الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما معنى فتقعد ملوما محسورا.. والمقصود بـ ولا تجعل يدك مغلولة؟

ما معنى فتقعد ملوما
ما معنى فتقعد ملوما محسورا؟

ما معنى فتقعد ملوما محسورا؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، حيث بيانه قوله تعالى في سورة الإسراء : {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}.

ما معنى فتقعد ملوما محسورا؟

وقال علي جمعة في توضيح ما معنى فتقعد ملوما محسورا؟: وفي هاتين الآيتين نجد أن الله سبحانه وتعالي قد أمرنا بالوسطية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } هذه الوسطية وتلك الشهادة تحتاج إلي دُربه وتحتاج إلي بناء نفسي في علاقة الإنسان مع نفسه.

وتابع من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: هذا التصوير البليغ {لَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً} والذى لم يقف عند هذا الحد بل إنه يقول {مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِ} فهو يشير بذلك إلي أن غل اليد يؤدي إلي الإختناق ؛ لأن اليد إذا ما وضعت علي العنق وأخذت في الضغط فإن في إستمرار هذا الضغط إختناق ، وعلى ذلك فالإنسان إذا ما كان بخيلاً يكون خانقاً لنفسه وخانقاً لمن حوله، وهي حالة ينبغي عليه أن يتخلص منها ، ولكن لا يكون ذلك بفعل متطرف يوقعه في التبذير ، فلقد نهينا عن التبذير كما نهينا عن الشح.

وأضاف: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} نُهينا عن الشح وجعل الله سبحانه وتعالي من صفات المتقين أن يتقي الإنسان شح نفسه ، { وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ } كما نهي أن نبسط هذه اليد كل البسط حتي لا تنتهي الموارد في النهاية ويقف الإنسان عاجزاً، وكم رأينا في حياتنا من الأفراد ومن العائلات الكبيرة الغنية ومن المجتمعات التي كانت تملأ الأرض ثراءً ،وجدناها وقد كر عليها الفقر بناءاً علي وضع الأموال في غير مواضعها، أي نتيجة للسفاهة الفردية أو الإجتماعية أو الجماعية التي تبناها الإنسان فأخذ يصرف بطريقة مبذرة سفيهة نهي الله سبحانه وتعالي عنها.

وحول قوله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ}، قال: بعض الناس يتعلل قائلا (أن الرزاق هو الله) وأيضاً (اصرف ما في الجيب يأتيك مافي الغيب) وهذه الأمثال تمثل ثقافة وعقلية سائدة، لكن الله سبحانه وتعالي ينبه أنه كما يبسط الرزق لعباده فإنه يقدر عليهم أيضا أي يضيق عليهم ،ويجعل هذا مرتبطاً بمشيئته سبحانه أي بأمر غيبي ليس من عالم الشهادة ،ولكن في عالم الشهادة نسعي لتحصيل الأرزاق، ونسعي لصرف هذه الأرزاق في مواردها وأبوابها التي شرعها الله لنا باعتدال ، أوجب علينا الإعتذار للناس بقول حسن إذا ما هم ضغطوا علينا في هذا التبذير.

وشدد عضو هيئة كبار العلماء قائلا: فنحن أمرنا ألا يكون لنا عادة في هذا التبذير، وكل ذلك فيه بناء نفسي للإنسان، { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} أي ويضيق أيضاً { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } فبعض العباد يصلحهم الغني ، وبعض العباد يصلحهم الفقر لأنه يطغي إذا ما أغتني، وبعض العباد يكفر إذا ما أفتقر ، وربنا سبحانه وتعالي وهو يعطي نعمة الغني أو إبتلاء الفقر فإنه يختبر الإنسان بين الشكر وبين الصبر، قال رسول الله ﷺ : « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ». وبذلك فإنه إذا ما تعلق قلب المؤمن بالله ولله وفي الله فإنه يكون في هذا العجب الذي تعجب منه سيدنا رسول الله ﷺ .

ما معنى فتقعد ملوما محسورا؟

وجاء في تفسير الطبري لمعنى «فتقعد ملوما محسورا» يعني التبذير (فَتَقْعُدَ مَلُوما) يقول: يلوم نفسه على ما فات من ماله (مَحْسُورًا) يعني: ذهب ماله كله فهو محسور.

يقول: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ) يعني بذلك البخل، وحدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ) أي لا تمسكها عن طاعة الله، ولا عن حقه ( وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) يقول: لا تنفقها في معصية الله، ولا فيما يصلح لك، ولا ينبغي لك، وهو الإسراف، قوله ( فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ) قال: ملوما في عباد الله، محسورا على ما سلف من دهره وفرّط.

كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ) قال: في النفقة، يقول : لا تمسك عن النفقة ( وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) يقول: لا تبذر تبذيرا(فَتَقْعُدَ مَلُوما) في عباد الله (مَحْسُورًا) يقول: نادما على ما فرط منك.

وتابع: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: لا تمسك عن النفقة فيما أمرتك به من الحق ( وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) فيما نهيتك (فَتَقْعُدَ مَلُوما) قال: مذنبا(مَحْسُورًا) قال: منقطعا بك، وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ) قال: مغلولة لا تبسطها بخير ولا بعطية ( وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) في الحق والباطل، فينفَذ ما معك، وما في يديك، فيأتيك من يريد أن تعطيه فيحسر بك، فيلومك حين أعطيت هؤلاء، ولم تعطهم.