الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خزينة أسرار لا تنضب.. معبد دندرة في قنا قِبلة المواطنين خلال الأعياد

معبد دندرة
معبد دندرة

مع حلول عيد الفطر المبارك أو حتى أعياد الأضحى وشم النسيم، يتحول معبد دندرة إلى" قبلة للزائرين" ، باعتباره أحد أهم المزارات بمحافظة قنا، حيث يتوافد عليه المصريون بكثافة خلال الأعياد؛ للاستمتاع بعظمة وجمال الجدران والرسومات الفرعونية وما يحيط به من مساحات شاسعة تضفى راحة ومتعة لا توجد في الأماكن الأخرى.

زيارة المصريين بمختلف فئاتهم العمرية، لمعبد دندرة خلال الأعياد، يرجعها الكثير من المهتمين بالتاريخ، إلى عادات وطقوس فرعونية قديمة، كان يمارسها المصريون القدماء خلال أعيادهم التي كانت ترتبط بآلهة ومناسبات كثيرة تتعلق بالزرع والمطر، لكنها مازالت حاضرة في مناسبات الأحفاد و إن كانت بشكل مختلف.

زيارة معبد دندرة خلال الأعياد، تبدأ فى وقت مبكر من اليوم، للاستمتاع بجمال المعبد قبل ارتفاع درجة حرارة الطقس، حيث تنحصر ساعات فتح المعبد، فيما بين الساعة التاسعة صباحا حتى الرابعة عصراً، ما يجعل الجميع حريص على الزيارة فى الصباح الباكر، واستكمال الجولة بعدها فى أى مكان بعيداً عن أشعة الشمس الحارقة، خاصة فى فصل الصيف.

قال مصفى سيد" طالب"، تعودت منذ طفولتى على زيارة معبد دندرة مع أصدقائى فى اليوم الثانى للعيد سواء أضحى أو فطر، حيث نحضر فى تمام الساعة الثامنة ونتجول فى أرجاء المعبد و نلتقط الصور التذكارية، إلى أن نشعر بارتفاع درجة الحرارة، فنغادر المكان إلى كافيتريا أو مطعم، و بعدها نواصل احتفالنا فى كورنيش النيل، حيث تكون الأجواء مناسبة للاستماع بالمراكب النيلية.

و أضاف محمد جميل" طالب" زيارة معبد دندرة فى العيد أصبحت طقسا مقدسا لا يمكن التخلى عنه، فمهما زرت المعبد لا أَمَلُّ من الحضور مرة أخرى، للاستمتاع بعظمة وجمال وروعة ما أبدعه أجدادنا الفراعنة فى المبانى الخالدة و الجدران التى تحمل رسومات ونقوش لم يفلح الفنانين الحاليين بكل ما لديهم من إمكانيات و أدوات بعمل ولو صورة بسيطة منها.

من جهته، قال أيمن هندى- مدير عام آثار قنا، إن معبد دندره شهد اهتماما وجهودا كبيرة على مدار الفترة الماضية من قبل القائمين على وزارة الآثار، نظرًا لما يمثله من قيمة حضارية وتاريخية كبيرة، كما شهد حضور الكثير من البعثات الاثرية، بجانب الجهود الكبيرة التى بذلت منذ فترة لإزالة طبقات الكربون أو السواد " السناج" الذى يغطى سقف المعبد و يخفى أسفله الكثير من النقوش الفرعونية الرائعة، والتى تم الكشف عن الكثير منها وظهرت بألوانها الطبيعية وكأنه قد تم طلائها منذ فترة قريبة، فضلا عن اهتمام مسئولي الآثار و بذل كافة الجهود لوضع المعبد ضمن اهتمامات الأجانب أو المصريين.

معبد دندرة، وفقاً لما ذكرته وزارة الآثار، شيد لعباده الإلهة حتحور "إلهه الحب والجمال والأسرة" عند قدماء المصريين، يقع على الشاطئ الغربي من النيل، ويرجع تاريخ بناؤه للعصر اليوناني الروماني، حيث بناه الملك بطليموس الثالث من الحجر الرملي، وأضاف إليه العديد من أباطرة الرومان، ماجعل فترة بناءه تستغرق حوالى 200 عام.

تعد واجهة معبد دندرة "حتحور" من أروع الواجهات الفرعونية القديمة الخاصة بالمعابد، حيث يبلغ عرضها 35 مترا وارتفاعها 12.5 متراً ، كما يتصدر واجهة المعبد أعمدة ضخمة رائعة أعلاها متوج برسومات لرؤوس الإله حتحور "الأوجه الحتحورية"، ثم معبد الولادة الإلهية الثاني الذي شيد في عهد أغسطس والذي يحتوي على نقش بارز يجسد بوابة وهمية تصل للعالم الآخر، يعلوها ثلاث أقراص للشمس المجنحة، ثم صفًا من أفاعي الكوبرا المتوجة بأقراص الشمس، ويبلغ عدد الأعمدة التي تحمل سقف قاعة المعبد 24 عمودًا.

يتميز معبد دندرة بفن معماري فريد غني باللوحات والنقوش، زينت جدرانه وأعمدته بكتابات هيروغليفية وتماثيل محفورة بشكل بالغ الدقة والجمال، وتبين النقوش الموجودة على الجدران الداخلية للمعبد القياصرة الرومان أغسطس، تبريوس و نيرو يقدمون القرابين للآلهة على النحو الذي كان يتبعه قدماء المصريين آنذاك.

يتميز المعبد بمناظره الفلكية التى تزين أسقفه التى تعتبر تحفة إبداعية فهو من أبرز التحف المعمارية في تاريخ مصر القديمة، ويمكن الوصول إلى السقف العلوي عن طريق سلالم مزينة بمناظر للمواكب الكهنوتية وهم صاعدين على السلالم حاملين تماثيل حتحور في نقوش فرعونية رائعة، وهي تمثل الاحتفالات برأس السنة.

يحيط بمعبد دندرة سور طينى يبلغ طوله 1200 متر، من كافة جوانبه حتى الآن، مازال شامخًا مهيبًا و شاهدًا على الكثير من الأسرار والحكايات التى تحيط بمعبد دندرة الذى لم يحظى بالاهتمام الكافي حتى الآن، فرغم ضخامة المعبد ومساحته الشاسعة وتميزه بالاكتمال دونًا عن بقية المعابد المصرية التى طالها التدمير أو العوامل الجوية، إلا أنه مازال يعانى تدنى فى أعداد الزائرين.

ولا يمكن أن يذكر معبد دندرة دون أن تذكر كليوباترا، حيث يضم المعبد لوحة شهيرة للملكة كليوباترا و قيصر ابنها من الملك يوليوس قيصر، حيث تتناول نقوش المعبد وكتاباته جانبا كبيرا من حياة كليوباترا، بدءا من مرحلة الصراع على حكم الإمبراطورية ومروراً بالصفات الجمالية والشخصية التى كانت تميزها وقصة الحب التى جمعتها بـ يوليوس قيصر وإنجابها للطفل قيصرون منه.