الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل صلاة الضحى تقضي الحوائج؟.. فضلها وما يقرأ فيها

هل صلاة الضحى تقضي
هل صلاة الضحى تقضي الحوائج؟

هل صلاة الضحى تقضي الحوائج؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية، خلال حديثها عن فضل صلاة الضحى وقيام الليل، حيث شددت على أن صلاة الضحى مسنونةٌ مشروعةٌ عند جماهير العلماء، وورد في ثوابها أحاديث كثيرة؛ منها ما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وآله وسلم بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ".

صلاة الضحى

هل صلاة الضحى تقضي الحوائج؟

روى مسلم في "صحيحه" عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى».

ويبدأ وقت الضحى من بعد ارتفاع الشمس إلى ما قبل زوالها، وهي أربع ركعات فصاعدًا؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء، وحول دعاء القنوت الوارد في صلاة الصبح في الركعة الثانية قالت دار الإفتاء إنه ليس قاصرًا على صلاة الجماعة، وإنَّما هو سنَّة للفرد أيضًا، ويجوز أن يصلي المسلم الصلاة بنية قضاء الحاجة كما ذهب الحنفية.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء لقضاء الحاجة في الصلاة حيث قال: “لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، أسالك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضى إلى قضيتها يا أرحم الراحمين”.

صلاة الضحى كم ركعة وماذا يقرأ فيها؟

صلاة الضحى هي الصلاة التي تؤدى في وقت الضحى أي عند بداية النهار، وهي من النوافل التي اتفق الفقهاء على استحبابها والمحافظة عليها، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يداوم عليها، ويحض أصحابه على المداومة عليها، وتسمى بصلاة الشروق وصلاة الأوابين، وفي كيفية أداء صلاة الضحى اختلف أهل العلم إلى قولين: حيث قال الجمهور وذهبوا إلى أنها تؤدى بالسلام من كل ركعتين، فالنبي عليه الصلاة والسلام صلى الضحى يوم فتح مكة ثماني ركعات بالتسليم من كل ركعتين، أما القول الثاني، وهم الحنفية ذهبوا إلى أنها تؤدى أربع ركعات بتشهد، وسلام واحد. 

وفي عدد ركعاتها اتفق أهل العلم على أن أقل صلاة الضحى هو ركعتان، واختلفوا في أكثرها فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية، والحنابلة إلى أن أكثرها ثماني ركعات، واستدلوا برواية الصحابية أم هانئ عن النبي عليه الصلاة والسلام: (ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى)، وذهب الحنفية إلى القول بأن أكثرها اثنتا عشرة ركعة، ويجوز أن تؤدى أربع أو ست أو أكثر من ذلك، استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ اللَّهُ).

وعن القراءة فيها تؤدى صلاة الضحى سراً فلا يرفع المصلي صوته بالقراءة فيها، ويستحب له بعد أن يقرأ الفاتحة، قراءة ما تيسر من الآيات والسور القرآنية، مثل سورة الضحى أو الليل أو الشمس أو التين أو العلق، ويبدأ وقتها من بعد طلوع الشمس قدر رمح، أي بعد طلوعها بربع ساعة تقريباً، ويستمر إلى ما قبل زوال الشمس أي إلى ما قبل صلاة الظهر بعشر دقائق، وأفضل وقت لأدائها هو حينما ترتفع الشمس في السماء وتشتد حرارتها، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (صَلَاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ).

صلاة الأوابين.. وكيف تصلى؟

وفي بيان ما صلاة الأوابين؟ وكيف تصلى؟ وكم عدد ركعاتها؟، قالت دار الإفتاء إن الصلاة أصلها في اللغة: الدعاء؛ لقوله تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 103] أي ادعُ لهم. وفي الاصطلاح: قال الجمهور: هي أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم مع النية بشرائط مخصوصة. وقال الحنفية: هي اسم لهذه الأفعال المعلومة من القيام والركوع والسجود.

