الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السمسمية.. قصة آلة رسمت معاني البهجة والمقاومة في بورسعيد|«التراثية» تحلم بإدارجها باليونسكو

الفنان محمد غالى
الفنان محمد غالى مؤسس متحف التراثية لألة السمسمية

ارتبطت آلة السمسمية بمحافظات القناة وسيناء مثلما كان يطلق عليها وهى المحافظات الرابطة بين أهم مجرى ملاحى مائى في العالم والذى حفر بعرق الأجداد وارتوى بدمائهم لتحصد مصر خيراته كمورد رئيسى للاقتصاد المصرى .

 

فكرة إنشاء متحف لـ «السمسمية» في بورسعيد 

 

والقصة التى يرويها الفنان محمد غالى عاشق السمسمية من داخل متحفه البسيط الذى انشأه خصيصا للحفاظ على تلك الآلة حتى لاتندثر وتختفى مع تطورات العصر وظهور الآلات الموسيقية الحديثة والمؤثرات الصوتية بدأت بفكرة عام 2005 عندما قرر إنشاء ورشة صغيرة لتصنيع "آلة السمسمية"، وتعليم العزف عليها .

ويؤكد “غالى” أنه أحس بضرورة توثيق تاريخ آلة السمسمية التى ارتبطت بوجدان وحياة أهالى بورسعيد ومدن القنال في أفراحهم وأحزانهم ونضالهم كشريك أساسى وجزء لا يتجزأ منها فجاء قراره بأنشاء متحف صغير يحكى تاريخها.

 

وقال “غالى” في تصريحات خاصة وثقتها صدى البلد، زمان كان لا يوجد متخصص لتصنيع آلة السمسية، فكان العازف عندما يريد آلة له يذهب إلى النجار ويصمم معه آلته الخاصة، فجاءت الفكرة من هنا بأن يتم تخصيص مكان لتصنيع هذه الآلة الشعبية، وتطور بعد ذلك للبحث عن تاريخها وإحضار الآلات القديمة منها."

 

ويكمل محمد غالى، حديثه مع صدى البلد: بدأت فى تجميع السمسمية القديمة من الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، وكذلك آلة الطنبورة التى تعتبر هى أصل السمسمية، وأنشأت متحفًا صغيرًا على قدر إمكانياتى ليجسد الفرحة البورسعيدية بكافة أشكالها فى ماكيتات صغيرة يحاوطها تاريخ الآلة وعدد من آلات السمسمية القديمة.

وأضاف “غالى”: لقد أصبحت التراثية، مكانا لتعليم وتصنيع آلة السمسمية ومتحف لتاريخها، هذا بالإضافة إلى الحفلات الصغيرة التى تتم إقامتها ويتجمع فيها كل محبى هذه الآلة الشعبية.

 

وشدّد “غالى” على أن دعم اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد كان سببًا في الابقاء على متحف التراثية عقب قراره بتخصيص موقعه الجديد بديلا عن الموقع السابق الذى أزيل بقصد تطوير المنطقة السابقة بأكملها وانشاء مشروع سكنى كبير .

 

ويضيف “غالى” أشعر بسعادة بالغة وأنا أرى الأجيال الجديدة من الشباب و الفتيات يقبلون على متحف التراثية للوقوف على تاريخ آلة السمسمية وتعلم العزف ومن بينهم عازفات ماهرات اليوم كونوا فرق نسائية لألة السمسمية ومنهم خريجو قسم الموسيقى بكلية التربية النوعية جامعة بورسعيد .

 

وتمنى غالى أن يكتمل ملف إدراج الة السمسمية  في منظمة اليونيسكو و الذى تقدمت به وزارة الثقافة خلال الفترة المقبلة للحفاظ على تاريخ الألة التى يعود تريخها الى العصر الفرعونى المصرى .

