محمد رأفت ابوالمعاطى يكتب : عن الثورات الشعبية .. والانقلابات العسكرية

تعريف الانقلاب ببساطة عند العديد من اساتذة السياسة فى العالم يتلخص فى انه حركة مفاجأة من افراد داخل المؤسسة العسكرية للاستيلاء على الحكم من خلال اعتقال الحاكم، و تولى الحكم، وقد ظهر المصطلح الفرنسي (coup d'État) يستخدم في فرنسا في القرن السابع عشر للإشارة إلى الإجراءات المفاجئة والعنيفة التي كان يتخذها الملك، دون احترام للقانون أو العادات الأخلاقية، للتخلص من أعدائه، وكان يلجأ لها للحفاظ على مصالحه، وتوسع مفهوم «الانقلاب» خلال القرن التاسع عشر، وفى القرن العشرين ظهر عام 1930 كتاب تقنيات الانقلاب (بالإيطالية: Tecnica del colpo di Stato) من تأليف كورزيو مالابارتي، والذى كان يتحدث فيه عن انشطة السلطة النازية حتى و أن كانت تمارس من قبل المدنيين فى الحكم، وتأتى فى اطار محاولة زعزعة استقرار أمن البلاد، ويميز ’’مالابارتي’’ بين مفهوم الانقلاب وبين "الحرب الأهلية" و "الثورة"، كون الانقلاب يعتمد على عنصر المفاجأة.
و نتطرق معاً الى مفهوم «الثورة» فهى كمصطلح سياسي تعّرف عل انها الخروج عن الوضع الراهن وتغييره - سواء إلى وضع أفضل أو اسوأ - باندفاع يحركه عدم الرضا العام، التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب.وقد وصف الفيلسوف الإغريقي أرسطو شكلين من الثورات في سياقات سياسية:
- التغيير الكامل من دستور لآخر - التعديل على دستور موجود
اما التعريف الاكثر حداثةً هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته "كالقوات المسلحة" أو من خلال شخصيات تاريخية تحقق طموحات الشعب لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية. والمفهوم الدارج أو الشعبي للثورة فهو الانتفاض ضد الحكم الظالم.
وبتحليل بسيط للمشهد فى مصر فى الثلاثين من يونيو، فما حدث قبل هذا التاريخ بشهور كان ينبأ بتغيرات فى نظام الحكم، فالنظام القائم حينها لم يكن يرغب فى الاستماع لجماهير الشعب و كان يسير بطريقة توحى باختطاف الدولة الى المجهول، بل ظهر هذا النظام شراستة من خلال البلطجية الذى كان يحتمى فيهم و أسقط العديد من القتلى المصريين، وأخذ هذا النظام فى طريقة للاستعلاء على المصريين حتى فشل فى توفي احتياجاتهم اليومية فقط كان يفكر فى كيفية الاستئثار بالحكم و قمع الرأى والسيطرة على جميع مفاصل الدولة و القضاء على المؤسسات و تدمير الجيش الوطنى.
هنا غضب المواطن المصرى وشعر بأن دينه يشوة من خلال عصابة قاتلة مجرمة تحاول أن تقضى على تاريخ و مستقبل هذا الوطن، ومع تصاعد الغضب فى الشارع المصرى، ظهرت فكرة ’’تمرد’’ والتى اعلن عنها مجموعة من الشباب الوطنى و كانت تتلخص فى جمع توقيعات لسحب الثقة من محمد مرسى، ولاقت الفكرة فبول و تشجيع من الجميع وبدأ المصريون الحديث عن تنظيمهم لمظاهرات حاشدة فى الثلاثين من يونيو لاسقاط هذا الحكم الفاشى، و كان يقابل ذلك من قبل السلطة بكل سخرية و استعلاء، لم يكن يعلم هؤلاء أن هذا الشعب العظيم لن يسمح لعصابة أن تحكمة و تغتصب وطنة، فالمصريين دائماً و ابداً احرار.
امتلئت الشوارع و الميادين بالمصريين الوطنين الذين يرغبون فى وطن جديد بلا فساد أو استئثار و استعلاء على فقراء هذا الشعب، يحلمون بعدالة اجتماعية و حرية حقيقية و تكافؤ فى الفرص، هنا استمعت القوات المسلحة للشعب المصرى و من مسئوليتها الوطنية و من تاريخ هذه المؤسسة العريقة التى دائما و ابداً تنحاز الى الشعب، اختارت مكانها و كان فى صف المصريين، لقد انقذت قواتنا المسلحة هذا الوطن من حرب اهلية كانت قادمة لا محاله.
وهنا نقول لمن يحاول أن يردد ان 30 يونيو انقلاباً، هل 30 يونيو كانت مفاجئة للسلطة؟ واذا كانت النيه موجودة لدى القوات المسلحة للاطاحة بالحاكم. فلماذا لم تتحرك قبل 30 يونيو؟
ببساطة نستطيع أن نقول أن مفهوم الانقلاب لا ينطبق على ما حدث فى مصر فهو فقد شرطين واجب توافرهم، و هو عنصر المفاجأة و هو قطعاً لم يكن موجود، لقد كانت تمتلئ الدنيا ضجيجاً بأن هناك مظاهرات حاشدة يوم 30 للاطاحة بالنظام، والشرط الثانى هو استيلاء الجيش على السلطة وهنا يجب أن يعرف الجميع أن القوات المسلحة عاهدت نفسها الا تتدخل فى العمل السياسى و ظلت طوال عام حكم النظام السابق لا تتدخل فى اى شئ بالرغم من عدم رضاها عن الكثير مما يحدث، و حينما خرج المصريون كان التحرك من منطلق واجبها الوطنى تجاه حماية المصريين ولتفرض ولتحمى الارادة الشعبية من خلال خارطة طريق توصى بالدستور ثم انتخابات برلمانية تعقبها الرئاسية وهى الخارطة التى لاقت تأييداً شعبياً جارفاً وجاءت تحقيقاً لمطالب الجماهير.
رسالتى لكل من يردد كلمة انقلاب .. ارحموا وطنكم فالبلاد لم تعد تتحمل ما تفعلون.
محمد رأفت ابوالمعاطى
الباحث في شئون السياسة الدولية والمنسق العام للجبهة الوطنية لبناء مصر