الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مهدي عفيفي عن القمة الأمريكية الأفريقية.. علامة مضيئة وأكدت قوة الدور المصري|حوار

مهدي عفيفي العضو
مهدي عفيفي العضو في الحزب الديمقراطي الأمريكي

عدد كبير من الملفات المهمة جرى مناقشتها على مدار ثلاثة أيام في القمة الأمريكية الأفريقية الثانية، التي استضافتها العاصمة الأمريكية واشنطن، بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبمشاركة نحو خمسين وفدًا من القارة السمراء.

وكان من بين هذه الملفات القضايا الأمنية والاقتصادية والتعافي من جائحة كورونا، والبحث في استثمارات جديدة، إضافة إلى بحث ملف الأمن الغذائي، الذي تراجع مع الحرب في أوكرانيا، وكذلك التغير المناخي، وأيضاً الديمقراطية والحوكمة، ومن المفترض أن تختتم القمة أعمالها اليوم.

وأجرى موقع "صدى البلد" حوارا مع الدكتور مهدي عفيفي، المحلل السياسي عضو في الحزب الديمقراطي الأمريكي، ناقش خلاله كثيرا من التفاصيل حول القمة الأمريكية الأفريقية الثانية .. وإلى نص الحوار:-

ماذا تغير في السياسات الأمريكية داخل القارة الإفريقية منذ القمة الأولى عام 2014؟

القمة الامريكية الأفريقية لم تنعقد منذ فترة طويلة بسبب جائحة كورونا التي ضربت العالم، وتغيير القيادات في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إنه عندما أتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (2017-2021 ) كان لديه مشكلات مع أقرب الدول الأوروبية وكان تركيزه على "الداخل" فقط ، أما إدارة جو بايدن ( الحالية منذ عام 2021)  تركز على توطيد العلاقات مع الخارج وخاصة الدول الأفريقية وضرورة أن يكون هناك نمو اقتصادي في أفريقيا.

وأمس كان هناك 300 شركة أمريكية للقاء قادة الدول الأفريقية الموجودة والمشاركة بالقمة، للبحث في إقامة شراكات في المجالات الطبية والزراعية والأدوية ومجالات الطاقة المتجددة ومجالات التواصل بالإنترنت والبنية التحتية، ومجالات الأمن وغيرها من المجالات التي تدعم العلاقات الأمريكية الأفريقية.

كيف تنظر واشنطن لدور القاهرة بشكل عام وخاصة داخل إفريقيا؟

العلاقات المصرية الأمريكية اتضحت بشكل جليّ في قمة المناخ "cop27"، التي عقدت في الفترة ما بين 8 نوفمبر- 20 نوفمبر بمدينة شرم الشيخ، حيث كان الحضور قوي بداية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي، وأنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، وهو ما يؤكد دعم الولايات المتحدة لمؤتمر المناخ ولدور مصر الكبير في هذا الملف (ملف التغيرات المناخية)، والتزام بايدن تقديم 500 مليون دولار وهو مبلغ كبير لمصر لكي تقود تنظيم أمور المناخ في القارة، وأن تكون القاهرة مركزًا للتنسيق مع الدول الأفريقية في هذا الملف مما يجعل دور مصر محوريًا؛ ويؤكد قوة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، حتى وإن غابت العلاقات المصرية الامريكية في فترة من الفترات أو كان بها قصور نوعًا ما، فهو لا يعني تراجع العلاقات بين الطرفين، كما أن جائحة كورونا كانت سببا كبيرا في أن تولي الدول تركيزها على الداخل أكثر من الخارج، وبالتالي لا يمكن أن تنتهي العلاقات المصرية الأمريكية،  وتعلم أمريكا جيدًا قوة الدولة المصرية وقدرتها الكبيرة في التأثير على القضايا الافريقية والقضايا العربية بشكل عام.