والأوابون: جمع أواب، وهو المطيع، وقيل: الراجع إلى الطاعة. راجع: "شرح النووي على صحيح مسلم" (6/ 30، ط. دار إحياء التراث العربي). أو المكثر الرجوع إلى الله بالتوبة. راجع: "فيض القدير" (1/ 408، ط. المكتبة التجارية).

ولا يخرج استعمال الفقهاء للكلمة عن هذا المعنى، وهي صلاة نافلة، وتؤدى مثل باقي الصلوات، أكثرها عشرون، وأقلها ركعتان.

وقد نص فقهاء الشافعية على أنها تطلق بالاشتراك على صلاة الضحى وعلى النفل الذي يصليه الإنسان بعد المغرب إلى العشاء. انظر: "أسنى المطالب" (1/ 206، ط. دار الكتاب الإسلامي).

وتسمى أيضًا بصلاة الغفلة؛ لغفلة الناس عنها واشتغالهم بغيرها من عشاء ونوم وغيرها. انظر: "الإقناع" للعلامة الشربيني مع "حاشية البجيرمي" (1/ 427، ط. دار الفكر)، و"حاشية الجمل على شرح المنهج" (1/ 478، ط. دار الفكر).

وسمي النفل الذي بعد المغرب بصلاة الأوابين؛ لأن فاعله رجع إلى الله تعالى وتاب مما فعله في نهاره، فإذا تكرر ذلك منه دل على رجوعه إلى الله تعالى، ولو لم يلاحظ ذلك المعنى. انظر: "حاشية الجمل على شرح المنهج" (1/ 478).

وقال الشافعية: أكثرها عشرون ركعة بين المغرب والعشاء، وأقلها ركعتان. انظر: "الإقناع" للعلامة الشربيني مع "حاشية البجيرمي" (1/ 427). وسنة المغرب يمكن أن تندرج فيها. انظر: "تحفة الأحوذي" (2/ 421، ط. دار الكتب العلمية).

ما الفرق بين صلاة الأوابين وصلاة الضحى؟

ومما ورد بشأن صلاة الأوابين وأنها صلاة الضحى؛ ما جاء من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» أخرجه مسلم.

والفصال: أولاد الناقة، ورمضت الفصال: أي حين تصيبها الرمضاء فتحرق أخفافها؛ لشدة الحر، فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد الحر فتحترق أخفافها. انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" (6/ 30)، و"نيل الأوطار" (3/ 80، ط. دار الحديث).

وما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أرقد" متفق عليه، وفي رواية: "وأن لا أدع ركعتي الضحى فإنها صلاة الأوابين" رواه أحمد.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُحَافِظُ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى إِلَّا أَوَّابٌ» قَالَ: «وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ». رواه الحاكم في "المستدرك" (1/ 422)، وقال: [هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذا اللفظ] اهـ.

ومما ورد بشأن صلاة الأوابين وأنها النفل الذي يفعل بعد المغرب؛ ما رواه محمد بن المنكدر مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من صلى ما بين المغرب إلى صلاة العشاء فإنها صلاة الأوابين». انظر: "الزهد" لابن المبارك (ص: 445، ط. دار الكتب العلمية).

وقال الإمام "الشوكاني" في "نيل الأوطار" (3/ 67): [وهذا وإن كان مرسلًا لا يعارضه ما في الصحيح من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ»؛ فإنه لا مانع أن يكون كل من الصلاتين صلاة الأوابين] اهـ.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "صلاة الأوابين ما بين أن يلتفت أهل المغرب إلى أن يثوب إلى العشاء" رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (2/ 103، ط. مكتبة الرشد).

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "صلاة الأوابين: الخلوة التي بين المغرب والعشاء حتى يثوب الناس إلى الصلاة" رواه ابن المبارك في "الزهد" (ص: 445).

وعن أبي عقيل زهرة بن معبد قال: سمعت ابن المنكدر وأبا حازم يقولان: ﴿تَتَجَافَي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ هي ما بين المغرب وصلاة العشاء، صلاة الأوابين. رواه البيهقي في "السنن الكبرى".

