الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند عصام تكتب: انتقام امرأة عاشقة

الكاتبة الصحفية هند
الكاتبة الصحفية هند عصام

بالرغم من أن الثأر جزء من السلوك البشري منذ بداية وجود الإنسان على وجه الأرض ومثلما قال  عالم علم النفس التطوري بجامعة ميامي "مايكل ماكالاه" والذي أمضى ما يزيد على عقد في دراسة الثأر والصفح: "حيث قال ان الثأر يعد من التجارب المعتادة في حياة البشر، ويدرك الناس في جميع المجتمعات فكرة الغضب والرغبة في رد الإيذاء بمثله"  إلا ان قصة اليوم محيرة للغاية من وجهة نظري قصة ما بين العفو والانتقام فانا دائما أميل نحو العفو ولا انجرف نحو الميول الانتقامية وما شبه ذلك ولكن أحياناً قد يرى البعض أن التسامح انكسار، وأن الصمت هزيمة، لكنهم لا يعرفون أن التسامح يحتاج قوة أكبر من الانتقام ، وأن الصمت أقوى من أي كلام وهنا يجب ان نضع خط أسفل كلام لانه مجرد كلام ولكن عندما تنجرف الأمور نحو الثأر والدم وما شبه ذلك يصبح الأمر اكثر خطورة . فماذا لو كان انتقام امرأة عاشقة لزوجها؟؟؟ فيكون الثأر ما هو إلا عبارة عن اعتراف بالألم والحب والفقد ونار انتقام سوف تُباد شعب بأكمله .
فمن هي المرأة العاشقة التي أبادة  شعب بأكمله من أجل الانتقام لحبيبها ؟
هيا بنا نتعرف علي قصة أولجا المرأة العاشقة لزوجهاالأمير إيجور .
الأميرة أولجا هي أميرة جميلة من أصل بلغاري، أحبها الأمير إيجور أمير كييف، فتزوجا عن حب عظيم وأنجبا إبنهما سيفاتسولاف، حيث كانت الأسرة الصغيرة تعيش في هناء وسعادة وحب .
وبدأت القصة في عام 945 م عندما تم اغتيال زوجها  الأمير "ايجور روريك" أمير كييف اعنف اغتيال علي يد قبيلة تعيش بشرق أوروبا تسمي قبيلة "الدريفليان" وهي قبيلة تشتهر بتربية الحمام وإنتاج العسل، كان يفرض عليها الأمير إيجور دفع إتاوات مقابل حمايته لها ولذلك قاموا باغتياله لانه في تلك السنة، فرض عليهم دفع الإتاوة مرتين، وهو الامر الذي لم يتقبلوه وأثار غضبهم فقد قاموا بثني شجرتين في وضع الإنحناء حتي تقابلاتا الشجرتين ومن ثم قاموا بربط وتقيد الأمير  بينهما ومن ثم أفلتوا الشجرتين مما تسبب في إنشطار جسد الامير أيجور إليّ  نصفين وتناثرت دماؤه و بعد اغتياله بهذه الطريقة الوحشية اشتعلت نار الانتقام في قلب زوجته الأميرة أولجا .
وباتت تدبر و تخطط  أولجا لانتقام أشرس وأبشع بكثير بطريقة جعلتني لا أتفق معها وعلي كل حال هيا بنا نعلم ماذا فعلت أولجا بعد ذلك  .
تولت الأميرة أولجا زوجة الامير ايجور الحكم بعد مقتل زوجها، بالوصاية على ابنهما وهنا سوف تبدأ الاميرة العاشقة في تنفيذ اشرس خطة انتقام علي مر التاريخ .
بعد ان تولت أولجا الحكم بدل زوجها المغدور، طمع أمير قبيلة "الدريفليان" وكان اسمه الأمير " مال " في توسيع حكمه والسيطرة  على كييف وشعبها، ولهذا الغرض قرر الزواج من الأميرة أولجا ، وقامت حينها قبيلة الدريفليان بارسال افضل رجالها حتي يتم اقناع الأميرة  بالزواج من اميرهم ، والذي كان يطمح الي حكم كييف والسيطرة علي عرشها وليس هياما بحب وجمال الأميرة أولجا.
قامت الأميرة باستقبالهم بطريقة لا تخطر علي بال أحد ما كان من الأميرة أولجا إلا أنها قد أحضرت لهم قبورهم بدل من ان تحضر لهم مائدة الطعام و أمرت بدفنهم أحياء، وأرسلت للأمير "مال" خطابا تقول فيه أنها قبلت الزواج منه، وهي تستأذنه أن يبقى رجاله عندها بضعة أيام، حتى تكرم وفادتهم وحتى ينشروا الخبر بين أهالي قبيلتها تمهيدا لهم لهذا الأمر .غير أنها يجب عليها ان تقيم عزاء مهيبا لزوجها قبل الزواج ، ولهذا الغرض طلبت منه أن يرسل لها أفضل رجاله وأقوى جنوده حتى تتباهى بهم بين أهالي إمارتها .
 قبل الأمير " مال " علي الفور هذا الامر بسهولة ، ولبي طلبها فقد بعث لها حوالي 5000 آلاف من خيرة رجالها وأقواهم، وعندما وصل هؤلاء الرجال، رحبت بهم الأميرة أولجا ترحيبًا شديدًا، و أطعمتهم أشهى المأكولات، ثم حبستهم في قلعتها ذات الأسوار العالية وأمرت بإحراقهم أحياء .

