الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التوسل بالنبي في الدعاء.. حكمه وهل يجوز إنشاد الأبيات التي فيها استغاثة بجنابه؟

حكم التوسل بالنبي
حكم التوسل بالنبي في الدعاء

حكم التوسل بالنبي في الدعاء، وهل يجوز إنشاد الأبيات التي فيها استغاثة بجنابه؟ سؤال بينه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء من خلال الموقع الرسمي لدار الإفتاء.

هل يجوز إنشاد القصائد التي فيها استغاثة بالنبي؟

وقال علي جمعة، إنه قد اشتهرت استغاثات العلماء والأدباء والأمراء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أشعارهم ورسائلهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم شهرةً مستفيضة على مر العصور من غير نكير، حتى لا يكاد يوجد ممَّن مدح النبيَّ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أحدٌ يخلو شعره من الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك:

- الإمام عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته القاضي عياض بن موسى اليحصبي المالكي [ت: 544هـ] صاحب كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم"، وقد أرسل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره رسالةً استفاضت شهرتها، يسأله فيها الشفاعة، وعُدَّت هذه الرسالة من مناقبه العالية، كما أنه تشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في أشعاره كما هو مبسوط في ديوانه.

- والإمام الشاعر جمال الدين يحيى بن يوسف بن يحيى الصرصري الحنبلي [ت: 656هـ] الذي وصفه الحافظ ابن رجب الحنبلي بالشدة في السُّنة والانحراف عن مخالفيها فقال عنه في "الذيل على طبقات الحنابلة" (1/ 197): [شاعر العصر، وصاحب الديوان السائر في الناس في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان حسان وقته.. قال: وكان شديدًا في السنة، منحرفًا على المخالفين لها، وشعره مملوء بذكر أصول السنة، ومدح أهلها، وذم مخالفيها، وله قصيدة طويلة لامية في مدح الإِمام أحمد وأصحابه.. وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه وبشره بالموت على السُّنَّة، ونظم في ذلك قصيدة طويلة معروفة] اهـ.

وقد امتلأت مدائحه النبوية بالاستغاثة والتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتلقَّى العلماء شعرَه بالقبول، ولم يطعن في مدائحه النبوية أحدٌ من العلماء من أهل عصره فمَن بعدهم.

فمما قاله الإمام الصرصري: كما في "المجموعة النبهانية في المدائح النبوية" للعلّامة الشيخ يوسف النبهاني [ت: 1350هـ] (1/ 119، ط. دار الفكر):

يا حبيبَ الرحمــــن في الخـــــلق يا مَــن تعـــــرف الأرضُ فضلَه والسـمـــاءُ

أنت ذُخــــــــــــرٌ لنا وعـــونٌ على خَطْــ ـــبِ زمـــــــــان به اللبيــــــبُ يُساءُ

فأَغِــثْـــــــــــني وكن لضعفي مُجيــــــــــرًا في مَقــــــــامٍ تخــــــــــافه الأتقيـــــــــاءُ

ومما قاله أيضًا: كما في "المجموعة النبهانية" (1/ 398، ط. دار الفكر):

فَأَدِّ عني ســـلامًا زاكيًـــا أَرِجًـــــــــــا لا لغوَ فيه ولا إثمًا ولا كذبًا

وقل عُبَيْدُكَ يرجو منكَ مَكرُمةً رَجاءَ عافٍ لوعدٍ ظلَّ مرتَقِبًا

وقال أيضا (4/ 304):

فبـــــــــلِّغْ -هــــــــــداكَ اللهُ- عني تحيــــــــةً مُعطَّـــــــرةً الأنفـاسِ محروسةَ الصَّفْوِ

وقُلْ عَبْدُكَ المسكينُ يحيى سَرَتْ به جِراحُ التَّنَائي فائْتِــها أحسنَ الأَسْوِ

- والإمام العارف الشاعر أعلم الشعراء وأشعر العلماء: شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد البوصيري [ت: 696هـ] صاحب القصائد الغراء في مدح النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وأشهرها قصيدته المسمّاة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية" والمشهورة بـ"البردة" أو "البُرأة"، التي يقول فيها:

