الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في الذكرى الـ 20.. كيف استخدمت أمريكا النووي ذريعة لغزو العراق

ذكرى غزو العراق
ذكرى غزو العراق

بعد أيام تأتي ذكرى مرور 20 عاماً على غزو العراق، وعلى الرغم من مرور كل هذه السنوات على الحرب إلا أن أثارها لاتزال ممتدة ليس فقط على العراق وحده الذي دمرته الحرب ولم يرى الاستقرار منذ تلك اللحظة، وغرق في مستنقع من الفساد والحرب الأهلية، وإنما في سائر المنطقة.

لايزال الشعب العراقي يدفع ثمن تلك الحرب التي شنت بناء على ادعاءات كاذبة مفادها أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، وأثبت التفتيش المتكرر بعد الحرب أن العراق لا يملك أية أسلحة ذرية ولا بيولوجية ولا كيماوية، وأن الغرض من الحرب كان تدمير العراق ليس إلا.

في الـ20 من مارس يكون مر 20 عاماً على الغزو الأمريكي للعراق، وهذه الذكرى تمثل تذكيراً حياً بالمخاطر الناجمة عن التفكير الجماعي السريع، والنتائج السلبية الناجمة عن حصر الحقائق المعقدة في رواية بسيطة.

لايزال الناس في العراق الذي يعاني أزمات متعددة، وكذلك المنطقة برمتها، يعيشون نتائج هذه الحرب في حياتهم اليومية.

وكان هناك شعور لعدم مشروعية الحرب مبكراً، لهذا في فبراير 2003، عندما وصل نحو مليون شخص في تظاهرة في لندن، يعلنون معارضتهم للحرب التي يزداد احتمال اندلاعها مع مرور الساعات. 

غزو العراق - ويكيبيديا
ذكرى سقوط بغداد

سقوط بغداد

في فجر هذا اليوم من عام 2003 توالت الانفجارات في بغداد، واستهدفت الغارات الجوية مقرات القيادات العراقية. وقتها أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن بداية حرب "الحرية من أجل العراق" وعبرت القوات البرية الأميركية البريطانية -انطلاقا من الكويت- سياج ميناء أم قصر ومحاصرة الميناء من غربه وشماله، وقطع طريقه المؤدية إلى البصرة وشبه جزيرة الفاو. واستقرت قوة بريطانية قبالة بلدة أبو الخصيب وقطعت جميع الطرق المؤدية إليها.

وفي خريف 2002، نشرت الحكومة البريطانية برئاسة توني بلير تقريرا يحذر من "المخاطر التي يشكلها امتلاك العراق أسلحة دمار شامل" وذلك في محاولة لكسب تأييد شعبه والرأي العام العالمي لصالح القيام بغزو العراق.

ورغم ذريعة أسلحة الدمار الشامل المعلنة فإن أسبابا أخرى مختلفة (سياسية واقتصادية وحتى حضارية) ظلت قيد التناول في وسائل الإعلام العالمية وأروقة السياسة الدولية، وأصبح بعضها أكثر إقناعا للمراقبين انطلاقا من سير الأحداث ومآلات الحرب وتكشف أسرار تحضيراتها.

وفي طليعة تلك الأسباب تحمس الحكومتين الأميركية والبريطانية لوضع اليد على ثروة العراق النفطية الهائلة، فقد تحدثت تقارير عديدة عن التحريض على الغزو من طرف مسؤولي شركات نفط أميركية كبيرة، من بينها مثلا مجموعة هاليبيرتون النفطية التي كان ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي آنذاك يتولى إدارتها حتى عام 2000.

أكدت وثائق سرية حكومية بريطانية وجود علاقة قوية بين شركات ومؤسسات نفطية وعملية غزو العراق، وقالت إن خططا لاستغلال الاحتياطي النفطي العراقي تمت مناقشتها بين مسؤولين حكوميين وبين كبريات الشركات النفطية العالمية، وخاصة البريطانية منها (بينها شركات "شل" و"بي بي" و"بي جي") قبل عام من تاريخ غزو بغداد.

