فتاوى تشغل الأذهان
ما يقال في دعاء القنوت في صلاة الصبح؟
هل يشرع التسليم من سجود التلاوة؟
حكم تكرار السهو من المصلي
نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان، نرصد أبرزها في فتاوى نشغل الأذهان.
في البداية.. قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ما يقال في دعاء القنوت في صلاة الصبح، إن مسألة القنوت في صلاة الصبح من المسائل الفقهية الفرعية، والتي لا ينبغي للمسلمين أن يفترقوا ويتعادوا بسببها، وبيان هذه المسألة أن الفقهاء قد اختلفوا فيها، فذهب الشافعية والمالكية إلى ندبه، وذهب الأحناف والحنابلة إلى أنه لا قنوت في الصبح.
قال النووي : اعلم أن القنوت مشروع عندنا في الصبح، وهو سنة متأكدة ، وذلك لما رواه أنس بن مالك رضى الله عنه؛ « ما زال رسول الله يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا »، قالوا : ولو تركه لم تبطل صلاته، لكن يسجد للسهو، سواء تركه عمدًا أو سهوًا. أما محله، فبعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية من الصبح ، فلو قنت قبل الركوع لم يحسب له على الأصح، وعليه أن يعيده بعد الركوع ثم يسجد للسهو.
وتابع في جواب سائل يقول: ما حكم القنوت في صلاة الصبح؟ قد نُقل في حكم قنوت الصبح أقوال وهيئات عن بعض الصحابة والتابعين، منها : قول علي بن زياد بوجوب القنوت في الصبح، فمن تركه فسدت صلاته. ويجوز قبل الركوع وبعده في الركعة الثانية، غير أن المندوب الأفضل كونه قبل الركوع عقب القراءة بلا تكبيرة قبله؛ وذلك لما فيه من الرفق بالمسبوق، وعدم الفصل بينه وبين ركني الصلاة ولأنه الذي استقر عليه عمل عمر رضى الله عنه بحضور الصحابة، قال القاضي عبد الوهاب البغدادي : «وروي عن أبي رجا العطاردي قال : كان القنوت بعد الركوع، فصيره عمر قبله ليدرك المدرك وروي أن المهاجرين والأنصار سألوه عثمان، فجعله قبل الركوع، لأن في ذلك فائدةً لا توجد فيما بعده، وهي أن القيام يمتد فيلحق المفاوت، ولأن في القنوت ضربًا من تطويل القيام، وما قبل الركوع أولى بذلك، لا سيما في الفجر.
ويترجح مذهب الشافعية في القنوت لقوة أدلتهم وهي فيما يلي :
ما رواه أبو هريرة رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من صلاة الصبح في الركعة الثانية، فيدعو بهذا الدعاء : « اللهم اهدني فيمن هديت .. إلخ » وزاد البيهقي فيه عبارة : « فلك الحمد على ما قضيت ». وزاد الطبراني « ولا يعز من عاديت ».
وحديث أنس ابن مالك السابق « ما زال رسول الله يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا». وسئل أنس، هل قنت رسول الله صلي الله عليه وسلم في صلاة الصبح ؟ قال : نعم. فقيل له : قبل الركوع، أم بعد الركوع ؟ قال : بعد الركوع ».
وعن أبي هريرة قال : «والله أنا أقربكم صلاة برسول الله صلي الله عليه وسلم، وكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويلعن الكفار».
وعن عبد الله بن عباس قال : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح : «اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت ».
وفي حديث «كان إذا رفع رأسه من الركوع من صلاة الصبح في الركعة الثانية يرفع يديه ويدعو بهذا الدعاء :اللهم اهدني فيمن هديت» وفي رواية : أنه إذا رفع رأسه من الركوع في صلاة الصبح في آخر ركعة قنت».
وأما لفظه، فالاختيار أن يقول فيه ما روي عن الحسن بن علي رضى الله عنه قال : «علمني رسول الله كلمات أقولهن في الوتر؛ اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وأنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت» ، وزاد العلماء فيه : «ولا يعز من عاديت» قبل : «تباركت ربنا وتعاليت» وبعده : «فلك الحمد على ما قضيت، أستغفرك وأتوب إليك». قال النووي في الروضة : «قال أصحابنا : لا بأس بهذه الزيادة، وقال أبو حامد والبندنيجي وآخرون؛ مستحبة. ويسن أن يقول عقب هذا الدعاء؛ اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم. وذلك في الوجه الصحيح المشهور.
