الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الغضب يطل برأسه في شوارع فرنسا | تعديل ماكرون لنظام التقاعد يستفز العاملين.. والنقابات تحشد قواها للاعتراض

احتجاجات فرنسا
احتجاجات فرنسا

شهدت فرنسا- على غرار بلدان أوروبية أخرى كثيرة- إضرابات خلال الأشهر الأخيرة في قطاعات حيوية عدة، وسط مطالبات برفع الأجور؛ للتعويض عن التضخم في ارتفاعه المستمر.

رفض واسع لإصلاح نظام التقاعد في فرنسا

وفي خطاب ألقاه من قصر الإليزيه لتهنئة الشعب الفرنسي بمناسبة حلول العام الجديد، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يدرك شواغل الكثير من مواطنيه في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والحرب في أوكرانيا وانتشار موجة جديدة من فيروس كورونا.

وتعهّد الرئيس الفرنسي- البالغ 45 عاما- بالمضي قدما اعتبارا من الشهر الحالي للتكفل بملف التقاعد في إصلاح يهدف إلى رفع سن المعاش، وهو مشروع لا يلقى شعبية كبيرة ويعتبره كثيرون- من معسكر الرئيس أيضا- غير مناسب في الوضع الراهن.

وصرح الرئيس الفرنسي قائلا "كما التزمت أمامكم، ستكون هذه السنة بالفعل سنة إصلاح نظام التقاعد بهدف ضمان التوازن في نظامنا للسنوات والعقود المقبلة".

وقد تواصلت خلال الأسبوع الجاري محادثات لم تكن موفقة بدرجة كبيرة، جمعت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن بالنقابات الفرنسية، في مسعى إلى إقناعها.

لكن، يبدو أن المقترحات المقدّمة لتخفيف التغييرات مثل رفع سن التقاعد إلى 64 بدلا من 65 كما كان مقرّرا في البداية، لم يكن لها أي تأثير، لا على المواطنين ولا على النقابات التي رصت الصفوف وأعدت العدة للاعتراض على هذا المشروع.

وصرح لوران بيرجيه كبير المسؤولين في الاتحاد العمالي الديمقراطي الفرنسي، الثلاثاء الماضي، إثر خروجه من لقاء مع بورن "أقولها هنا وسبق أن قلتها لرئيسة الوزراء، إذا كانت السنّ القانونية للتقاعد سترفع إلى 64 أو 65 عاما... فسنرصّ الصفوف للاعتراض على هذا الإصلاح".

وتعترض كلّ الأحزاب اليسارية بالإضافة إلى حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرّف، على خطط الحكومة وقد تعهّدت الالتحاق بالتظاهرات.

إشعال الوضع

ومن جهته، حذر جان-لوك ميلانشون مؤسس حزب "فرنسا الأبية" (اليسار الراديكالي) السبت الماضي في تغريدة من أن "الوضع سيصبح ساخنا في يناير".

أما ستيفان ترافير وهو نائب من الحزب الرئاسي فأقر في تصريحات لصحيفة "لو باريزيان" أنه "لا يخفى على أحد أن الوضع سيصبح ساخنا".

وتبلغ السن القانونية للتقاعد في فرنسا 62 عاما دون تلك السائدة في بلدان أوروبية أخرى، مثل ألمانيا وبريطانيا حيث حدّدت بـ 66 أو 67 عاما.

ومن جهتها، تظهر الأرقام الرسمية في فرنسا نظامَ تقاعد متوازنا على المدى القصير، لكنه قد يشهد عجزا كبيرا في العقود المقبلة مع تقدم السكان في السن.

ولطالما أيد ماكرون مبدأ إعادة هيكلة النظام، لكن بسبب أزمة كوفيد-19 وتظاهرات- كانت من الأوسع خلال ولايته الأولى-؛ قرر تأجيل محاولة أولى في 2020.

وبعد إعادة انتخابه في العام 2022 بناء على برنامج يتضمن إصلاح نظام التقاعد؛ تردد كثيرا بشأن توقيت هذه الخطوة.

وكان السياسي الوسطي فرنسوا بايرو الذي يعد من أقرب حلفاء الرئيس، قال في ديسمبر الماضي، "لم نبذل معا المجهود التوعوي اللازم".

لكن بات ينبغي على الرئيس الفرنسي أن يوضح أجندته، في خطوة قد تمس بسمعته وبقدرته على الترويج لإصلاحات أخرى.

ويرتقب أن يتم الكشف عن الخطوط العريضة للنص الخاص لنظام التقاعد الثلاثاء المقبل، على أن يقدَّم مشروع قانون للبرلمان في فبراير 2023.

ويخشى البعض فورة شعبية جديدة من الغضب، مثل تلك التي انطلقت عفويا في الشوارع سنة 2018 لما عُرف بـ "السترات الصفراء". إذ قال فريديريك دابي مدير معهد الاستطلاعات "إيفبوب" هذا الأسبوع عبر أثير "أوروب 1" إن "البوادر موجودة وتكفي شرارة لإشعال الوضع".

نظام غير مستدام

ويبقى التكهن بمزاج الفرنسيين ليس بالأمر السهل؛ فقد شهدت فرنسا- على غرار عديد البلدان الأوروبية الأخرى- إضرابات في الأشهر الأخيرة، في قطاعات السكك الحديدية والمستشفيات ومصافي تكرير النفط، وسط مطالبات برفع الأجور للتعويض عن تضخم في حدود 6 %.

ولكن معظم الأشخاص الذين استُطلعت آراؤهم قالوا إنهم يعتبرون نظام التقاعد الحالي غير مستدام.

من جهته، كان أحد مستشاري الرئيس- الذي طلب عدم الكشف عن هويته- قد أقرّ، منذ فترة وجيزة في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية، بأن "هناك نوع من الإصرار يسود في الرأي العام"، مضيفا "سنمضي إلى النهاية، والرأي العام يدرك ذلك".

أما المديرة العامة لمعهد الاستطلاعات "BVA France" أديلايد ذو الفقار باسيك، فاعتبرت أن الرأي العام بات "متعبا وممتعضا" بعد سلسلة من الأزمات، من دون معرفة إن كان هذا الامتعاض "سيفضي إلى حركات اجتماعية كبيرة أو إلى نوع من الرضوخ، لكن ما يمكن تأكيده هو أن العام 2023 سيكون محفوفا بالمخاطر للرئيس".