صدر حديثاً، عن منشورات المتوسط-إيطاليا، رواية جديدة للكاتب الفلسطيني أسامة العيسة، حملت عنوان "سماء القدس السابعة"، وفيها يعود العيسة، إلى قُدْس السبعينيات؛ التي تتعرَّض إلى ما يشبه المجاعة، للمرَّة الثانية، بعد خروجها من الحرب الثانية خلال عشرين عاماً، وتحاول احتواء صدمتها، مع مُحتلِّها المُنتصِر، والمُتفوِّق.
هي رواية احتفاء بالمكان، وبالشخوص، بمدينة نصِّيَّة وقدرية. لكنَّها أيضاً مراجعة للمُسلَّمات، والشعارات، وحتَّى للفعل الفدائي المُبكِّر، الذي لم يكن، رغم فداحة التضحيات وسُمُوِّها، والمرجعيات الثقافية للمناضلين، ليفضيَ إلى انعتاق المدينة، بحَجَرها وبَشَرها. وعن الإدراك المُبكِّر أنَّ القُدْس، المحاصرة بالأغاني الحماسية، والشعارات الجماهيرية، والتصريحات الرسمية، ليست هي قُدْس النَّاس الذين كان عليهم دفع الثمن دائماً.
وليست هي القُدْس الدينية، التي حاصرت نفسها في نحو كيلومتر مربَّع داخل السور، لقرونٍ، رغم معاناتها من جراحٍ لن تندمل، ومن مُحتَلٍّ إلى آخر، ومن فاتحٍ إلى فاتح، ومن شقيقٍ دموي إلى شقيقٍ لا يقلُّ دموية وجهلاً. وليست هي القُدْس المكتوبة بفَهْم المنتصرين.
بل هي القُدْس المستعصية التي تُكتَب هنا، وللمرَّة الأولى، بهذا العمق والاتِّساع والشخوص مُتعدِّدي الإثنيات والقوميات.
أسامة العيسة يكتب تاريخ القُدْس الآخر، تاريخ العاديِّيْن المهزومين. يكتبُ سِفْراً عن مدينة الأسفار، والأقدار والنصوص.
أسامة العيسة؛ كاتب وصحفي ولد في مخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم، فلسطين في عام 1963م، صدرت له عدة كتب أدبية وبحثية، في القصّة والرواية والآثار وطبيعة فلسطين، وأعدّ أبحاثًا لأفلام تسجيلية عن الثقافة والسياسة في فلسطين، كما حصلت روايته مجانين بيت لحم/ على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة الآداب، عام 2015.