الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد الشناوي يكتب: فلا نامت أعين الجبناء

صدى البلد

فلا نامت أعين الجبناء 
كلمة بمجرد سماعها تقشعر الأبدان من هولها ورعبها، تلك الكلمة المكونة من ثلاثة أحرف فقط تشعر الإنسان بالرعب... فالموت يقضي على كل كبير وصغير، ولكن الموت هو حق على جميع المخلوقات، ومهما طال الزمن أو قصر فلا بد من ولوج الموت .
حياتنا بكل اختصار هي حلم يوقظنا منه الموت!
الشيء الحقيقي في هذه الحياه هو الموت وهذا يعني أن لكل شيء نهايه وأن هذه الدنيا ليست غايه وما خلق الانسان إلا ليعمر الكون بالعبادة والعمل  ...
الموت سهم أطلق نحوك وحياتك في الكون هي بقدر وصول هذا السهم اليك!
وليس هذا معناه ان يفقد الانسان الامل في الحياه لأن الحياة ورغم أنها أقل من ان تكون غايه الا انها اهم من أن تنسى!
ولقد مات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانتقل الى الرفيق الأعلى وهو خير البشر بل خير الخلائق على الاطلاق ...
و كان الصحابه رضوان الله عليهم حينما يموت عزيزا عليهم يتعزون بمن فقدوا بفقد رسول الله فكل فقد دونه هين ..
الحقيقه المطلقة هي الموت والله سبحانه وتعالى حينما تحدث عن ذلك قال:{تبارك الذي خلق الموت والحياه ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } . 


بدأ الحق سبحانه وتعالى بذكر الموت أولاً وهذا يعني ان الموت مخلوق قبل هذه الحياه وقبل وجود الانسان وهذا هو المآل الحقيقي لكل من هم على وجه هذه البسيطة .


ولكن لما طغت المادة وسيطرت على حياه الناس أصبحوا يخافون من هذه الحقيقة خوفا مفزعا ناسين أو متناسين أن من اشتاق إلى لقاء الله اشتاق الله الى لقائه!
فأضحى دخول البعض على مولاه كدخول العبد الآبق على سيده!


فعلا الموت مصيبة ولكن الصبر هو النجاه وانما الصبر عند الصدمة الأولى .


الموت الحقيقي قبل الموت المكتوب هو أن نموت بلا عمل وبلا إعداد للزاد ولذا يقول أحد العارفين بالله:
أنا لا اخاف الموت وانما أخاف أن أموت قبل أن أحيا  .


كل يوم بل كل ليلة نموت الموتة الصغرى حين نومنا فنسلم الروح إلى خالقها إلى أن يأذن الله لها بالعودة مرة أخرى إلى الجسد أو المغادرة الأبدية .


فنحن نعيش الموت مئات المرات منذ لحظة ميلادنا ولكن لا نعي ولا نتذكر بل ولا نتدبر!
الموت مجهول زيّفه الأحياء وتعوذوا منه؛ لأنهم يحبون المعلوم يحبون حياتهم التي يرونها بعين ناقصة!
هم كانوا هنا ثم رحلوا، غابوا ولهم أسبابهم في الغياب، لكن الحياة خلفهم ما زالت مستمرة، ف الشمس ما زالت تشرق، والأيام ما زالت تتوالى والزمن لم يتوقف بعد، ونحن مازلنا هنا مازال في الجسد دم وفي القلب نبض وفي العمر بقية، فلماذا نعيش بلا حياة ونموت بلا موت؟


فليس معنى الموت أن تكون جثة هامدة بلا حركة أو دماء فيها جارية بل الموت الحقيقي أن  تخاف من الموت جبنا يأخذ بيديك إلى الجحيم فتظل حبيس اوهامك وبعدك عن الله غير متعظ بمن رحلوا وغير منتبه لما هو آت!
من لم يمت بالسيف مات بغيره 
تعددت الأسباب والموت واحد
فأرح قلبك بالتقبُّل، وارخ يديك بالإفلات، وَدَعْ كل ما حولك يأخذ مجراه المُقدَّر له، فأحيانًا لا طاقة لك إلا بالتسليم، ولا علم لك سوى إدراك أنّ لكل شيء حكمة  .
وما نحن الا كالكتابة في الهوى 
سطور خيال والحروف ضمائر 
إن كلمات سيدنا خالد بن الوليد التي ارتفع بها صوته قبيل رحيله وهو على فراش الموت:
"لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء"  .
لتترجم لنا وتنقل مدى عظمة هؤلاء الكبار وأن المسافات بيننا وبينهم شاسعة فماذا نفعل وقد اتسع الخرق على الراتق؟
‏‎