في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الأوروبية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، أعلنت عدة دول أوروبية دعمها لإسرائيل في صراعها المتصاعد مع إيران، معتبرة أن طهران تمثل التهديد الأكبر للاستقرار الإقليمي، رغم التحفظات العميقة على السلوك الإسرائيلي في القطاع.
وأشار تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن أوروبا، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، لا ترغب في رؤية نظام إيراني مسلح نوويًا، لا سيما في ظل دعم طهران لروسيا في حربها بأوكرانيا.
وفي تصريح لافت، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال قمة مجموعة السبع في كندا:
“لدي احترام كبير لكون إسرائيل تجرأت على القيام بهذا العمل القذر نيابة عن الآخرين.”
رغم هذا الدعم، تحذر العواصم الأوروبية من أن التصعيد الإسرائيلي في إيران قد يأتي بنتائج عكسية.
ويخشى المسؤولون الأوروبيون أن يؤدي هذا التصعيد إلى انسحاب طهران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، أو إلى تعطيل المساعي الدبلوماسية لعودة إيران إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن.
وحذرت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بعد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية الأوروبيين، من أن "الوضع يتطلب خفضًا عاجلًا للتصعيد"، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي سيواصل جهوده الدبلوماسية لضمان ألا تمتلك إيران سلاحًا نوويًا.
وذكرت مصادر أوروبية أن بعض الحكومات تعمل بالتنسيق مع سلطنة عمان ودول إقليمية أخرى لمحاولة استئناف المفاوضات النووية المتوقفة.
ورغم توحد الموقف الأوروبي بشأن التهديد الإيراني، إلا أن خلافات عميقة لا تزال قائمة بشأن السلوك الإسرائيلي في غزة. ففرنسا كانت على وشك الاعتراف بدولة فلسطينية في مؤتمر بالأمم المتحدة بالتعاون مع السعودية، لكن المؤتمر تم تأجيله بعد الضربات الإسرائيلية لإيران، لأسباب أمنية ولوجستية، حسبما أعلن مسؤولون فرنسيون.
بدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن "تأجيل المؤتمر لا يعني تراجعنا عن دعم حل الدولتين، ونحن مصممون على الاعتراف بالدولة الفلسطينية."
أما في بريطانيا، فقد فرضت الحكومة عقوبات على وزيرين إسرائيليين لتصريحات حرضت على العنف ضد الفلسطينيين، كما أعلنت حظرًا جزئيًا على تصدير الأسلحة لإسرائيل.
وفي تصعيد آخر، أعلنت السلطات الفرنسية إغلاق خمسة أجنحة إسرائيلية في معرض باريس للطيران بعد رفضها إزالة أسلحة هجومية محظورة عرضها في فرنسا بسبب الحرب في غزة. ووصف وزارة الدفاع الإسرائيلية الخطوة بأنها “فعل قبيح وغير لائق.”
وفي الوقت الذي يعتمد فيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على دعم الولايات المتحدة في المواجهة مع إيران، فإن خسارة الدعم الأوروبي قد تترك إسرائيل أكثر عزلة على الساحة الدولية، خصوصًا إذا تطورت الضربات إلى استهداف مدنيين إيرانيين أو إذا أغلقت إيران مضيق هرمز، مما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية.
وفي ظل استمرار الحرب دون أفق للحل، تبقى أوروبا تمسك العصا من المنتصف: دعم عسكري واستخباراتي محدود لإسرائيل في مواجهتها مع إيران، مقابل تصعيد سياسي وانتقادات حادة بسبب حربها المستمرة في غزة.