غالى مؤسس متحف التراثية لألة السمسمية

WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.32 PM (1)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.32 PM (1)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.32 PM
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.32 PM
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (5)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (5)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (4)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (4)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.30 PM (1)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.30 PM (1)

 

ويسرد صدى البلد في السطور المقبلة تطور آلة السمسمية وعلاقاتها بمحافظات ومدن القناة وسيناء وارتباطها بتوثيق التاريخ و ملاحم البطولة ولحظات الفرح و الحزن والهاب الحماس الوطنى . 

 

 

«النجي» ارتحل من النوبة إلى منطقة القناة أثناء حفر قناة السويس حاملًا على يديه الطنبورة 

 

تعد آلة السمسمية آلة بحر خرجت من مياهه، واعتلت أمواجه ووصلت إلى كل شواطئه حتى اختلطت أدوارها وألحانها إختلاط الزمان بالمكان بالبشر، والشواهد مثل النوارس تطير من شاطىء إلى بر إلى بحر.

 

ويعتبر الفنان الشعبي محمد عثمان النجي والفنان عبدالله كبربر الساحر النوبي اثنين من أساطين الة السمسمية وهما من عملا علي انتشارها في العالم. 

 

وارتحل النجي ، من النوبة إلى منطقة القناة أثناء حفر قناة السويس (1859 ـ 1869) حاملًا على يديه الطنبورة (الآلة الأم للسمسمية) والمكونة من ثمانية أوتار والمشابهة لآلة الهارب الفرعونية القديمة"ووضع البذرة الأولى لفن السمسمية على طول مدن القناة الثلاث وخلدته أدوار السمسمية بدور "الحمد الله أنه جي".

 

عبدالله كبربر.. الساحر النوبي عاش في الثلاثينيات وسافر إلى القناة حاملًا السمسمية 

 

أما عبدالله كبربر ، الساحر النوبي فقد عاش الحياة وكأنها رحلة لا تنتهي في ثلاثينيات القرن الماضي، وارتحل من النوبة إلى السويس إلى الإسماعيلية إلي بورسعيد وتحت إبطيه "السمسمية" بعد أن صغّر حجمها وقلل من عدد أوتارها إلى خمسة أوتار لترتحل معه من مدينة إلى مدينة ومن بر إلى بحر إلى بر.

 

كما كان الاثنان "النجي وكبربر" شاهدان على انتقال فن السمسمية كالهواء من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان.

 

وعن نشأة فن السمسمية و الضمة البورسعيدية، يقول القدامى أن فنانًا نوبيًا يُدعى «محمد عثمان النجي» عبر من البحر الأحمر إلى منطقة حفر قناة السويس وفى يده «الطنبورة» الشقيقة الكبرى لآلة السمسمية، وبدأت معه تباشير الحكاية، ومُبتدأ فصول الدهشة على هذه الأرض المنسية التى عمّدها البحر بعد حفرها إلى عروسة أخرى من عرائسه.

 

هذا ولم تنس السمسمية للنجى فضله، فاحتفظت باسمه فى ذاكرتها وأدوارها: الحمد الله انه جى محمد عثمان النجى وطر الطنبورة لى.

 

ويحكى آخرون أن نوبيًا آخر يُسمى «عبد الله كبربر» جاب كل مدن القناة في الثلاثينات، وتحت إبطه آلة «السمسمية» ولم يجد مكانًا يتسع لفنه سوى مقهى «السبع حصون» لصاحبه الريس: حسن متولي، الذى استضافه ثلاث سنوات متواصلة، وتحولا إلى ظلين لروح واحدة، لأن الإثنين جمعهما الشغف بسحر أوتار السمسمية.

 

وللسمسمية اداور ربطت فنها ببلدان العالم فمنها بالله عليك يا طير يا رمادي/ افرد جناحك ودينى بلادي ... عدن عدن ياللى عليك بحرين/ فيه الحليوة ليه شهرين، عبّر الطائر الرمادى من اليمن إلى مدن القناة، ومن بحر عدن إلى بحورنا المصرية، ومنها أيضًا الدور الشهير (يا لدانه) وصلنا من البحر الأحمر وتحديدًا من السعودية إلى شواطئنا على البحرين الأبيض والأحمر، كما أن منها دور: روح بالسلامة يا جدع مطروح/ طريق السلامة يا جدع مطروح/ روح بالسلامة أمان أمان أمان، دور معبق بروح «القواصة الأتراك» أثناء تواجدهم فى مصر، ودور»السمسمية» البديع «زارنى المحبوب فى رياض الآس» انتقل من الشام إلى دمياط ومنها إلى مدن القناة