ما سامني الدهرُ ضيمًا واستجَرْتُ به إلا ونِلْـــــــــتُ جِـــــــوارًا منه لم يُضَــــــــمِ

ولا التمستُ غِنَى الدارين مِن يَـــــــده إلا استلمتُ الندى مِن خير مُستَلَمِ

ويقول في همزيته أيضًا:

فَأَغِثْنا يا مَنْ هُوَ الغَــــــوْثُ والغَيْـ ـثُ إذا أَجْهَدَ الوَرى الّلأْواءُ

والجوادُ الذي بِهِ تُكْشَفُ الغُمْـ ـمَةُ عَنّا وَتُكْشَـــــــفُ الحَـوْباءُ

يا رَحِيْمًـــــــا بالمؤمنــــــِيْنَ إِذا مــــــا ذَهِلَتْ عَنْ أَبْنــائِها الرَضْـعاءُ

جُـــــدْ لِعاصٍ وَمَا سِواى هُوَ العا صِي وَلكِنْ تَنَكُّرِي اسْتِحْياءُ

يانَبِـــــــيَّ الهُدَى اسْتِغــــــاثَةُ مَلْهُو فٍ أَضَرَّتْ بِحـــــالِهِ الحَـــــوْباءُ

- والإمام المجتهد شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد [ت: 702هـ]، في قصيدته التي مدح بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتي أولها:

شرف المصطفى رفيـــــــعٌ عمــــادُهْ لَيْسَ يُحصَى لكثـــــــرةٍ تعدادُهْ

يَا رســــــــــولَ الملـــــــــــيك دعوةُ مَن زاد به شوقُـــــــه وصحَّ وِدادُهْ

لَكَ أشكو حالًا مِن الدين والدنــ ــــيا شديدٌ غلــــــوه واقتصادهْ

هو حَـــــــــــــدٌّ بَيْنَ الســـرور وبَيْنِي كدَّرَ العيـــــشَ عكْسُه واطرادُهْ

فعليك السلام من ذي اشتياق أنت فِي الحشر كنزه وعتادهْ

وقد ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "رفع الإصر عن قضاة مصر"، وفي آخرها:

يا رسول الله دعوة من زاد به شوقه وصح وداده

لك اشكو حالًا من الدين والدنـيا شديد غلوه واقتصاده

هو حد بين السرور وبيني كدر العيش عكسه واطرده

فعليك السلام من ذي اشياق أنت في الحشر كنزه وعتاده

وشدد علي جمعة أنه مما ذُكر يُعلم أنَّ إنشاد الأبيات المشتملة على الاستغاثة بالنبي الأكرم والحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم جائزٌ شرعًا، بل هو من جملة المندوبات، وقد قامت على ذلك الشواهد والبينات.

حكم التوسل بالنبي في الدعاء

قالت دار الإفتاء المصرية: إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر مشروع، جرى عليه المسلمون سلفًا وخلفًا، مضيفة عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، سؤال مضمونة « ما حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؟»، أن من يريد أن يتوسل بالنبي فيجوز له ذلك فهو أمر مشروع، ولا يجوز إنكار ذلك.

واستشهدت دار الإفتاء بما أخرجه النسائي والترمذي وابن ماجه وغيرهم: "أن أعمى أتى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إني أُصِبتُ في بَصَرِي، فادعُ اللهَ لي، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «تَوَضَّأ وصَلِّ رَكعَتَين ثم قُل: اللَّهُمَّ إني أَسألُكَ وأَتَوَجَّه إليكَ بنبيكَ مُحَمَّدٍ، يا مُحَمَّدُ، إنِّي أَستَشفِعُ بكَ في رَدِّ بَصَرِي، اللهم شَفِّع النبيَّ فِيَّ، وقال: فإن كان لكَ حاجةٌ فمِثلُ ذلكَ»، فرَدَّ اللهُ تعالى بصرَه.

وأشارت إلى أن التوسل بالنبى ﷺ بهذه الصفة "اللهم إنا نتوسل إليك بنبيك" جائز.