استخدام النووي زريعة لدخول العراق

مطلع يناير 2003، أعلن بوش في خطاب ألقاه بقاعدة "فورت هود" بولاية تكساس وهي أهم القواعد العسكرية الأميركية- أن بلاده جاهزة ومستعدة للتحرك عسكريا "إذا رفض العراق نزع أسلحة الدمار الشامل التي يملكها "وأضاف أن بلاده" لا تريد غزو العراق وإنما تحرير الشعب العراقي "وأعرب عن ثقته في" تحقيق نصر حاسم لأن أميركا تمتلك أفضل جيش في العالم".

واتهم بوش صدام بأنه يمثل تهديدا حقيقيا لأمريكا وحلفائها لأنه "استخدم" أسلحة الدمار الشامل سابقا كما استخدامها ضد شعبه، واتهمه بـ "تحدي مطالب الأمم المتحدة بعدم تقديم إقرار جدير بالثقة عن برامجه للأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية لمفتشي المنظمة الدولية" الذين استأنفوا عملهم بتفتيش العراق أواخر نوفمبر 2002.

وفي 7 مارس 2003، أبلغت الحكومة البريطانية النائب العام اللورد بيتر هنري جولدسميث بضرورة إعداد قرار بشأن مدى مشروعية شن الحرب على العراق دون الحاجة لقرار أممي جديد لإضفاء الشرعية على الغزو، وهو ما وافق عليه اللورد بعد أن ظل يرفضه طوال الأشهر السابقة، حسبما كشفته وثائق بريطانية سرية نشرتها حكومة ديفيد كاميرون يوم 30 أبريل 2010 بشكل استثنائي وربما غير مسبوق.

في الذكرى الثالثة عشرة: 5 حجج واهية استخدمتها أمريكا لغزو العراق | الوفد
ذكرى سقوط بغداد

تحطيم ثقة الشعب البريطاني بحكومته

نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية مقالًا يرى كاتبه أن الغزو الأمريكي للعراق ما زال يلقي بظلاله على المشهد السياسي في بريطانيا، حليفة الولايات المتحدة التي شاركت في الغزو، رغم مضي 20 عاما على أحداثه.

وأبرز الكاتب الصحفي البريطاني جون هاريس -في مقاله بالصحيفة- أن أحداث غزو العراق، الذي بدأ يوم 20 مارس 2003، أسهمت في تحطيم ثقة الشعب البريطاني بحكومته.

وقال إن الذكرى العشرين للغزو، التي تصادف الاثنين المقبل، لا تمثل تذكيرا بمسؤولية بلير وآخرين عن أكبر كارثة سياسية وإنسانية تورطت فيها المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية فحسب، بل تمثل أيضا اللحظة التي بدأ فيها مركز الثقل السياسي المفترض في بريطانيا يترنح على نحو متهور وكارثي.

وذكّر هاريس بأن حزب المحافظين والغالبية العظمى من الصحافة البريطانية دعموا غزو العراق حينها، وعليه فإن الذكرى السنوية لتلك الحرب المدمرة تعد مثالا حيا على مخاطر التفكير على نحو جماعي، والنتائج القاتمة التي يفضي إليها اختزال الحقائق المعقدة في روايات بسيطة.

وأشار إلى أن الناس في العراق، الذي يعاني جروحا غائرة ويعيش أزمات متلاحقة، وفي المنطقة ككل، ما زالوا يعانون يوميا بسبب تداعيات تلك الحرب. بينما يملك البعض في بريطانيا، والغرب عموما، رفاهية التفكير في أن تلك الحرب كانت حدثا بعيدا تلاشى بمرور الوقت.

كما أشار إلى أن كاتب عمود في صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) قال الأسبوع الماضي إن "حرب العراق لم تترك أثرًا يذكر في العالم الغربي"، وإن الغزو "لم يزعزع السياسات" الغربية.