وقد ورد الحث عمومًا على الصلاة بين العشاءين في بعض الأحاديث النبوية؛ من ذلك: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ، عُدِلْنَ لَهُ بِعِبَادَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً» رواه الترمذي وابن ماجه.

فضل الصلاة

وجاء عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عِشْرِينَ رَكْعَةً، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» رواه ابن ماجه، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ غُفِرَ لَهُ بِهَا ذُنُوبُ خَمْسِينَ سَنَة» رواه محمد بن نصر المروزي كما في "مختصر قيام الليل" (ص: 87)، وفي إسناده محمد بن غزوان الدمشقي، قال أبو زرعة: منكر الحديث. راجع: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/ 54، ط. دار إحياء التراث العربي).

كما ورد عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد المغرب ست ركعات، وقال: «من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر» رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير"، وعن عبيد رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: سئل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة بعد المكتوبة أو سوى المكتوبة؟ قال: "نعم، بين المغرب والعشاء" رواه أحمد.

وكذلك ورد أن السلف رضوان الله عليهم كانوا يجتهدون في إحياء الوقت بين العشاءين بالعبادة والصلاة ويحرصون على ذلك؛ فعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: ما أتيت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في تلك الساعة -يعني بين المغرب والعشاء- إلا وجدته يصلي، فقلت له في ذلك، فقال: نعم ساعة الغفلة؛ يعني ما بين المغرب والعشاء. انظر: "الزهد" لابن المبارك (ص: 445).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "من أدمن على أربع ركعات بعد المغرب كان كالمعقب غزوة بعد غزوة". انظر: "الزهد" لابن المبارك (ص: 445)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: "هي ناشئة الليل". انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 102).

وعنه في تفسير قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]، قال: "يصلون ما بين المغرب والعشاء". نسبه الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/ 67) لابن مردويه من "تفسيره"، ونقل أن العراقي قال عنه: "إسناده جيد"، وعنه أيضا في تفسير قوله تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17] أنه قال: "نزلت فيمن كان يصلي ما بين العشاء والمغرب" صححه العراقي كما في "نيل الأوطار" (3/ 67).

وعن أبي الشعثاء قال: سلام عليكم بالصلاة فيما بين العشاءين؛ فإنه يخفف عن أحدكم من حدثه ويذهب عنه ملغاة أول الليل، فإن ملغاة أول الليل مهدية أو مذهبة لآخره. انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 102)، وعن سعيد بن جبير أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء ويقول: هي ناشئة الليل. انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (2/ 102)، وعن منصور بن المعتمر في قوله تعالى: ﴿من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون﴾ [آل عمران: 113]، قال: بلغني أنهم كانوا يصلون ما بين العشاء والمغرب. "مختصر قيام الليل" (ص: 78).

قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/ 68): [قال الحافظ زين الدين العراقي: وممن كان يصلي ما بين المغرب والعشاء من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسي، وابن عمر، وأنس بن مالك في ناس من الأنصار، ومن التابعين: الأسود بن يزيد، وأبو عثمان النهدي، وابن أبي مليكة، وسعيد بن جبير، ومحمد بن المنكدر، وأبو حاتم، وعبد الله بن سخبرة، وعلي بن الحسين، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وشريح القاضي، وعبد الله بن مغفل، وغيرهم. ومن الأئمة: سفيان الثوري. اهـ. والآيات والأحاديث المذكورة في الباب تدل على مشروعية الاستكثار من الصلاة ما بين المغرب والعشاء، والأحاديث وإن كان أكثرها ضعيفًا فهي منتهضة بمجموعها لا سيما في فضائل الأعمال] اهـ.

وشددت على أن العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال جائزٌ، خاصة وقد عضده عمل أئمة السلف، وقد أفردنا هذا الموضوع -أي: العمل بالحديث الضعيف- بفتوى مستقلة.