الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحداث الثاني من شعبان .. غزوة بني المصطلق وأبرز نتائجها

غزوات الرسول
غزوات الرسول

توافق اليوم الثاني من شهر شعبان 1444 هـ، ذكرى غزوة بنى المصطلق أو غزوة المريسيع، والتي حدثت في السنة السادسة للهجرة.

أحداث غزوة بنى المصطلق

بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحارث بن أبي ضرار -رأس وسيد بني المصطلق- سار في قومه وبعض من حالفه من العرب، يريدون حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ابتاعوا خيلاً وسلاحاً، وتهيّأوا للخروج، حينها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بريدة بن الحصيب الأسلمي، ليستطلع له خبر القوم، فأتاهم حتى ورد عليهم ماءهم، وقد تألبوا وجمعوا الجموع، ولقي الحارث بن أبي ضرار وكلمه، ورجع إلى رسول الله فأخبره خبرهم، فندب رسول الله الناس، فأسرعوا في الخروج، وخرج معه سبعمائة مقاتل وثلاثون فرساً، وكان منهم جماعة من المنافقين، واستعمل على المدينة زيد بن حارثة .

وبلغ الحارث بن أبي ضرار ومن معه مسير رسول الله إليه، فخافوا خوفاً شديداً، وتفرق عنهم من كان معهم من العرب، وانتهى رسول الله إلى المريسيع وهو مكان الماء، فضرب عليه قبته، ومعه عائشة وأم سلمة، وتهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لملاقاة القوم.

وجعل راية المهاجرين مع أبي بكر الصديق، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فنادى في الناس: قولوا لا إله إلا الله، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم.

وكان خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة في 2 شعبان سنة 6 هـ باغتهم عند منطقة تعرف بماء المريسيع، وعندها انتصر المسلمون انتصارًا كبيرًا وغنموا غنائم ضخمة وسلبوا عددًا كبيرًا من نساء القبيلة كان منهم جويرية بنت الحارث ابنة زعيم بني المصطلق الذي هو الحارث بن ضرار، وكانت ضربة هائلة للقبيلة.

وتزوج صلى الله عليه وسلم من جويرية ابنة زعيم القبيلة، وذلك بعد أن أدى عنها كتابها لثابت بن قيس، وكانت من نصيبه في السبي وكانت جويرية أسلمت، ورأى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه بهذا الزواج سيقرب قلوب بني المصطلق له، خاصة إذا أعتق المسلمون سباياهم من نساء بني المصطلق إكرامًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقد حدث ما توقعه الرسول الحكيم، وأعتق الصحابة سبايا بني المصطلق، وقالوا: أصهار الرسول، فأعتق في ذلك اليوم يوم زواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جويرية بنت الحارث أهل مائة بيت، وكان ذلك سببًا في إسلام قبيلة بني المصطلق، فكان نصرًا عزيزًا للإسلام والمسلمين.

غزوة بني المصطلق في السيرة

واكتسبت غزوة بني المصطلق مكانة خاصة لدى كتاب السيرة، رغم أنها ليست من الغزوات الكبرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لخطورة الآثار الخبيثة التي تسبب فيها المنافقون، فمن بين المنافقين من رأى الانتصارات المتعددة والغنائم الكثيرة التي جاءت في السرايا والغزوات التي أعقبت الأحزاب، فقرروا الخروج مع المسلمين وفي هذه الغزوة قد تسببوا في أكثر من أزمة كادت كل واحدة منها أن تطيح بكيان الدولة الإسلامية، وصدق إذ يقول حق المنافقين: "لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ" الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وهذا عين ما حدث في غزوة بني المصطلق فقد تسببوا في مجموعة متتالية من الفتن وللأسف الشديد فكما قال الله : "وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ"، أي فيكم أيها المؤمنون الصادقون من يلتبس عليه الأمر فيشارك في الفتنة ويقع فيها.

يقول الدكتور رمضان عبد المعز من علماء الأزهر الشريف، إن الصحيح من روايات هذه الغزوة كما يذكر الإمام ابن القيم وأهل السير أنه لم يكن بينهم قتال، وإنما أغاروا عليهم عند الماء، وسبوا ذراريهم، وأموالهم، ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح (أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارّون- أي غافلون- وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية) رواه البخاري ومسلم.

وكشفت غزوة بني المصطلق حقد المنافقين على الفئة المؤمنة، فما إن علموا بأن المسلمين انتصروا في المريسيع، حتى سعوا في إثارة العصبية بين المهاجرين والأنصار، ومن تلك المواقف التي اشتهرت ما رواه جابر رضي الله عنه، حيث قال: (كنا في غزاة فكسع -وهو ضرب دبر غيره بيده أو رجله- رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمعها الله رسوله صلى الله عليه وسلم قال: ما هذا؟ فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة، قال جابر وكانت الأنصار حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ثم كثر المهاجرون بعد، فقال عبد الله بن أبي أو قد فعلوا، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فقال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، قال النبي صلى الله عليه وسلم دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) رواه البخاري .وقد باءت محاولتهم الدنيئة هذه بالفشل، فلم يتمكنوا من فعل ما أرادوا.

وتابع: ثم سعوا إلى إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه وأهل بيته، فشنوا حرباً نفسية مريرة من خلال حادثة الإفك التي اختلقوها على أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولفت إلى أن أحد الغلمان أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدًا سبه بالأذل، فأراد سيدنا عمر أن يقطع رقبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرسول الكريم لا يا عمر يقولون محمد يقتل أصحابه، فأمر عمر أن يؤذن للناس بالرحيل وسار به مدة يوم حتى ينسوا هذه القصة.