ويندب كونه بلفظ؛ اللهم إنا نستعينك، ونستغفرك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونخضع لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخاف عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق.
وشدد على ما سبق فنرى ترجح مذهب الشافعي رضى الله عنه من أن القنوت في صلاة الصبح سنة، يسن لمن تركها أن يسجد للسهو لجبرها، ولكن لا تفسد الصلاة بتركه، والله تعالى أعلى وأعلم.
كما قالت دار الإفتاء، إن الفقهاء اتفقوا على أنه لا تسليم من سجود التلاوة إذا كان في الصلاة، واختلفوا في التسليم منه في غير الصلاة.
وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «هل يشرع التسليم من سجود التلاوة؟» أن مذهب الجمهور؛ من الحنفية، والمشهور عند المالكية، والقول المقابل للأصح عند الشافعية، ومقابل المختار عند الحنابلة، وهو المفتى به: أنه لا تسليم من سجود التلاوة في غير الصلاة، كما لا يسلم منه في الصلاة، ولأن التسليم تحليل من التحريم للصلاة، ولا تحريمة لها عند الحنفية ومن وافقهم، فلا يعقل التحليل بالتسليم؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 192): «وَلا تَشَهُّدَ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ -أي سجدة التلاوة-، وَكَذَا لا تَسْلِيمَ فِيهَا؛ لأَنَّ التَّسْلِيمَ تَحْلِيلٌ، وَلا تَحْرِيمَةَ لَهَا عِنْدَنَا فَلا يُعْقَلُ التَّحْلِيل».
وتابعت: أنه من الفقهاء من يرى أن التسليم من سجود التلاوة في غير الصلاة مشروعٌ؛ يقول الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 445، ط. مكتبة القاهرة): [اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي التَّسْلِيمِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ: فَرَأي أَنَّهُ وَاجِبٌ؛ وَبِهِ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ؛ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا التَّسْلِيمُ فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ. قَالَ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: لَيْسَ فِيهِ تَسْلِيمٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْخِرَقِيِّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ، فَافْتَقَرَتْ إلَى سَلَامٍ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى تَشَهُّدٍ].
وأفادت بأنه على ذلك: فلا تسليم من سجود التلاوة في الصلاة باتفاق الفقهاء، أما خارجها فمحل خلاف بين الفقهاء، فمن سلَّم فلا حرج عليه، ومن ترك التسليم فلا حرج عليه أيضًا؛ إذ من المقرر شرعًا أنه "لا ينكر المختلف فيه".
وحول سائل يقول : أحيانًا يتكرر السهو في نفس الصلاة ، كما أنني أنسى سجود السهو أيضًا ، فماذا أفعل ؟، قال الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن تكرار السهو من المصلي في الصلاة لا يسجد له إلا سجدتين، وقد اختلف الفقهاء في حكم من سها عن سجود السهو وسلم وانصرف من الصلاة : فذهب الحنفية إلى أنه إن سلم ناسيًا السهو سجد ما دام في المسجد ؛ لأن المسجد في حكم مكان واحد .
وأما إذا كان يصلي في غير المسجد فإن تذكر قبل أن يجاوز الصفوف من خلفه أو يمينه أو يساره أو يتقدم على موضع سترته أو سجوده سجد للسهو .
وأما المالكيَّة فقد ذهبوا إلى أن من نسي السجود قبل السلام - وهو الذي يكون بسبب النقص في الصلاة - فعليه الإتيان به إذا لم يخرج من المسجد أو لم يَطُلِ الوقت وهو في مكانه أو بجواره ، أما السجود الذي يكون بعد السلام - وهو الذي يكون بسبب وقوع الزيادة في الصلاة - فإنهم قد ذهبوا إلى عدم سقوطه وإن طال الزمان لسنين ، وسواء تركه عمدًا أو نسيانًا .
وذهب الشافعيَّة إلى سقوط سجود السهو بالسلام من الصلاة ؛ لأنهم يرون أن السجود قبل السلام .
في حين ذهب الحنابلة إلى سقوط سجود السهو إذا طال الفصل أو بانتقاض الوضوء، أو بالخروج من المسجد .
وشدد على أن السهو في الصلاة له سجدتان فقط مهما تعدَّد وتَكرَّر ؛ والأيسر لمن نسي سجود السهو هو تقليد مذهب الشافعيَّة في أنه يسقط بالسلام والخروج من الصلاة لقطع الوسوسة وسقوط المطالبة عنه ، ولا شيء حينئذٍ على المصلي .