الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعرف على بداية ظهور الفانوس في مصر والاحتفال بقدوم شهر رمضان

صدى البلد

من أهم مظاهر شهر رمضان الكريم هو  فوانيس رمضان، ويعود ظهورها للمرة الأولى في مصر إلى أيام الفاطميين، وتحديداً مع وصول المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر، حيث وصل من المغرب في الخامس من رمضان عام 358 هجرية.

في العصر الفاطمي بمصر، كان يُعهد للقضاة بالطواف بالمساجد في القاهرة وباقي الأقاليم، لتفقُّد ما تم إجراؤه فيها من إصلاح وفرش وتعليق المسارج والقناديل.

ومن الأسواق التي كانت تنشط فيها الحركة التجارية خلال شهر رمضان، كانت هناك سوق "السمكرية" داخل باب زويلة "بوابة المتولي بالغورية"، حيث كانت تعجُّ بأنواع الياميش وقمر الدين، وكانت وكالة "قوصون" شارع باب النصر التي ترجع إلى القرن الثامن الهجري مقر تجار الشام ينزلون فيها ببضائع بلاد الشام من الزيت والصابون والفستق و الجوز واللوز والخروب، ولما خربت وكالة قوصون في القرن التاسع انتقلت تجارة المكسرات إلى وكالة مطبخ العمل بالجمالية، وكانت مخصصة لبيع أصناف النقل كالجوز واللوز ونحوهما.

كما كان يتم عرض أنواع حلوى مثل "القطايف" و"الكنافة"، وكانت الكنافة والقطايف موضع مساجلات بين الشعراء، فجلال الدين السيوطي له رسالة عنوانها "منهل اللطايف في الكنافة والقطايف".

ولم تكن مظاهر الاحتفال وما يقدم على الموائد فحسب، بل كان لها تقاليد رسمية، فقد كان الخليفة يخرج في مهرجان إعلان حلول شهر رمضان من "باب الذهب"، أحد أبواب القصر الفاطمي، متحليًا بملابسه الفخمة وحوله الوزراء بملابسهم المزركشة وخيولهم بسروجها المذهبة، وفي أيديهم الرماح والأسلحة المطعمة بالذهب والفضة والأعلام الحريرية الملونة، وأمامهم الجند تتقدمهم الموسيقى، ويسير في هذا الاحتفال التجار صانعو المعادن والصاغة، وغيرهم الذين كانوا يتبارون في إقامة مختلف أنواع الزينة على حوانيتهم فتبدو الشوارع والطرقات في أبهى زينة.

وكان موكب الخليفة يبدأ من بين القصرين "شارع المعز بالصاغة الآن"، ويسير في منطقة الجمالية حتى يخرج من "باب الفتوح"، أحد أبواب سور القاهرة الشمالية، ثم يدخل من "باب النصر" عائدًا إلى "باب الذهب" بالقصر، وفي أثناء الطريق توزع الصدقات على الفقراء والمساكين،وحينما يعود الخليفة إلى القصر يستقبله المقرئون بتلاوة القرآن الكريم في مدخل القصر ودهاليزه، حتى يصل إلى خزانة الكسوة الخاصة، فيغيِّر ملابسه ويرسل إلى كل أمير في دولته بطبق من الفضة مملوء بالحلوى، تتوسطه صرة من الدنانير الذهبية وتوزع الكسوة والصدقات والبخور وأعواد المسك على الموظفين والفقراء، ثم يتوجه لزيارة قبور آبائه حسب عاداته، فإذا ما انتهى من ذلك أمر بأن يكتب إلى الولاة والنواب بحلول شهر رمضان.

وكان الخليفة الفاطمي يصلي أيام الجمعة الثلاث: الثانية والثالثة والرابعة على الترتيب التالي: الجمعة الثانية في جامع الحاكم، والثالثة في الجامع الأزهر، أما الرابعة التي تعرف بالجمعة اليتيمة فكان يؤديها في جامع عمرو بالفسطاط، وكان يصرف من خزانة التوابل ماء الورد والعود برسم بخور الموكب والمسجد، وعقب صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان يُذاع بلاغ رسمي عرف بسجل البشارة، وآخر ليلة من الشهر الكريم كان القراء والمنشدون يحيونها بالقصر الشرقي الكبير والخليفة يستمع من خلف ستار، وفي نهاية السهرة كان الخليفة ينثر على الحاضرين دنانير الذهب.