الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صناعة العبيد

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

ما يجرى الآن فى بلاد الفرنجة كما أسماها عميد الأدب العربى الراحل الدكتور طه حسين ، يذكرنى بما ذُكر عن ستالين وكيفية تلقينه تلاميذه دروسا فى العبودية البشرية ، فيقال إن ستالين الزعيم الروسي الأشهر فى تاريخ القياصرة جمع مريديه يوما ما وطلب إحضار دجاجة مكتظة مليئة بالريش ، وقام بنزع ريشها كله غير مبالٍ بصراخها واستغراب طلابه المجيبون؛ ولما انتهى من هذه العملية الغريبة ألقى الدجاجة على الارض ، والكل بالطبع منتظرا لتفسير لما رآه ؛ ولكن ستالين اكمل الدرس وملأ يده بالحبوب المفضلة لدى الدجاج وألقى الى الحزينة المنزوعة الريش ببعض من هذه الحبوب فالتهمته بشراهة ونهم ونسيت انه من نزع ريشها ، ولما انتهت الدجاجة من الحبوب صارت تمشى وراء ستالين وترافقه كظله كى يلقى إليها مزيدا من الطعام . 

وكلما ألقى إليها الزعيم الروسي بعضا من الحبوب ازدادت فرحتها وتوالى تتبعها لصاحب العطف ورجل البر والإحسان الزعيم ستالين . وبعد ان أكلت الدجاجة وشبعت نظر ستالين لتلاميذه وقال : هل علمتم مالذى اريد ان اشرحه لكم من هذه التجربة ؟ نظرات الدهشة والاستغراب ملأت وجوه مريديه ولم يجب أحد منهم وانتظروا منه الشرح والتعليم ؛ فقال : عندما تضرب احدا بالسوط فلابد ان تكون فى يدك الأخرى ضمادة تطبيبه ، واستطرد قائلا : وهل لاحظتم كيف يمكن ان تنسى كل العذاب ؛ بل ومن الذى عذبك ؛ فى مقابل ان تجد الطعام ممدودا إليك من نفس اليد التى اذاقتم العذاب ألوان !!!!!

درس ستالين هو ماتفعلة القوى العظمى حاليا فى العالم كله ؛ فالولايات المتحدة زجت بأوكرانيا فى حرب ضروس أخذت فى وجهها اليابس والأخضر  ؛ وهى نفس الدولة التى تمد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية وآخرها دبابات أبرامز التى ستشق طريقها قريبا الى كييف لتنضم الى أسطول المساعدات العسكرية الأمريكية فى الخزانة الاوكرانية . وأيضا نفس الدولة التى أقنعت الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكى بأن يضع قدمه امام قدم الدب الروسي ويدخل معه فى حرب مرهقة وهى واشنطن التى تجمع وتطالب الغرب كله بالوقوف مع كييف ضد موسكو ؛ وفى نفس الوقت تجعل الغرب مرتعدا من الفزاعة الروسية ؛ وعليه فلابد ان يضع الجزية عن يد وهو صاغر ، ويطيع أوامر العم سام ، وإلا فسوف يجد الدب الروسي مدمرا عريان القارة العجوز كلها دولة دولة ومنطقة تلو الأخرى . 

صناعة العبيد تمارس الان بأكمل صورها وبصورة مكتملة الأركان والأبعاد والصانع الأكبر قابعا فى جنبات البيت الأبيض يخطط ويمهد لحرب طويلة المدى بين روسيا واوكرانيا والغرب كله .وبالطبع هذه الحرب لن ينتصر  فيها احدا فهى حرب تكسير عظام وإرهاق مدروس للقياصرة بصفة خاصة وإنهاك متعمد للكيان الروسي وربما ترتقى لمرحلة محاولة اذلال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . 

ازالة ريش أوكرانيا يتم بصورة مبدعة والتلامذة محاطين بالمكان يتفرجون على الدجاجة وهم مصدومين ومفزوعين وخائفين من مصيرهم ، بينما من حرض ودفع بستالين جديد لينزع الريش ؛ آمنا مستفيدا سعيدا بأن صناعة العبيد أصبحت سياسة تدرس وتُعلم وخاصة ان الدجاج لم يستفد من الدرس الأول ؛ كما ان التلامذة لم يعرفوا جيدا من هو المعلم الحالى ، واختلط عليهم المشهد ، فأصبحت الصناعة ليست محلية ولكنها عالمية الصنع بعيدة الأهداف شديدة التأثير عميقة الأثر.