وسط الركام والدخان والدموع، بدأت إيران في لملمة جراحها بعد 12 يوماً من القصف الإسرائيلي الذي خلف خسائر بشرية ومادية فادحة. وبينما يحاول الجانبان الترويج لانتصارات إعلامية، تظل المشاهد من المستشفيات والأحياء المدمرة أبلغ تعبير عن فداحة ما جرى.
أرقام مفزعة من وزارة الصحة الإيرانية
أعلن وزير الصحة الإيراني، محمد رضا ظفرقندي، أن حصيلة القصف الإسرائيلي على إيران بلغت 606 قتلى منذ اندلاع الهجمات وحتى إعلان وقف إطلاق النار. وأوضح في تصريح متلفز أن نحو 95% من الضحايا لقوا حتفهم تحت أنقاض المباني التي دمرها القصف، في حين توفي الباقون متأثرين بجراحهم بعد وصولهم إلى المستشفيات.
وأضاف أن عدد الجرحى تجاوز 4700 مصاب، وفق ما أعلن المتحدث باسم الوزارة حسين كرمانبور، الذي وصف الوضع داخل المستشفيات خلال الأيام الماضية بأنه "مروّع إلى حد لا يُحتمل"، مؤكداً أن الأرقام تتعلق بالمدنيين فقط.
ضحايا من الأطفال والطواقم الطبية
ومن بين القتلى، هناك 13 طفلاً، أصغرهم رضيع لا يتجاوز عمره شهرين، إضافة إلى خمسة من أفراد الطواقم الطبية، من أطباء ومسعفين، لقوا حتفهم أثناء تأدية مهامهم الإنسانية خلال الغارات. كما أُبلغ عن تضرر سبعة مستشفيات وتسع سيارات إسعاف بفعل القصف، ما يزيد من تعقيد جهود الإنقاذ والإغاثة.
قراءة في الموقف الاستراتيجي
من جانبه، علّق اللواء سمير فرج, الخبير الاستراتيجي والعسكري، على المشهد بالقول إن الأطراف المعنية ستجلس أخيراً علي طاولة التفاوض، مما يُعد مؤشراً على إدراك الجميع لخطورة الاستمرار في التصعيد. وأشار إلى غموض الصورة بشأن الطرف الذي خرج منتصراً، فبينما تعلن إيران أنها ردت بقوة، تؤكد إسرائيل أن امريكا ضربت المنشآت النووية في إيران دمرتها.
وأشار فرج إلى أن إسرائيل كانت تعتزم توجيه ضربات جديدة لإيران بعد وقف إطلاق النار، لكن الرئيس الأمريكي تدخل لمنع هذا التطور الخطير، في خطوة عكست حرص واشنطن على تجنب حرب شاملة في المنطقة.
إيران وإسرائيل... رسائل متبادلة
برأي فرج، فإن إيران نجحت في إثبات قدرتها العسكرية وتوسيع رقعة الاشتباك، موجِّهة رسالة قوية بأنها تملك أدوات الردع الإقليمي. أما إسرائيل، فقد أظهرت قدراتها الدفاعية في صد بعض الهجمات، لكنها تلقت ضربات كشفت عن ثغرات في منظومتها، وهو ما يضعها أمام مراجعة أمنية ضرورية.
أميركا المستفيد الأكبر؟
وفي ختام تحليله، أكد فرج أن الولايات المتحدة تُعد الرابح الأكبر، إذ نجحت في لعب دور الوسيط الفعّال الذي أعاد ضبط الإيقاع، ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب كارثية كانت ستضر بمصالح واشنطن وحلفائها في الخليج.
رغم توقف أصوات القصف، فإن صدى المآسي لا يزال يتردد في أرجاء إيران. فالبيوت المدمرة، والضحايا من الأطفال، والكوادر الطبية التي دفعت حياتها ثمناً للواجب، ستبقى شاهدة على لحظة تاريخية دامية. وما لم يتحول وقف إطلاق النار إلى سلام حقيقي، ستظل المنطقة مرشحة لانفجار جديد، ربما يكون أشدّ قسوة.