رسول الله ﷺ: «الدعاء مخ العبادة» ومخ الشيء أعلاه ومنتهاه، وإذا توقف المخ عن العمل فارق الإنسان الحياة فعبادةٌ بلا دعاء، هي عبادةٌ مسلوبةٌ من الروح، ومن أعلى شيءٍ فيها من رأسها وهو الدعاء.

الدعاء مخ العبادة

وتابع من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: يمضي بنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه خطوةً أخرى عندما يسمع الصحابة تروي عن سيدنا ﷺ «الدعاء مخ العبادة» فيقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «الدعاء هو العبادة» تقدم بنا خطوةً أخرى؛ فبدلًا من أن يكون الدعاء رأس العبادة ومنتهاها وأعلى شيءٍ فيها، يذكر لنا سيدنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن الدعاء هو نفس العبادة وكل العبادة ؛ هو رأسها وجسدها، هو بدايتها ونهايتها، هو ذاتها، ويقول: «إن لم تصدقوني» يعني في روايتي وضبطي عمن روى عن رسول الله ﷺ «الدعاء مخ العبادة» فاقرأوا قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر:60]، فسوّى بين الدعاء وبين العبادة.

وأوضح أن الدعاء أمرٌ مهم، لكن رأينا كثيرًا من الناس كأنه لم يعلم أنه العبادة أو مخ العبادة؛ فترك كثيرًا من الدعاء، الدعاء في ذاته عبادة استجاب الله أو لم يستجب، فادع ربك ولا تتعجل يقول رسول الله ﷺ: «إن الله يستجيب للعبد ما لم يتعجل» فقالوا: وما عجلته يا رسول الله؟ قال: «يقول: دعوت الله فلم يستجب لي» فيدع الدعاء، وكأن هذا أمرٌ قد سرى فينا فتركنا الدعاء، وكأننا نُلزم الله بالإجابة، فتحول الدعاء منا إلى طلب، بل إلى فرض رأي.

وشدد أن الله سبحانه وتعالى لا يفرض أحدٌ عليه رأيا، وإذا كان الرأي نتداوله فيما بيننا، ونناقشه بنقص بشريتنا؛ فإن الدعاء فيه التجاءٌ، وفيه خضوع، وفيه عبادة، وفيه توسل، وفيه رجاء، وفيه تضرع، حتى يكون عبادةً خالصة؛ فإذا استجاب الله فبمنّه وفضله علينا، وإذا أخّر الاستجابة فبعلمه، وحكمه فينا، وحكمته، وإذا ادخرها لنا يوم القيامة فنعم المُدَّخَر، ونعم المُدَّخِر، ستخسر كثيرًا إذا تركت الدعاء، وفي المقابل فإنك ستكسب كثيرًا إذا ما دعوت ربك، وتضرعت إليه.

ومن صفات الدعاء المستجاب "الإلحاح" لح على ربك؛ فإن ربك كريم، ابك بين يديه، اغسل نفسك من ذنوبك، وقصورك، وتقصيرك، تواضع لربك، حتى يرفع من شأنك، الدعاء له شروط، وله أوقات، وله طريقة في الكلام مع الله، علمنا إياها رسول الله ﷺ.

وأضاف علي جمعة: أرشدنا إلى وقت السحر قبل الفجر في ثلث الليل الأخير، وقال: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا» يعني ينزل أمره سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا «في ثلث الليل الأخير، فيقول: هل من سائلٍ فأُعْطِيْه، هل من مستغفرٍ فأغفِرُ له» هكذا بالضم في البخاري، يجوز أن تقول "فأُعْطِيَه، فأغفِرَ له"، ورواية البخاري "فأُعْطِيْه، فأغفِرُ له"، ومعنى الضم أن الفاء هنا للعطف، ومعنى الفتح أنها للسببية، وكلاهما صحيح، أما "فأُعْطِيْه، فأغفِرُ له" معناها أن ذلك بفضل الله لا من دعائك، ولا من غيره، الدعاء مردودٌ لك يُكرّمك عند الله فقط، والذي وفقك للدعاء، والذي استجاب الدعاء هو الله رب العالمين، لا إله إلا هو، ولا نعبد إلا إياه، فاختيار البخاري رواية الرفع عن النصب فيها فقه، وعقيدة، "فأُعْطِيْه، فأغفِرُ له"، يعني وأُعْطِيْه، وأغفِرُ له؛ فكله من عند الله.