ماذا تريد واشنطن من القارة الأفريقية؟

هناك ملفات مهمة كملف مصادر المياه والطاقة المتجددة وملف الأمن داخل القارة الأفريقية وملفات مكافحة الإرهاب حيث إنه دائما تعول واشنطن على القاهرة للتصدر إلى هذا الملفات، كما أن هذه الملفات تعاهدت واشنطن في حل بعض منها وحل بعض الأزمات في أفريقيا مثل المياه وغيرها، وتنوي الولايات المتحدة من خلال هذه القمة عقد شراكات مع الدول الافريقية الحاضرة بقيادة عدد كبير من زعماء القارة الأفريقية، وعدد كبير من القيادات الأمريكية والمؤسسات الأمريكية التي من شأنها دعم تحركات المجتمع المدني في استمرار النمو داخل القارة، ودعم الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فضلاً عن تقديم الدعم للمشاكل التي سببتها جائحة كورونا وإمداد القارة الافريقية بالأمصال اللازمة لمواجهة الوباء، كما أن واشنطن ترى أفريقيا "سلة الغذاء العالمية" وبالتالي لا بد من الاهتمام بها لتواجد بعض الأفارقة المهاجرين داخل أمريكا وهذا ما تحدث به وزير الخارجية أمس لإنشاء خطط لتقريب وجهات النظر مع هذه الدول.

كيف ستسهم أمريكا في التنمية وحل أزمات القارة؟

كان هناك تركيز من الجانب الأمريكي على تحقيق الاستقرار والأمن في القارة الافريقية حيث إنها كانت تعاني دائمًا من انقلابات، انتشار الإرهاب في القارة، صراعات داخلية، وحروب أهلية، إلا أن هذا الوضع تغير في السنوات الماضية وظهرت قضايا محورية في القارة الأفريقية على رأسها قضايا الماء والغذاء والاستقرار داخل أفريقيا، كما أن تمدد التأثير الصيني والروسي داخل أفريقيا ودعم مجموعات ضد مجموعات أخرى باستخدام المرتزقة  الروس أو غيرهم من المسائل التي رأت الولايات المتحدة ضرورة التدخل لحلها، وأدركت أمريكا أهمية وجود شركات أمريكية عملاقة لعمل استثمارات داخل أفريقيا و دعم البنية التحتية خاصة "البنية التكنولوجية" للدول افريقية والتي ترى الولايات المتحدة أن هذا حل للمستقبل القريب، فضلاً عن تقديم الدعم في مجال التعليم وانتقال الخبرات بين الولايات المتحدة والدول الأفريقية.

ومن أهم النقاط والتي لا يتحدث عنها الكثيرون إتاحة الفرص للشباب والقيادات الشبابية الأفريقية للحضور والتعلم داخل الولايات المتحدة سواء من العمل في مؤسسات الدولة الأمريكية خلال شهور الصيف أو الالتحاق بالجماعات الأمريكية للتدريب أو حتى حضور ندوات تقنية.

كما أن الولايات تعلم جيدًا أن القارة الأفريقية متعددة اللغات والاهتمامات وبالتالي هناك برامج تم تخصيصها للغات العربية والإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والإسبانية نظرًا لأن هناك دولًا أفريقية كانت محتلة من البرتغال وإسبانيا وفرنسا وغيرها.

ما أهم المبادرات المطروحة من واشنطن لمساعدة القارة الأفريقية لتجاوز أزمتها؟

كان هناك مبادرات أمس بين كبار المستثمرين بالولايات المتحدة ونظرائهم من الدول الأفريقية والولايات المتحدة تدعم الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر لدعم الطاقات الشبابية في أفريقيا حيث إن القارة الافريقية تسمى "القارة الشابة" لأن شبابها يتخطون الـ 60%  في مقابل قارات أخرى تسمى "القارة العجوز" لأن معظم سكانها من كبار السن، هناك مبادرات لدعم القدرات الصحية للدول الأفريقية ودعم إنتاج الدواء وإدماج شركات افريقية مع الشركات والمؤسسات الأمريكية لدعم القطاع الصحي.

