نقول في علوم الطب إن التشخيص المبكر للأمراض هو أفضل بكثير من العلاج العرضي لأعراض الأسقام المختلفة وأفضل من علاج المرض بعد أن تتفاقم أعراضه ، هكذا هي ذات الرواية في معركة الوعي ، فالتكوين السليم للوعي المصري بمثابة علاج مبكر لأي خلل يحدث في الوعي والإدراك والوجدان فيصبح علاجه أصعب في المراحل المتأخرة .
فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ إذا صنعنا – اليوم - جيلا يمتلك وعيا حقيقيا وإدراكا حقيقيًا لمعنى الدولة وقيمة الوطن ، لن نحتاج أن نطلق حملات مكثفة لمحاربة الشائعات ولا حتي الرد عليها من قبل مؤسسات الدولة بل سيكون الوعي الفردي هو المناعة التي تصد مثل تلك الآثام.
وهذا ما تفعله الدولة المصرية في الأجيال الجديدة وبمبادرة جميلة جدًا من قبل وزارة الداخلية إيمانا بدورها المجتمعي والإنساني بجانب دورها في حوكمة الأمن الداخلي وكأن الدورين يكملان بعضهما البعض، فالأمن المجتمعي يتكامل مع الأمن القومي والعام ، قامت وزارة الداخلية بمبادرة " جيل جديد" لطلبة وطالبات المناطق الحضارية بالعاصمة الإدارية الجديدة في جولة لهم من محطة عدلي منصور إلى العاصمة الإدارية الجديدة ، حيث قاموا بزيارة مسجد الفتاح العليم وكنيسة الميلاد في العاصمة الإدارية لأنهم لابد أن يعلموا ويدركوا قيمة المواطنة والتعايش والتآخي بين جناحي الأمة ويكونوا كالسد المنيع إذ ما حاول أهل الشر بث الفتنة والفرقة بينهم، كما زاروا مدينة الثقافة والفنون إيمانا أن الحضارة الحقيقية في الأمة السليمة هي التي تستطيع إن تلحم حضارتها القديمة وتحافظ على الهُوية المصرية والتاريخ المصري القديم وتلحمه بالثقافة والفن الراقي الحديث .
كما تأتى أهمية زيارة مقر مجلس النواب ومجلس الشيوخ في فهم طبيعة الحياة السياسية في مصر، وآلية المشاركة في الحياة السياسية فلا نصطدم بجيل لم يحتك بالحياة السياسية على الإطلاق وفجأة عندما طرأ تغير سياسي على المجتمع المصري ذات يوم منذ 13 عام ، لم يكن مجُهزا لممارسة الحياة السياسية بل فوجئ أنه عليه أن يشترك في انتخابات برلمانية ورئاسية .
ليس من المطلوب أن نكون جميعًا محنكين سياسيًا ولكن على الأقل أن نمتلك قدرًا بسيطا من الوعي السياسي.
إن الاستثمار في هذا النشء هو استثمار في مستقبل الأمة ،هو استثمار في موارد الدولة البشرية والغير بشرية ، هي معالجة سياسية مجتمعية لدرء أي أسقام مجتمعية كادت تودي بالمجتمع المصري إبان مرحلة التوترات السياسية ، هي حالة تستطيع أن تفرز جيل واعي كالبنيان المرصوص ، يستطيع أن يحمي وطنه من حروب الجيل الرابع والخامس ، ترسخ في عقله مؤسسية الدولة وأركانها وثباتها ومتانتها ، فنجد الشاب أو الشابة هما الذين يحثون عائلاتهم على المشاركة الايجابية في الانتخابات على سبيل المثال.
إن هذا الوطن العظيم يستحق أجيال عظيمة تدرك قيمته وتعمل من أجله.