كما أرشدنا ﷺ إلى وقت نزول المطر، وكان يحب أن يدعو ربه عند نزول هذه النعمة؛ لأن المطر يُسمى في لغة العرب "حياة"، ويُسمى أيضا "سماء"، انظر إلى دلالات الألفاظ؛ فالله يُنزل عليك الحياة، وحينئذٍ فهو راضٍ عنك؛ فينتهز رسول الله ﷺ تلك اللفتات الكونية، ويلفت نظرك إليها بأن تدعو حينما ينزل المطر، ويقول: «إنه حديث عهدٍ بربه» نعم فإن الله قد أمر توًا بالنزول؛ فلما أمر بالنزول كان هناك خطاب إلهي وأمر إلهي لهذه القطرات من الماء أن تنزل لتحيي الأرض بعد موتها؛ فكانت حديثة عهدٍ بربها؛ فالله إذًا في حالة رضا عنا فننتهز هذا الرضا، ومن دعاء الصالحين (اللهم انقلنا من دائرة غضبك إلى دائرة رضاك، اللهم انظر إلينا بعين الرحمة)، علمنا كيف نخاطب، ومتى نخاطب ربنا سبحانه وتعالى.

وبين علي جمعة أن الحجاج بن يوسفٍ الثقفي كان جبارًا في الأرض سفاكًا للدماء، والله لا يحب سفك الدماء، ولا يحب التجبّر في الأرض، لكن هذا الرجل وفّقه الله من ناحيةٍ أخرى أن يُتم القرآن كل أسبوع فسبّع القرآن، وقرأ حصته يوميًا، هذه جبابرة الزمان الأول، كان يقرأ القرآن مرة كل أسبوع، أربع مرات في الشهر، أما جبابرة زماننا فلا يصلون، ولا يصومون، ولا يفعلون شيئا ﴿نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ ، وفّقه الله في هذا، لكنه جبّار سفّاك للدماء، حتى تحدّث الناس أن الله لا يغفر للحجاج؛ فسمع بهذا فناجى ربه، وكأنه يعرف كيف يكلم ربه فقال: ( اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لي) انظر كيف يخاطب هذا ربه، إنه لا ييأس من رحمة الله، ولا يستعظم ذنبًا في قِبالة غفران الله، ويطلب من الله سبحانه وتعالى بعد ما فعل في المسلمين أن يغفر له، والله كريم.

وقال الأصمعي: أَنشَدَ الحجاج لما احتضر:

يَا رَب قَد حَلَفَ الأَعدَاءُ وَاجتَهَدُوا ... بأنَنِي رَجُلٌ مِن سَاكنِي النارِ

أيحلفُونَ عَلَى عمياءَ؟ وَيحَهُمُ ... ما عِلمُهُم بعظيمِ العَفوِ غَفَّارِ

كأنه يتوسل إلى ربه ضد الناس، والله غفورٌ رحيم.

وشدد: إذا كان هذا شأن الحجاج؛ فما بالك وأنت لم تسفك دمًا، فهيا بنا نعود إلى الدعاء، كان رسول الله ﷺ يعلمنا الدعاء، ومن تعليمه للدعاء أن علمنا أن ندعو عند الملتزم، وأن ندعو في بيوت الله، وأن ندعو أثناء السجود، وقال: « أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ » ،وأن ندعو في دبر كل صلاة. ومن الدعاء المستجاب أن تبدأه بالصلاة على النبي ﷺ وتنهيه بها.

ويروي لنا سيدنا ﷺ عن رب العزة: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أحسن ما أعطي السائلين» فادع ربك بما تجده في قلبك.