تعقد القمة الروسية الأفريقية الثانية في مدينة سان بطرسبرج الروسية يومي 27 و 28 يوليو؛ ويأتي هذا في وقت يشهد تحولا جيوسياسيا كبيرا، قد يراه القادة الأفارقة على أنه يوفر فرصا مفيدة.
وأدت القمة السابقة، عام 2019، إلى توقيع 92 اتفاقية وعقدا ومذكرة تفاهم تزيد قيمتها عن 11 مليار دولار. وقد استفادت عدة دول أفريقية، على سبيل المثال نيجيريا، من هذه الاتفاقيات، خاصة في مجالات توليد الطاقة والتعليم.
ولكن هذه المرة، تواجه القمة عدة تعقيدات منها أن العديد من البلدان في القارة تواجه أزمة تكاليف المعيشة حيث أدت حرب روسيا على أوكرانيا إلى زيادات حادة في أسعار الأسمدة والحبوب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة انعدام الأمن الغذائي في القارة.
كما أن هناك جدل كبير بشأن دور مجموعة فاغنر في العديد من البلدان الأفريقية، وعلاوة على ذلك فإمن هناك تعقيد أخر وهو أن حالة الاقتصاد الروسي تحد من قدرة الرئيس فلاديمير بوتين على تقديم أي مساعدة اقتصادية ذات مغزى لأفريقيا. ومن غير المرجح أن تجني البلدان الأفريقية الفوائد إذا فشلت في التفاوض ككتلة.
وفي تحليل نشر على موقع "أول أفريكا"، فإنه بإلقاء نظرة نقدية على القمم السابقة بين البلدان الأفريقية والصين والولايات المتحدة واليابان يكشف التشرذم في مفاوضات الدول الأفريقية. تميل المصالح الوطنية إلى حجب المصالح الجماعية، وهذا يقلل من قدرتها التفاوضية لم تكن القارة قادرة على تأكيد وكالتها.
وتستقطب قمة 2023 الانتباه بسبب موقف العديد من الدول الأفريقية فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، فحوالي نصف الدول الأفريقية كانت إما "محايدة" أو أيدت العمل الروسي.
ويظهر الاهتمام المتجدد في إقامة أو إعادة توثيق العلاقات مع البلدان الأفريقية، كما رأينا في القمم الأخرى، مدى أهمية إفريقيا في السياسة العالمية. لذا يجب على القادة الأفارقة الاستفادة من ذلك.
ما يجب أن تحققه أفريقيا؟
وأشار الموقع الإفريقي إلى أن هناك خمسة أشياء يجب على إفريقيا تحقيقها في القمة الثانية بين روسيا وأفريقيا.
أولا، يجب أن تتحدث البلدان الأفريقية بصوت واحد، فالبلدان الأفريقية في مراحل مختلفة من التنمية وبالتالي لديها احتياجات متنوعة. لذا سيكون اتخاذ موقف واضح بشأن القضايا التي تؤثر على القارة بأكملها أكثر إنتاجية.
ثانيا، الأمن قضية ذات أهمية قصوى لأفريقيا، لذا يتعين على الدول الأفريقية الاتفاق على ترتيب أمني بديل مع روسيا لا يشمل المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص.
فقد كانت العديد من الدول الأفريقية متخوفة من مجموعة فاجنر، وكانت غانا الأكثر صخبا حتى أنهم اتهموا بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
بينما تعتمد بعض الدول الأفريقية على روسيا في توفير الأسلحة لمحاربة التمرد في بلدانهم، من المهم الاستغناء عن المتعاقدين العسكريين الخاصين والتعامل مباشرة مع روسيا.
ثالثا، كانت للحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا تأثير غير متناسب على البلدان الأفريقية من خلال أسعار المواد الغذائية، حيث تعتمد العديد من الدول الأفريقية على روسيا وأوكرانيا في الحبوب والأسمدة.
وعلى الرغم من أن تركيا تمكنت من إبرام صفقة مع روسيا في عام 2022 لتزويد إفريقيا بالحبوب، إلا أن روسيا رفضت تجديد الصفقة. وهذا يشكل تهديدات خطيرة للبلدان الأفريقية.
ويتفهم قادة الدول الأفريقية تأثير الأمن الغذائي على الاستقرار السياسي. لذا فإن هذا الموضوع يجب أن يكون له الأولوية في القمة.
تحتاج الدول الأفريقية إلى الحبوب والأسمدة، وروسيا تسعى بشدة حتى لا تفقد حلفائها الأفارقة، وهنا يجب أن يكون تأمين صفقة جديدة مطروحا على الطاولة في سان بطرسبرج.
رابعا، على الرغم من الإبلاغ عن زيادة حجم التجارة بين روسيا وإفريقيا في السنوات القليلة الماضية، إلا أنه لا يزال غير متوازن.
فقد ظلت العديد من البلدان الأفريقية مستوردة للمنتجات الروسية بدلاً من كونها مصدرة. لذا يجب أن يتفاوضوا من أجل برنامج يسمح لهم بزيادة حجم صادراتهم إلى روسيا- وهو شيء مثل قانون النمو والفرص في إفريقيا الذي سمح لدول إفريقيا جنوب الصحراء بتصدير المنتجات إلى الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية.
وأخيرا، يجب على الدول الإفريقية المشاركة في القمة السعي إلى اتخاذ إجراءات محددة لتقليل تأثير الحرب على دولها. فقد فشل وفد من الدول الأفريقية في وقت سابق من العام في إقناع روسيا وأوكرانيا بإنهاء الصراع. لكن يجب عليهم تأمين التزام للحد من تأثير الحرب على القارة.
فمن المتوقع أنهم سيجدون صعوبة في الحصول على قدر كبير من المساعدات من روسيا، لكن عليهم الضغط من أجل نقل التكنولوجيا التي ستساعدهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وفي النهاية اكد التحليل على أن أهم شيء، هو أن يتحدث القادة بصوت واحد.