لماذا منعت واشنطن بعض الدول من المشاركة في القمة؟

هناك دول أفريقية بالفعل لم تحضر القمة الأمريكية الأفريقية بسبب تدخلاتها والصراعات التي تقوم بها تلك الدول أو بسبب نظام الحكم ووجود تغيرات سياسية أدت للإطاحة بنظام ديمقراطي منتخب فضلاً عن الصراعات الأهلية لهذه الدول، وبالتالي الولايات المتحدة تقوم على عدم دعم هذه الأنظمة بل على العكس هناك تضييق الحصار على هذه المناطق.

كيف ستواجه أمريكا المشكلات داخل القارة الأفريقية؟ 

هناك عدد من المشاكل التي تعاني منها القارة الأفريقية مثل انتشار الارهاب والجماعات الارهابية المسلحة والتي ترى الولايات أن هناك بعض الدول التي تدعم تلك الجماعات المتطرفة، لذلك الولايات المتحدة تعمل للتنسيق مع في الدول الأفريقية المختلفة لمكافحة هذه الظاهرة ونقل الخبرات العسكرية والاستخباراتية، وإقامة شراكات بين الدول الأفريقية للقضاء على الجماعات الإرهابية، حيث إن الولايات المتحدة لديها منظومة كاملة لمساعدة تلك الدول وتعلم أن هناك تأثيرًا كبيرًا من روسيا و الصين وفي بعض الأحيان من الهند داخل القارة السمراء، ولكنها تحاول دائماً خلق شراكات جديدة والتأكيد على شراكات قديمة ودعمها بشكل حقيقي في ملفات الطاقة والأمن والتغير المناخي بالتحديد.

وأمريكا لديها الكثير لتقدمه لأفريقيا خاصة في ملف الإرهاب ومكافحته حيث إن الإرهاب عابر للقارات أصبح يهدد العالم بأكمله وليس أفريقيا فقط ، ويمكن أن تقدم الولايات المتحدة دعم لأفريقيا من خلال التعاون الأمني سواء بالدعم التكنولوجي والأقمار الصناعية والطائرات المسيرة والتكنولوجيا المستخدمة في الاسلحة وأساليب المقاومة والمتابعة لأن تطور أفريقيا سيؤثر على الاستقرار الدولي.

والولايات المتحدة وضعت كل إمكانيتها لدعم القارة السمراء سواء من الناحية التقنية أو الاستراتيجية أو مكافحة الإرهاب وليس دعما ماديا فقط، لأنها تؤمن بضرورة وجود شراكات من جانب شركات كبرى ومتوسطة لإنشاء مشروعات عملاقة في مجال الغذاء والطاقة لتنمية تلك الدول والقمة الأمريكية الأفريقية خطوة كبيرة للتقارب بين الطرفين وسنرى التأثيرات خلال السنوات القادمة.

كيف تنظر الدول الطامعة في خيرات أفريقيا إلى الدور الأمريكي؟

القيادات الأفريقية عليها أن تختار من المفترض أن تتعاون معه واستعدادها للانتقال إلى داخل دول حقيقية وليست قيادات عسكرية أو عصابات تحكم دول،  كما أن الولايات المتحدة تحاول تقديم الدعم لكل من يستحق للوصول للتعاون مع مؤسسات ودول ومنظومات حقيقية.

وتوجد دول لا تهمها إلا مصالحها مثل الصين وتركيا التي تتغلغل داخل شمال أفريقيا، وبالرغم من أن أفريقيا من أغنى القارات؛ إلا أنها من أكبر معوقاتها هو الفساد الإداري والمالي والسياسي.

وهناك دول أفريقية استطاعت وتستطيع دعم التغيير السلمي داخل أفريقيا، وتستطيع الولايات المتحدة من خلال الدعم الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري من دعم القيادات الإفريقية الحقيقية للانتقال  لمرحلة ديمقراطية، حيث إن الأزمات داخل القارة ليست بالبسيطة، وكل تأخير في الإصلاح لن يكون في صالح القارة وليس في صالح المجتمع الدولي.