سلم محمد السيد وهو في بداية العقد الثالث من العمر نفسه الخبيثة إلى شيطانه، فضل سبيل سعيه إلى حرام يستحل به حرمان ضحاياه من حقهم في الحياة واستلاب أموالهم بنفس هادئة، انتوى سرقة الدراجات البخارية «توك توك» كرهاً عن قائديها، واختار أن تكون فرائسه من الصغار، حتى يسهل قتلهم وسرقتهم دون افتضاح أمره أو الابلاغ عنه.
أسر بذلك إلى نجل شقيقة والدته الحدث ويدعى أشرف على، البالغ من العمر 17 سنة، فتواطأ على أمرهما وتلاقت إرادتها بعد أن سال لعابهما طمعاً في الظفر بمال الغير غير عابئين بأرواحهم، فباتت غايتهما السرقة، والقتل وسيلتهما الدنيئة، وعقدا العزم سوياً، في هدوء وروية واضمرا في نفسيهما استدراج الصبية من سائقى المركبات البخارية «التوك توك» لقتلهم وسرقة مركباتهم، وما قد يطيب لهما من سرقة متعلقاتهم.
توجها سوياً متخذين من ظلمة الليل ستاراً يوارى سوء فعلتهما، وبحوزة الأول حبل أعده للاعتداء على الضحية، ومعدات وأدوات لتغيير معالم المركبة البخارية المسروقة، وقد شرعا في ذلك عدة مرات وأخفقا ثم اتفقا على معاودة الكره، وفي الليلة المنتظرة كان محمد فوده يقود «توك توك» والذى يعمل عليها سائقاً، والمعلوم للمجرم الأول الذى تربطه صداقة بشقيق الصغير وكذا بشقيق والدته فاستوفقاه طالبين منه توصليها إلى شارع السوق بناحية قرية ميت العامل مركز أجا، فتوجه بيهما وتوقفوا حيث ذاك المكان.
نزل الأول وتقابل مع خليلته وتدعى «بدر»، ثم عاد إلى الصغير وتبادلا أرقام هواتفها المحمولة وطلب منه توصيلها إلى مسكن شقيق والدة الصغير وفى ظلمة الليل وحال سير الاثنين مترجلين بشارع المرازقة بالقرب من مسكن الأول حوالى الساعة العاشرة فى ذات الليلة أحزم الاثنين أمرهما بتنفيذ ما خططا له، وانتويا فعله، وحددا الصغير سائق التوك توك ضحيتهما المختارة فاتصل الأول هاتفياً بالصغير بزعم توصيلهما إلى حيث مكان تقابله مع خليلته السالف ذكرها بناحية شارع السوق فحضر بمركبته البخارية إلى المتهمين جاهلاً بغدرهما وبأمر تدبيرهما.
ما أن بلغا ذلك المكان حتى أوقفاه، ونزل الأول من الدراجة البخارية زاعماً التحدث إلى خليلته هاتفياً، ولحق به الثانى الحدث وقررا بهذا تنفيذ جرمها فصعدا سوياً إلى الدراجة البخارية، وذهبا بالمتهم فى طريقهما، وحينها أخرج الأول من جيبه الحبل الذى أعده سلفاً وطوق به عنق الصغير وأحكم رباطه فحاول مقاومته فكال له الثاني ضربة على رأسه بعصى خشبية - أتى بها من المركبة - أسقطته خارج المركبة أرضاً فلحق به الأول جائماً فوقه بعد أن سال الدم من أنفه، وشد وثاق عنقه بالحبل ولفه.
لم تشفع صيحات استغاثة الصغير وتوسله لهما أن يستوليا على المركبة، ويتركاه حياً، لكن المتهمان مضيا في تعديها عليه غدراً وبغياً فتناوبا التعدى عليه ضرباً بالعصى الخشبية على رأسه، وحملوه مدرجاً فى دمائه داخل المركبة، وتولى الثانى الحدث قيادتها إلى طريق خلا من المارة إلى ارض زراعية، القيا الصغير بها فوجداه يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولم تصعد روحه الطاهرة بعد إلى بارئها فضرباه بالعصى الخشبية على سائر أنحاء جسده حتى تيقنا من موته، فاستولى الأول على مبلغ مالي خمسين جنية وجده في جيبه ثم عادا إلى مكان تعديها الأول، فعثرا على هاتف الضحية وتخلصا منه ومن العصى الخشبية والحبل، واستخدما مصدراً للمياة «طلمبة مياة» لمحو آثار دماء الضحية من على أجسادهما، ومن على المركبة البخارية التي حاولا تغيير معالمها بنزع بعض من محتوياتها، ونطلقا بالمركبة المسلوبة الى قرية الحامول وتقابلا مع الثالث محمد صبحى، والذى قص عليه المتهم الثانى فعلتهما الشنعاء، بكون المركبة ثمرة جريمة قتل الضحية فعاونهما على طمس معالمها فأحضر سلاح أبيض «ساطور» لذلك الغرض ومزق عطائها الجلدى الخارجي، ثم توجهوا بالمركبة المسروقة إلى الرابع والذى ابتاعها منهم بثمن بخس لا يضاهى ثمنها الحقيقي، وهو عالما بكونها متحصلة من جريمة سرقة.
تم ضبط المتهمين الأول والثاني واعترفا بارتكابها للواقعة، وأرشدا عن العصى الخشبية المستخدمة فى الواقعة، كما تم ضبط المتهمين الثالث والرابع، وأقر الثالث بعلمه بكون المركبة متحصلة من جريمة قتل المجنى عليه وسرقته، وأنه عاون المتهمين فى طمس معالمها، واقر المتهم الرابع بعلمه بأن المركبة متحصلة من جريمة سرقة، وأرشد عن مكان تواجدها وتم ضبطها أسفل مسكنه، وعثر داخلها على جاكيت اسود خاص بالمتهم الأول، و«ساطور» الذي استخدمه المتهم الثالث في طمس معالمها.
تم إحالة النيابة المتهمين لمحكمة الجنايات التي عاقبت محمد السيد بالإعدام وألزمته بأن يؤدى للمدعين بالحق المدنى 300 ألف وواحد جنيه تعويضا مدنيا مؤقتا ومعاقبة الثاني بالسجن 15 سنة، والثالث بالسجن المشدد 5 سنوات والرابع بالحبس سنتين مع الشغل وألزمتهم المصاريف الجنائية.
وبالطعن على الحكم أمام محكمة النقض المنعقدة بدار القضاء العالى بالقاهرة، قضت برئاسة المستشار أحمد حافظ وعضوية المستشارين محمد رضوان وهانى صبحى ومصطفى فتحى ومحمد صلاح وأمانة سر أشرف سليمان وأحمد سعيد برفض طعن المتهمين وتأييد الحكم الصادر من محكمة الجنايات وإقرار الإعدام.