 

هذا غير الأدوار النوبية البديعة للسمسمية ومنها دور «علشان جرجيه وعلشان جرجوه، كما أن للسمسمية أساطير حاضرة ودائمة منهم محمد أبو يوسف «كاتب السمسمية الأغزر الذى كتب آلاف الأدوار، ومنها: من العزبة لرأس البر، وتعلم بُكايا ونوح يا حمام، وظل ابويوسف طيلة عمره مُعتزًا بذاته وبفنه مثل طاووس متيم بجمال ريشه، ولا يرى غيره بديلًا، وحينما نصحوه بالذهاب إلى «القاهرة» رد قائلًا: القاهرة من تأتينى إلى مكانى. 

ألة السمسمية من متحف تراثية بورسعيد

WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (3)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (3)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (2)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (2)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (1)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM (1)
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.31 PM
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.30 PM
WhatsApp Image 2023-05-27 at 2.05.30 PM

ويعد من اشهر الاساطين الداش الدمرداش فقد عمل فى صباه فى الميناء، وفى منتصف الثلاثينات تقلد «فتونة» شارع البلدية مع صديقه «شعنون، وأدارا معًا مقهى صغير فى عزبة فاروق وكانت وقتها منطقة فقيرة وعشوائية على هامش المدينة وأُزيلت منذ أربعين عامًا وحل محلها اليوم منطقة ارض العزب .

 

وإقترن إسم الداش باسم «أبو يوسف» كوجهين لكتابة واحدة أساسها العفوية والتلقائية، ويأتي ضمن كتاب السمسمية محمد المصيلحى الذى غفله الدارسون برغم أنه كتب مئات الأدوار الشهيرة ومنها: إحنا البورسعيدية/ إحنا ولاد الميّه، هانت يا بلاطوة، ومن الشعراء المعروفين كامل عيد، وابراهيم البانى، اللذين انتقلا بقصيدة «السمسمية» من عفويتها ونزقها إلى سبكها الجمالى والشعري، خاصة فى أدوار «فجر الرجوع أهو لاح» لإبراهيم البانى، و»طازة وعال يام الخلول» و»بلدى يا بلد الفدائيين» لكامل عيد.

 

الفنان حسن متولي الرائد الحقيقي لتيار السمسمية الوطنية

 

ويعتبر الفنان حسن متولي هو الرائد الحقيقي لتيار السمسمية الوطنية ، فليس بصحيح ما هو شائع ، بأن السمسمية قد تحولت فجاءة للغناء الوطني أثناء مواجهة الحرب عام56، بل سبق قبل ذلك حين جذبها إلى ذلك الاتجاه حسن متولي ،عندما قدم في الأربعينيات ، أول الألحان الوطنية عقب الحرب العالمية الثانية إذا أستعصي على القاسي دوائي ولم يجد السبيل لبرء دائي فقل يا نيل مصر اليوم تبغي من الحلفاء تعجيل الجلاء.

 

وكان من الطبيعي أن تجري علي آلته نغمات أولى أغنيات المقاومة أثناء 56- " دا كنالنا وبحرنا " كلمات احمد الصياد و الحان حسن متولي. 

 

ويرجع الفضل الي الريس حسن في تطوير آلة السمسميه بإضافة المفاتيح عوضا عن (الحوي) مما سهل على العازفين فيما بعد ضبط الآلة و الحفاظ علي درجة شد الوتر طوال مدة العزف.

 

وتأتي مقهى السبع حصون،لمالكها حسن متولي التي بناها في الثلاثينيات ، ليجلس فيها مع أصحابه و كتب عليها " النادي المصري السوداني " وأسماها الناس فيما بعد " قهوة السبع حصون " لتلعب دورا مهما في تاريخ السمسمية.

