الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مستقبل قطاع غزة .. مصر تواجه مخططات اللحظة الأخيرة لتصفية القضية الفلسطينية

يطرح التصعيد الإسرائيلي الراهن في قطاع غزة ، ضرورة التفكير في مقاربة جديدة للتعامل مع مستقبل القطاع، وذلك ضمن إطار أشمل يتعلق بحل القضية الفلسطينية على أسس السلام العادل والشامل، وهي الرؤية التي تتوافق مع وجهة النظر المصرية أيضًا.

ومع دخول الحرب الإسرائليية في قطاع غزة شهرها الثاني ، لازل الحديث داخل أروقة السياسة الأمريكية والغربية عن مستقبل القطاع في اليوم التالي من وقف الحرب ، والذي روجت له عبر عدة سيناريوهات ، تستهدف إرضاء الجانب الإسرائيلي ، دون القيام بحل شامل وحقيقي لقضية طالما عانت طيلة أكثر من سبعة عقود.

قطاع غزة

وتتجاهل التصورات الغربية المطروحة ، حالة التأجيج العام للرأي العام الفلسطيني والعربي، بعد سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين الفلسطينيين نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الغير مسبوق منذ السابع من أكتوبرالماضي، الأمر الذي يخلق بيئة فلسطينية وعربية غاضبة ورافضة لأي تصورات غربية لـ "اليوم التالي" لغزة.

وفي ظل العدوان الإسرائيلي في غزة والسيناريوهات الغربية المنحازة لمستقبل القطاع بعد الحرب، فإن طرح تصور أقرب للواقع وللحقوق الفلسطينية في حل قضيتهم بشكل شامل وعادل ينبني بالأساس على سيناريو "الحل الفلسطيني"، وذلك عبر عودة السلطة الوطنية لإدارة غزة.

السيناريوهات الغربية

ومعظم التصورات الغربية المطروحة الخاصة بمستقبل قطاع غزة، لم تستطع تجاوز الدور المصري وأهميته، باعتباره "العامل المرجح" لأي من هذه السيناريوهات المستقبلية التي يمكن أن تنتهي إليها الأوضاع في القطاع، ومع ذلك، فإن تلك التصورات لم تتنبه بالقدر الكافي لمحددات ذلك الدور، ليس فقط فيما يتعلق بالأزمة الحالية في غزة، ولكن بتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بشكل عام.

عدم التسوية السياسية للقضية الفلسطينية على مدار عقود ، أدى إلى مواجهات متكررة بين الجانب الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة ، والتي كانت آخرها عملية طوفان الأقصى الذي نفذتها الفصائل الفلسطينية، وهو ما ردت عليه إسرائيل بعدوان غاشم، حاولت مصر إيقافه مُنذ يومه الأول ، واستضافة من أجله "مؤتمر القاهرة للسلام" ، للتأكيد على ضرورة المقاربة الشاملة للتصعيد الجاري.

مستقبل قطاع غزة

عدم الانتباه لمحددات الموقف المصري الثابت والمعلن من القضية الفلسطينية، يعد من أهم أسباب عدم قابلية السيناريوهات الغربية المطروحة لمستقبل غزة للتحقق على أرض الواقع، حيث ترتكز الرؤية المصرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أنه لا سبيل لحل القضية سوى من خلال الدولتين، ومن ثم ، إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

مصريًا.. وتعتمد الرؤية المصرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الاعتقاد الجازم في أنه لا سبيل لحل القضية الفلسطينية سوى من خلال الدولتين، حيث تستهدف مصر بذلك حلًا عادلًا وشاملًا يضمن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما ترتكز الرؤية المصرية أيضًا لمستقبل القطاع، بأن لا يقتصر الحديث عن مُستقبله فقط،، بل يجب أن يكون في إطار مستقبل القضية الفلسطينية ككتلة واحدة.

فلسطنيًا.. رفضت السلطة الوطنية الفلسطينية السيناريوهات المطروحة من قبل إسرائيل والغرب الخاصة بمستقبل قطاع غزة، والتي أكدت على أنها لن تبحث احتمالية العودة لإدارة غزة ، إلا بعد وقف الحرب في القطاع، والبدء في عملية سياسية تفضي لدولة فلسطينية مستقلة.

