الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد صدور موسوعة القاهرة مؤرخة..

المهندس المعماري عمرو عصام: دراسة المواصلات بشكل عميق تعطينا تصورا لتطور المدينة على مر العصور| خاص

المهندس المعماري
المهندس المعماري عمرو عصام

صدرت مؤخرًا عن دار العين للنشر موسوعة القاهرة مؤرخة وهي من إعداد الدكتور نزار الصياد أستاذ تاريخ المدن بجامعة كاليفورنيا بيركلي، إذ يشارك فيها نخبة من الأكاديميين والمتخصصين، وشباب الباحثين. 

 المهندس المعماري عمرو عصام كان ضمن هؤلاء الذين شاركوا في الموسوعة بفصل حمل اسم «مدينة شكلتها القضبان.. تاريخ التنقل فى القاهرة» حيث يُغطي فترة زمنية محددة، امتدت إلي ما يقرب من مائتي سنة تقريبًا، حيث يتحدث خلاله عن تاريخ القاهرة من منظور التغير والتطور في وسائل  التنقل والمواصلات. 

القاهرة مؤرخة - تصوير عمرو عصام

قضايا التراث المعماري

 

تحدث عمرو عصام لـ صدى البلد وقال: تمت دعوتي للمشاركة في الموسوعة من من قبل الدكتور نزار الصياد في أواخر عام ٢٠٢١، بالتزامن مع نشر مقال مُطول لي حول مرفق ترام القاهرة وإمكانية استخدامه في القاهرة التاريخية لحماية النسيج العمراني المهدد بالمدينة وبالأخص الجبانات التراثية. وخلال الفترة من 2021 حتى 2023، تمت مناقشة الموضوع في عدد من الاجتماعات والنقاشات المختلفة، ويتمحور الجزء الخاص بي من المشاركة حول النقل السككي.

 

دراسة المرافق الحيوية

 

واستطرد عصام قائلًا: دراسة وتحليل وسائل المواصلات تعد أمرًا هامًا بالنسبة لي، باعتبارها أحد المرافق الحيوية، التي يمكن أن تُقدم لنا فهماً عميقاً وتصوراً موضوعياً عن نمو المدن بشكل عام. يمكننا دراسة المدن من خلال مرافقها المختلفة مثل السينمات والمسارح والمؤسسات، ولكن المرافق الحيوية ووسائل المواصلات تحديداً تعطينا صورة صورة شاملة عن تطور المدن على مر العصور.

 

وأضاف: مترو الأنفاق يشكل الجزء الأخير من الكتاب، حيث يبدأ الكتاب بالحديث عن خطوط القطار وشبكة الترام، ثم يتناول مترو الأنفاق، يعتبر مترو الأنفاق تحديثًا لنظام القطارات التقليدي مثل خطوط حلوان والمطرية، وكان التحدي الكبير في ذلك الوقت هو النفق الذي تم بناؤه في وسط البلد من منطقة السيدة زينب إلى رمسيس.

 

تطور مترو الأنفاق 

 

وتابع: يتناول الكتاب العديد من المعلومات والدراسات حول بداية مترو الأنفاق وتطويره، بدأت دراسة إنشاء مترو الأنفاق في الثلاثينيات في عهد الملك فؤاد، ويوثق الكتاب هذا الأمر. فخلال تلك الفترة بدأت مشاكل وسائل النقل تظهر بشكل واضح مع زيادة عدد سكان الضواحي، ولزامًا كان يجب تحديث وسائل النقل لمواجهة هذه التحديات، ولكن كانت التكاليف في ذلك الوقت مرتفعة جدًا نتيجة الحرب العالمية وتأثر الاقتصاد، ولذلك تأجل المشروع، ولكن تم تحديث النظام في ذلك الوقت من تقنية البخار إلى تقنية الديزل، وانتهت هذه المرحلة في الثلاثينات، وتم بناء محطة للقطار في شارع منصور بمنطقة باب اللوق، وتُوثق تلك المحطة بصورة نادرة في الكتاب، ومر مشروع مترو الأنفاق بعدة مراحل ودراسات منذ العشرينات وحتى تنفيذه في الثمانينات.

شوارع غير منتظمة

 

وأشار إلى أن السردية في كتابه قد بدأت من شارع بولاق أبو العلا. يقول: أشرت في حديثي إلى أهمية شارع بولاق بالنسبة لتاريخ القاهرة بسبب وجود متحف المركبات الملكية فيه، إذ يمكننا فهم  مدينة القاهرة في ذلك الوقت وشكلها من خلال هذا الشارع، حيث كانت المدينة تعتمد غير مميكن تماماً، معتمد على الحيوانات والعربات المجرورة بواسطة الدواب ويعد الشارع مهمًا لأنه قد تم شقه أثناء الحملة الفرنسية، حيث جاء نابليون بونابرت ومعه عربات مجرورة بواسطة الخيول، وهذا النوع من العربات لم يشهده المصريون بهذا الشكل من قبل. وكانت العربات التي جلبها الفرنسيون تحتاج إلى تدخلات معينة في النسيج العمراني للمدينة، حيث كانت القاهرة في تلك الفترة تشهد كثافة سكانية معينة وشوارع غير منتظمة وتضم أزقة وحارات، وعندما واجهت الحملة الفرنسية مقاومة قوية من المصريين، اضطرت لشق شارع بولاق أبو العلا لتمكينهم من المرور بعرباتهم الجرارة. وقد تم إقامة أول ترام في القاهرة في هذا الشارع عام 1896، لذلك، يلعب شارع بولاق دورًا مركزيًا ومحوريًا.

 

حادث أليم

 

أما بالنسبة لكوبري إمبابة فإنه مشروع مهم ومعقد بالنسبة لتاريخ المشاريع داخل حيز القاهرة، وفي الوقت نفسه توجد سردية إنسانية مهمة تتعلق بدفع رسوم الكباري على النيل، حيث بدأت هذه الرسوم من كوبري الخديو إسماعيل وتم تطبيقها أيضًا على كوبري إمبابة. فقد كانت إمبابة في ذلك الوقت منطقة ريفية يأتي منها الناس لبيع الخضروات وغيرها في المدينة، وكانت رسوم المرور 2 مليم، وبسبب كثافة حركة المرور العالية، ظهرت ممارسات بديلة مثل استخدام المراكب القديمة لتجنب دفع الرسوم أو تخفيضها، في يوم من الأيام، غرقت معدية تحمل فلاحين في منتصف النيل، وكانت هذه الحادثة كبيرة لم ينجو منها سوى سبعة أشخاص، وأثارت هذه الحادثة غضب المواطنين والصحافة تجاه الحكومة. ونتج عن هذه الحملة قرارًا هامًا صدر من عباس حلمي الثاني في ذلك الوقت بإلغاء رسوم الكباري على النيل. وكان هذا القرار يشكل سؤالًا مركزيًا في الكتاب حول موقف القاهريين من مشاريع تحديث وسائل المواصلات، وما إذا كان الهدف من تلك المشروعات تلبية الاحتياجات الحقيقية لسكان المدينة أم تحقيق أهداف محددة في ظل عملية التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي الممتدة على مدار تاريخ القاهرة؟