مبروك للإخوان

"شكر واجب" هذا أقل ما يمكن ان يقدمه الإخوان المسلمين لصاحب دعوي حل جماعتهم والمستشار الذي أصدر الحكم.
قد يبدو الكلام غريبا وغير منطقي ولكن بنظرة واقعية للأحداث وقراءة متأنية لتاريخ الجماعة سنجد أن الحكم الذي صدر أمس بمثابة طوق نجاة للجماعة من مصير أسود قادها إليه بعض قادتها دون ادراك لواقع او تفكير في مستقبل .
وباستعراض سريع للتاريخ سنكتشف أن أزهي عصور شعبية الاخوان كانت عندما يلحق اسمها بلفظ "المحظورة" فحظر الجماعة وسحب الشرعية منها طوال عهد مبارك جعلها تعيش لخدمة الشعب للحصول علي الشرعية الشعبية وهو ما تحقق لها طوال عهد المخلوع ، وكان الجميع ينظر لـ"المحظورة" علي انها البديل الطبيعي لفساد الحزب الوطني ، أما بعد وصولها للسلطة وتمتعها بالصفة الاعتبارية والقانونية فقد جعلها في مواجهة الشعب بعد أن فشلت في تحقيق طموحات واحلام المصريين التي طالما ادعت قدرتها علي تحقيقها فور وصولها للسلطة .
وبالتالي فان قرار الحل سيجبر الجماعة علي العودة لاسترضاء الشعب من جديد ومراجعة كل أخطائها كي تعود شرعيتها الشعبية التي قضت عليها فترة وجودها بالسلطة .
وبنظرة سريعة لواقع الجماعة وطبيعة أفرادها نجد أن العمل تحت ضوء الكاميرات لا يتناسب مع طبيعة الجماعة التي تربي أعضاءها تحت الأرض واعتمدوا السرية مبدأ وقانون طوال عقود كثيرة واستطاعوا من خلال هذا العمل السري الذين أجبرتهم عليه النظم القمعية علي مدار تاريخ الدولة المصرية كسب تعاطف الكثير من فئات الشعب بداية من جيوش الفقراء الذين يقدمون لهم مساعدات اجتماعية نهاية بحاملي المؤهلات العليا والأكاديميين الذين تبنوا مواقفهم لشعورهم بحجم الظلم الذي تعرضت له الجماعة .
وبالتالي نكتشف ان جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" كانت تمتلك من الشعبية والتعاطف ما اهلها لتكون الوصيف في أي انتخابات برلمانية قبل الثورة ولم يتفوق عليها في عدد المقاعد سوي الحزب الوطني بكل ما له من امكانيات مادية واعلامية وبوسائل يعلمها القاصي والداني بمصر ، كما تفوقت الإخوان "المحظورة" في انتخابات قبل الثورة علي كل الاحزاب الكارتونية التي صنعها مبارك بما لها من شرعية زائفة لا تتعدي أوراق اعتمادها بأمن الدولة.
أما إذا نظرنا لتاريخ الإخوان كجماعة حاكمة يمثلها رئيس لم يكمل فترة ولايته بسبب الغضب الشعبي من سياسته ، فضلا عن حزب يملك الأغلبية البرلمانية في برلمان لم يكمل مدته بسبب خطأ قانوني بعمد أو بدون من السلطة الحاكمة في ذلك الوقت "المجلس العسكري بقيادة طنطاوي" فسنجد ان الفترة التي قضتها الجماعة بعيدا عن لفظ "المحظورة" كانت أسوأ الفترات التي مرت عليها منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي .
فالجماعة التي كانت دائما البديل المنتظر لحكم مبارك تعاملت بـ"غباء منقطع النظير" مع المرحلة الانتقالية بعد الثورة وساهمت بقصد أو بدون في فقدان التعاطف الشعبي الذي تمتعت به علي مدار تاريخها .
فبعد الثورة تحولت الجماعة المحظورة إلي محظوظة بعد ان ترأست كل السلطات بمصر فرئيس الجمهورية "اخواني" ، ورئيس مجلس الشعب "اخواني" ، ورئيس الشوري صهر رئيس الجمهورية ، ورئيس التأسيسية الإولي "اخواني" وعلي الرغم من أن كل هذه المناصب كانت بالإنتخاب الأ إن هذه السيطرة الإخوانية أثارت حقد القوي السياسية والإحزاب الكارتونية التي طالما حلمت بمقعد ترضي به غرورها المصطنع ، وبدا الحديث عن سرقة الإخوان للثورة ومحاولات أخونة الدولة وطمس هويتها ، وكالعادة قابل الإخوان هذا بالحديث عن "الشرعية" واختيار الشعب وتجاهلوا كل الآراء المعارضة بدعوي أنها "حناجر فضائية" لا تتجاوز الاستديوهات التي تقال فيها .
وفي ظل احتقان شعبي لعدم الشعور بنتيجة ملموسة للثورة ، وسخط حزبي من عدم حصولهم علي قطعة من التورتة ، وغضب ثوري لعدم وفاء مرسي بوعوده وتجاهل اخواني لكل هذه المطالب سقط الرئيس الإخواني "الشرعي" وتحولت الإخوان من المحظوظة إلي الإرهابية.
بعد هذا العرض السريع الأ يستحق قرار حل الإخوان ووصفها بالمحظورة فرحة شباب وقيادات الجماعة فمن المؤكد ان وصف الإخوان بالمنحلة او المحظورة أفضل كثيرا من وصفها بـ"الإرهابية" .