عندما وصل الخبر بسرعة للأمير "مال"،  لم تمنحه الأميرة أولجا  فرصة للرد او حتي التفكير ،حيث أنها كانت هي وجنودها جاهزين وعلي أتم استعداد لتنفيذ الجزء الأخير من الخطة الانتقامية ، فبعد أن قتلت أفضل جنوده، قامت مباشرة بغزو قبيلة  "الدريفليان".
قامت أولجا وجيوشها بمحاصرة القبيلة، ووقعوا جميعهم اسري لقوتها ومن ثم قاموا بالتوسل إليها كي تتركهم  أحياء، وذلك مقابل إعطائها كل إنتاجهم من العسل، فوافقت وأخبرتهم أنها سوف تعفوا عنهم لكن في مقابل أن يجلبوا لها مع العسل، 3 حمامات من كل منزل حتى يتذكر أهل "الدريفليان" ما فعلته "أولجا" بساداتهم بعد أن قتلوا زوجها "إيجور" وافق الأهالي على هذا الطلب الذي اعتبروه طلبا بسيطا.

ولم يخطر في بالهم ابداً ، ان هذا  الطلب بمثابة شهادة وفاة لهم جميعاً ، و ما هو الا الجزء  الأخير والحاسم من خطتها الانتقامية، حيث أنه وبعد تسليمها الطيور قام جنودها بربط قطعة قماش مغموسة في الوقود، مربوطة بخيط طويل بعض الشيء في أقدام الحمام .وبعدها أطلقوهم كي تعود كل الطيور إلى بيوت أصحابها المعتادة العودة إليها ولكن البيوت كانت مبنية جميعها من الحطب والخشب، وهنا كانت النهاية، حيث احترقت جميع البيوت .

 ومع كل هذا لم يشفي غاليل أولجا من الانتقام بل بقيت هي وجنودها في جنبات القبيلة، حيث كانوا يقتلون كل الهاربين من الحريق الهائل التي أشعلته فيهم ، اما الأشخاص الذين نجوا من الحرق والقتل، قاموا بإلقاء القبض عليهم وتحويلهم إلى عبيد.

و هنا قد تكون الأميرة أولجا ، قد دخلت التاريخ من أوسع ابوابه ، كصاحبة أشرس قصص الانتقام النسائية علي مر التاريخ، وذلك في سبيل الحب والقلب المحروق علي حبيبها وزوجها .
فقد يبدو الثأر في البداية حلو المذاق، ولكن أثره مردود فيما بعد مثلما يقال ولكني لم اتفق مع أولجا في انتقامها بكل هذا العنف والوحشية بالرغم من اني اعلم جيداً ما هو الفقد ومرار الفقد الا اني لم امر بنفس التجربة ولم اشعر بنفس حرقت القلب التي قادتها إليّ هذا الحد من الانتقام ومع علمي ان العين بالعين والسن بالسن ولكن ليس عدلاً ان تُباد شعب بأكمله من أجل رجل واحد .