كما أكدت السلطة الوطنية الفلسطينية أنها لن تعود للقطاع على ظهر الدبابات الإسرائيلية، مُشددة على أن غزة لها مرجعية ، وأن السلطة الوطنية الفلسطينية موجودة وقائمة، وهي المسئولة عن كل الأراضي الفلسطينية.

أردنيًا .. رفضت المملكة الاردنية الهاشمية السيناريوهات المطروحة حاليًا الخاصة بمستقبل قطاع غزة والذي وصفتها بأنها غير واقعية ومرفوضة ، مؤكدة على رفضها لتناول أي مُستقبل لقطاع غزة فقط ، بل لا بد أن يشمل القضية الفلسطينية ككل وليس كجزء.

وأوضحت الأردن أن الاحتلال يعمل على فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية من أجل تصفية القضية الفلسطينية ، وهو ما يتم عبر الترويج للسيناريوهات الإسرائيلية والغربية حول مستقبل القطاع ، مؤكدا في الوقت ذاته على أن الأردن لن يناقش أي مستقبل لغزة إلا بعد وقف الحرب ، ولن يكون إلا في إطار القضية الفلسطينة.

إسرائيليًا.. الرؤية الإسرائيلية لمستقبل قطاع غزة ، كشف بعض ملامحها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، حيث أعلن أن إسرائيل ستتولّى المسؤولية الأمنية الشاملة في قطاع غزة لفترة وصفها بأنها "غير مُحددة" ، وذلك بعد انتهاء العدوان الذي يمارسه جيش الاحتلال في القطاع المحاصر.

أما زعيم المعارضة الإسرائيلية "يائير لابيد" فقد طالب من جانبه بتولي السلطة الفلسطينية السيطرة الإدارية في غزة ، فيما يتولى جيش الاحتلال المسؤولية الأمنية في القطاع.

أمريكيًا .. أعلنت الإدارة الاميركية على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن أنه لا مستقبل لحركة حماس في قطاع غزة، طارحة فكرة أن تتولى "سلطة فلسطينية فعالة ومنشَّطة" إدارة القطاع في نهاية المطاف، لكنه اعترف بأن دولا أخرى ووكالات دولية من المرجح أن تلعب دورا في الأمن والحكم في هذه الأثناء.

أوروبيًا.. كشفت رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" ، عن الرؤية الأوروبية لمستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب والتي أكدت فيها على أن حركة حماس لن تكون جزءًا من ذلك المستقبل، كما روجت لفكرة إنشاء قوة سلام دولية بتفويض أممي في القطاع.

كما أوضحت أن الرؤية تشمل أيضًا على عدم التواجد الأمني الإسرائيلي الطويل في غزة وأن القطاع سيكون جزءً أساسيًا من أي دولة فلسطينية مستقبلية.

تاريخيًا.. يومًا بعد يومًا؛ تثبت مصر للعالم أجمع؛ أنها لا تتخلى عن التزامها بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأن الحل الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية يأتي عن طريق المفاوضات التي تُفضي إلى السلام العادل وإقامة الدولة الفلسطينية، كما أنها بذلت الكثير من الجهود من أجل إبقاء عملية السلام أو التسوية السياسية للصراع على قيد الحياة، على الرغم من العقبات التي شهدتها من إسرائيل وبعض الفصائل الفلسطينية.

لحظة تاريخية تعيشها القضية الفلسطينية قد تكون جديرة بالتفكير في طرح "أولوية الحل الفلسطيني" إلى الواجهة عبر سيناريو عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بعد الحرب، بإسناد عربي من الدول السابق انخراطها في تفاصيل وأعباء تلك القضية، كطريق وحيد يعبر عن الحقوق والاحتياجات الفلسطينية الواقعية، ويجنب غزة ويلات العنف مرة أخرى، ويمهد لحل الدولتين وفقًا لمقررات الشرعية الدولية.