الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماذا لو عاد نادماً؟

نيفين منصور
نيفين منصور

سؤال قد يراود العديد من النساء التي تشعر بالقهر بعد معاناة طويلة مع أزواجهن قد تدوم لسنوات، وبعد استحالة العشرة بينهم نتيجة التراكمات التي تتحول مع الوقت إلى حائط كالسد المنيع الذي لا يسمح أبداً بمرور المودة والرحمة فيما بينهم ، بل على العكس قد تشعر بعضهن بالعذاب في ظل وجود ذلك السد، وقد تتمنى أن تتغير الأحوال لتنتهي تلك العلاقة للأبد.

الضغط المستمر قد يولد الانفجار وخصوصاً إذا كان هذا الضغط بين الأزواج ، وقد يتسبب هذا الضغط المصحوب بالكبت في العديد من الأمراض الجسدية والنفسية ، إذا لم يتم التخلص منه بصورة منتظمة ، فالقلوب أحياناً لا تحتمل ، وقد يصل الأمر إلى فقدان بعض النساء الرغبة في الحياة من كثرة الألم النفسي ، وقد تصل تلك المعاناة إلى حد السعي وراء الرحيل للأبد و إن لم يكن هذا الرحيل من الدنيا ، فقد يكون بالرحيل من تلك العلاقة الزوجية التي أصبحت مصدر للألم المستمر وللمعاناة التي قد تكون صامتة أحياناً ، وقد تصل تلك المعاناة إلى حد فقدان الرغبة في رؤية هذا الزوج أو إلى التأفف المستمر منه ومن كل ما له علاقة به ، حتى رائحته أحياناً تتحول إلى مصدر للتعذيب النفسي.

والحديث هنا ليس عن المرأة المتزوجة حديثاً أو لمن تزوجت عدد من السنوات القليلة ، و إنما عن معاناة زوجة مع زوجها بعد علاقة زوجية دامت لسنوات طويلة قد تتعدى عشرات السنين ، وقد تكون البدايات كانت جميلة كما يحدث في بعض الحالات أن تتزوج امرأة عن حب يدوم لسنوات متعددة ثم تكتشف أن الحياة الزوجية مختلفة عن قصص الحب الخيالية التي قد تحلم فيها الفتيات بالفارس الشجاع و أمير القلوب الذي يخطف قلب إحداهن و يأسره ، ثم تنتهي تلك العلاقة الحالمة بالنهاية السعيدة .

علاقة الزواج تختلف عن علاقات الحب الوردي الحالم و خصوصاً الحب الذي يكون في نهاية سن المراهقة وبداية مرحلة الشباب ، فالزواج مسؤولية وتمازج بين العلاقات ليس فقط علاقة الرجل بالمرأة ولكن علاقة عائلة بأكملها بعائلة أخرى ، وبريق الحُب الحالم ينتهي أحياناً عند غلق الأبواب على الزوجين، ثم تبدأ الحياة تتشكل من جديد ، بكل ما فيها من عوامل قد تتسبب في تثبيت الحب في القلوب أو  في زواله مع الوقت .

والخلافات تأتي في كثير من الأحيان بسبب اختلاف الشخصيات وعدم توافقها وقد تأتي لأسباب أخرى منها الحجاب الذي قد يُغشي الأبصار بين الرجل وزوجته ، وذلك الحجاب يُنسَج من عدم القدرة فيما بينهما على التفاهم والاستماع ، حتى يُصبح كل منهما في شرنقة من نسيج مختلف تُعيق تواصل أرواحهما فلا تصل إلى لغة للتفاهم ، فينطفئ الحب وتتبدل المشاعر ، و تنصرف الزوجة عن زوجها ،ويبحث بدوره عن بديل لها .

والمشكلة الكبيرة تتفاقم عندما تكون خبرة هذا الرجل مع النساء محدودة ، فيعيش في نسيج من الوهم عندما يتقابل مع امرأة أخرى ذات خبرة في التعامل ومقدرة على جذب الرجال ، فتنجح في استقطابه حتى تتمكن تماما من السيطرة عليه ، ويقارن بينها وبين زوجته ، ويُصَدِّق تلك المشاعر الزائفة ، ثم يتدخل القدر ويفيق الزوج ، ويرى لأول مرة حقيقة ما كان يدور من حوله ، ويُقيم الأمور على حقيقتها فيجد أنه قد ظلم زوجته ورفيقة دربه لسنوات ، فيندم ويطلب العفو .

وهنا السؤال الذي تختلف إجابته من امرأة لأخرى ، ماذا لو عاد نادماً؟ هل تعفو و تصفح من أجل ما كان من حب في البدايات؟ أو من أجل العشرة الطويلة والأبناء إن وجدوا؟ أم ترحل للأبد؟ في رأيي الشخصي القرار يعتمد على عدة عوامل مهمة ، والتقييم يجب أن يكون دقيقاً ، ويجب عدم التسرع في اتخاذ أي قرار ، وخصوصاً  إذا كانت مشاعر الغضب والحزن ما زالت تسيطر عليها ، وهنا يجب أن يتدخل العقل قبل القلب ، فميزان القلب أحياناً كثيرة يكون غير منصف لكل من الطرفين ، ويجب الحكم بكل صدق ودون تحيز .

بالتأكيد قلب المرأة يتألم عندما تشعر أن زوجها الذي تحبه قد فَضَّل عليها امرأة أخرى حتى لو كان ذلك التفضيل محدود المدة ، تلك المشاعر لا يمكن أن يتحكم فيها البشر لأنها مشاعر تلقائية تخرج من القلب ولا سيطرة عليها، ولكن إذا عاد إليها نادماً يجب أن تسيطر على تلك المشاعر ، وتحكم على الأمور بكل موضوعية قبل أن تتخذ أي قرار سواء بالعودة إليه مرة أخرى أو بالابتعاد عنه للأبد ، والأهم أن تسأل نفسها هل ما زال لديه رصيد من الفضل تستند عليه أم لا ، وهل مصلحة الأسرة تستحق منحه فرصة ثانية أم لا ، وما هي علاقته بأولاده؟ هل من الممكن إصلاح تلك العلاقة أم أنها أصبحت مستحيلة؟ أمور كثيرة وعوامل متعددة تتحكم في ذلك القرار ، والأهم هو عدم اتخاذ أي قرار تحت تأثير الغضب، فقد يكون صادق في رغبته في العودة إلى أسرته ، وقد يكون قد تعلم من تلك التجربة حتى لا يكررها مرة أخرى ، ومع الوقت قد ننسى أو نتناسى الألم ولكن في النهاية مصلحة الأسرة أهم بكثير من مصلحة أو مشاعر الفرد.