الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبد المعطي أحمد يكتب: الإصلاح المتدرج

عبد المعطي أحمد
عبد المعطي أحمد

الإصلاح المتدرج أثبت لدينا بالتجربة والدليل الحى أنه أكثر أمنا وسلامة للتجارب السياسية التى تنتقل من حالة إلى أخرى أكثر تقدما وتطورا.

إن القفز السريع والواسع الخطى من حالة إلى أخرى أثبت أنه يحمل فى طياته مخاطر شديدة .
لقد أثبتت تجارب مراحل الانتقال  فى عدد من الدول  بما لايدع مجالا للشك أن الانتقال من الاستبداد إلى الثورة, ومن الفساد إلى الشفافية، ومن الظلم إلى العدل، وتكميم الأفواه إلى الحرية المطلقة هى مخاطرة غير محسوبة.

لاتكفى النوايا الحسنة لإنجاح أى إصلاح، ولكن لابد أن تكون هناك الرؤية الواعية الحكيمة التى تدرك قدرات البشر والمجتمع على الانتقال من حالة أخرى.

لايمكن أن تطلب من بطل رفع الأثقال كان المعتاد أن يرفع مائة كيلو جرام أن يرفع خمسمائة صبيحة اليوم التالى!إذا فعل الرجل ذلك فإنه سوف يصاب بيمزق حاد وتهتك فى أربطة ظهره!

"التدرج" هو من أبجديات الإصلاح العاقل المدرك لإمكانيات القائمين والمناط بهم عمل التغيير.
وكما يقال إذا أردت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع.

والاستطاعة المصرية وربما العربية أيضا كما ثبت ماضيا وحاضرا محدودة ومحددة لأسباب تتصل بالبيئة السياسية التى لم ترب أجيالا على مستوى تحديات العصر الذى نحياه.

إن تحويل أى مشروع إنجاز إلى مراحل منظمة هو أحد اسس علم الإدارة المدنية التى تقوم على مبدأ إن لم تستطع أن تفعل كل شىء مرة واحدة فافعله بتدرج على مراحل مدروسة.

الأفضل أن تصل إلى نقطة الهدف سالما بعد عدة أيام بدلا من أن تضل الطريق لأنك كنت عجولا متهورا.

• الشارع عنوان أى دولة فى العالم, وحين يكون على درجة من العناية والتنظيم يعكس حضارة ورقى هذا البلد, ويكون واجهة مشرقة للزائرين والوافدين إليه, وحين يكون مشوها تسيطر عليه الفوضى والإهمال فيكون أسوأ دعاية وذكرى للسائح والمواطن, والشارع فى أى بلد ملك للجميع, وشوارعنا لاترضى أحدا , والفوضى تحتاج إلى وقفة فى مواجهة اختناق مرورى ولغة سوقية استباحت الطريق, واستغلال للرصيف من الباعة الجائلين وتشويه للمبانى, وتلك مجرد مشاهد لحال أغلب شوارع وسط العاصمة بالذات والمحافظات نتيجة السلوكيات السلبية وغياب القانون, وأصبحت الفوضى هى الغالبة فى كل مكان, وعدم الالتزام يضرب بقوانين المرور عرض الحائط, وطاقة الشوارع الحقيقية تتضاءل أمام زحف السيارات الخاصة والميكروباص والتوك توك وأماكن الانتظارالعشوائية مع نقص الجراجات , وأصبح شعار البقاء للأقوى يسيطر على شوارع وميادين القاهرة الكبرى, فمن يحاسب من؟ وعلى من تقع مسئولية إهدار الوقت وصعوبة المرور بالطرق واستحالتها على الأرصفة؟ ومن يجب أن نحاسبه على غياب النظافة وانتشار القمامة بها. 

• من بين مفردات لغتنا العربية الجميلة نرصد كلمة(مكافحة) فنراها تشغل الرقعة الأعظم من مفردات المشهد العام على صعيد منظومة العمل الوطنى, إذ نشعر بوجودها فى كل مكان حتى يبدو أنها صارت قرينا لنا تمضى على أثرها وتتعقب خطانا وتلاحقنا أينما سرنا, إذ يموج المشهد بمكافحة الفساد بكل صوره وأشكاله ومكافحة الإدمان, ومكافحة التهرب الضريبى, ومكافحة الإرهاب الأسود, ومكافحة السرقة, ومكافحة الفقر, ومكافحة الهجرة غير الشرعية, ومكافحة البطالة , ومكافحة الانفجار السكانى, ومكافحة الجهل والمرض و...الخ, وهو الأمر الذى لاأملك إزاءه إلا أن أتوجه إلى الله بدعاء صادق نابع من القلب بأن يسبغ على حكومتنا الرشيدة والقائمين على الجهات المعنية نعمة النجاح والتوفيق فيما يسعون إليه ويتطلعون إلى إدراكه حتى تصبح بلادنا جنة الله على الأرض.

• أبسط حقوق أوائل خريجى الكليات الجامعية والمعاهد المختلفة بعد تفوقهم هو تعيينهم فى مواقع متميزة إعلاء من الدولة بقيمة الاجتهاد والتفوق , لكن للأسف هذا لايحدث, بل إنه رغم صبرهم سنوات عديدة سابقة أوقفت فيها الدولة التعيينات فى أجهزتها وعانوا فيها البطالة كأن أحدا لم يسأل عنهم أو يفتح ملف مشكلتهم لحلها.لا تتركوا الأجيال الجديدة فريسة للإحباط.

• فى ألمانيا مثلا وهى دولة متقدمة التعليم الفنى هو قاطرة التنمية المستدامة, ويفرز كوادر بشرية على أعلى مستوى مؤهلة للعمل والإنتاج فى كل مجالات الحياة, والعكس نجده عندنا, حيث التعليم الفنى للطلبة الأقل مجموعا, ويفتقد قدرات تأهيل المنهج الفنى والتكنولوجى فى التفكير وتنمية المواهب, وتشجيع الابتكار وترسيخ قيم العمل للخريجين. مصر تستحق تعليما فنيا أرقى وأكثر تقدما.