قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء المفاوضات التجارية مع كندا "فورًا" يحمل دلالات سياسية واقتصادية متعددة، ويشكل تحولًا مفاجئًا في مسار العلاقات الاقتصادية بين الجارتين في إطار اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا).
إليك ما يعنيه هذا القرار:
أولًا: ضغوط على أوتاوا
تصريح ترامب يعني أن الولايات المتحدة لم تعد راغبة في التفاوض وفق شروط كندية أو المضي قدمًا في مفاوضات طويلة ومعقدة.
الهدف الأساسي من إعلان الإنهاء "الفوري" هو ممارسة ضغط سياسي واقتصادي على الحكومة الكندية لإجبارها على تقديم تنازلات سريعة، خصوصًا في قضايا خلافية مثل حماية صناعة الألبان، وتسوية النزاعات، وحقوق الملكية الفكرية.
ثانيًا: مضي واشنطن في اتفاق ثنائي مع المكسيك
كان ترامب أعلن سابقًا التوصل إلى "اتفاق أولي" مع المكسيك، وهو ما اعتبر محاولة لإقصاء كندا من اتفاق "نافتا" وإعادة تشكيله كاتفاق ثنائي – "أمريكا-المكسيك" – ما لم ترضخ كندا لشروط أمريكا.
وبالتالي، إنهاء المفاوضات مع كندا يفتح الباب أمام توقيع اتفاق ثنائي مع المكسيك فقط.
ثالثًا: تعقيد المشهد التجاري في أمريكا الشمالية
إخراج كندا من المعادلة يعني تفكك اتفاق "نافتا" بثلاثيته الأصلية، ما قد يؤدي إلى:
- فرض تعريفات جمركية متبادلة.
- اضطراب في سلاسل التوريد العابرة للحدود.
- تأثيرات سلبية على الاستثمارات والتجارة في قطاعات رئيسية مثل السيارات والطاقة والزراعة.
رابعًا: رسالة داخلية ودولية
على المستوى الداخلي، يخاطب ترامب قاعدته الانتخابية برسالة مفادها أنه "لا يتهاون" في حماية الصناعات الأمريكية.
أما خارجيًا، فهو يبعث برسالة للدول الأخرى مفادها أن الولايات المتحدة مستعدة للانسحاب من اتفاقات سابقة إذا لم تكن منصفة، وفق رؤيته.
خامسًا: خطر عزلة تجارية
قرار ترامب قد يؤدي لعزلة تجارية متزايدة للولايات المتحدة، إذ تراه بعض الدول شريكًا غير موثوق به.
ويخشى اقتصاديون أن تؤدي مثل هذه السياسات إلى حروب تجارية أوسع، ما يضر بالنمو الاقتصادي العالمي.
وعليه، يعد إنهاء ترامب للمفاوضات مع كندا ليس مجرد خطوة تفاوضية، بل هو تحرك استراتيجي له آثار بعيدة المدى على مستقبل التجارة في أمريكا الشمالية، وقد يعيد تشكيل خريطة الاتفاقات الاقتصادية العالمية.