 

وكانت المقهي تقع في اول حي المناخ ناحية البحر، فى المنطقة الرابعة ،وصممت بسبعة أبواب ، منها أربعه أبواب في مواجهة البحر.

 

واستقبلت المقهي عبد الله كبربر مرتحلا من السويس ، وتحت إبطه آلة السمسميه و استضافه فيها حسن متولي ، يأكل و يشرب ، و ينام فيها لمدة ثلاث سنوات متواصلة . عشره وصحبة وضيافة.

 

ولأن كان حسن متولي كان فتوة الحي كله ، خناقات فتوات الحارات مع بعضهم تنتهي بالصلح في مقهاه – السبع حصون - ، فهو فتوة المناخين ، الفوقاني و التحتاني ، طولا بعرض ، و صاحب صاحبه ، ولما كانت كل حارة من حارات المناخ تسمى حصن ، كان لكل حارة باب في المقهى تجلس فيه، فجمعت كل طوائف الحي.

 

وارتاد القهوة كافة أصناف البشر من كل الطوائف، فهي تتسع لجميع الجماعات ، كجماعة البمبوطية وتجار البحر وسائقي اللنشات -زملاء المهنة -و أصحاب الفلايك ، جماعة تجار سوق الجملة ، حتى العربجية كان لهم جانب وحصن الحاج حسين الشلودي في قهوة حسن متولي ، إلي جانب بعض الأثرياء و كبار عائلات بورسعيد كالشيخ صديق لهيطه ، و الأخوان احمد ومحمد الصياد - وكانا أيضا يكتبان الشعر ، والشيخ المعمم "العتمة " أظرف ظرفاء بورسعيد ،و أول من احرق دميه اللنبي، ووسط تلك الجماعات. 

 

زكريا الحجاوي غنى لأول مرة على الهواء بخماسي حسن متولي في الخمسينيات

 

وتجلس جماعة الفن و الضمه و السمسميه ، تتحلق حول حسن متولي ، وفيها يزوره زكريا الحجاوي الذي زامله في المدرسة الابتدائية في المطرية دقهليه ، و ظلت صداقتهما علي حالها ، فيقدم الحجاوي خماسي السمسمية الذي كونه حسن متولي ليغني في الإذاعة المصرية علي الهواء في الخمسينيات.

 

 

عبد العزيز محمود و إسماعيل يس والملاح وشكوكو أبرز العاشقين للسمسمية

 

فكانت المقهي ملتقى للفنانين و الشعراء ، بداية من الشاعر الكبير أحمد رامي الذي كلما حضر إلي بورسعيد ، كان يجلس بالساعات ليستمع إلي عزف إبراهيم خلف على السمسمية ، و مرورا بالمطرب عبد العزيز محمود و إسماعيل يس ، وحتى جيل سيد الملاح ، أما الفنان محمود شكوكو ، فكان علي علاقة قوية بالمكان ، وكان لديه صديق من رواد القهوة يعمل بمبوطي اسمه حسن صفريته ، تعلم منه شكوكو حركات وإيقاعات الرقص البورسعيدي ، بعدما كان يكتفي بالرقص البلدي التقليدي ، فكانت الرقصة التي سجلها تمثاله الشهير ، وهو يضع يده علي رأسه ، تماما كاللزمه التي كانت تلازم حسن صفريته أثناء رقصه ، والذي غنى له شكوكو منولوج خاصا له يقول فيه :

 

الود حسن صفريته أجدع ولد في النطيطه

يطلع شليع ع الفرقيطه ويجيب فلوس بالطورنيطه

ضيع فلوسه ع الشيكوليطه والجميل وينه و النبي يابا 

 

وفي عام ٥٦ احترقت القهوة و الحي علي يد الإنجليز و الفرنسيين واختطف الإنجليز الريس حسن واحتجزوه لمدة تزيد على شهر داخل معسكراتهم في الإسماعيلية التي تسمى الآن (معسكر الجلاء ).وهو جانب آخر في شخصيته.