كشف الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عن العلامة الرابعة من علامات الساعة الكبرى، وهي خروج دابة الأرض تكلم الناس.
خروج الدابة تكلم الناس
وقال عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: إن المسلمين يؤمنون بأن من علامات يوم القيامة خروج دابة تكلم الناس بلغتهم، والدابة في اللغة كل ما يدب على الأرض، ولقد اقتصر استعمالها على الحيوانات، وقد ذكر ربنا سبحانه وتعالى خروج الدابة في كتابه فقال : (وَإِذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ) [النمل :82].
واشار إلى ان خروجها علامة خطيرة، وذلك لانغلاق باب قبول التوبة والإيمان بظهورها، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ﷺ حيث قال : (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا، طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض) [رواه مسلم].
هيئة الدابة :
وأوضح انه رغم أن الحديث عن هيئة الدابة ليس من أساس الاعتقاد في باب الإيمان بالغيب أو علامات الساعة، إلا أننا نذكره لتميم الفائدة، فقد اختلف العلماء في هيئة الدابة، وذهبوا إلى عدة أقوال:
القول الأول : أنها فصيل ناقة صالح، قال القرطبي : (أولى الأقوال أنها فصيل ناقة صالح وهو أصحها، والله أعلم) ، واستدل بحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن حذيفة قال : ذكر رسول الله ﷺ الدابة فقال : «لها ثلاث خرجات من الدهر، فتخرج في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية - يعني مكة - ثم تكمن زمنا طويلا، ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيفشو ذكرها في البادية، ويدخل ذكرها القرية، يعني مكة، قال رسول الله ﷺ : " ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة خيرها وأكرمها على الله المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام تنفض رأسها عن التراب فتركض الناس منها شتى ومعا، وتثبت عصابة من المؤمنين عرفوا أنهم لم يعجزوا الله فبدأت بهم، فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري، وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه، فتقول : يا فلان : الآن تصلي !؟ فتقبل عليه فتسمه في وجهه، ثم ينطلق ويشترك الناس في الأموال، ويصطحبون في الأمصار يعرف المؤمن من الكافر، حتى إن المؤمن يقول يا كافر أقضني حقي وحتى إن الكافر يقول يا مؤمن أقضني حقي» [رواه الطيالسي في مسنده]
وفي الحديث أنها ترغو، والرغاء للإبل. قال القرطبي: «وقد قيل إن الدابة التي تخرج هي الفصيل الذي كان لناقة صالح عليه السلام، فلما قتلت الناقة هرب الفصيل بنفسه فانفتح له الحجر فدخل فيه ثم انطبق عليه، فهو فيه إلى وقت خروجه، حتى يخرج بإذن الله تعالى» [التذكرة]
القول الثاني : أنها دابة جمعت من خلق كل حيوان.
القول الثالث : أنها إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم حتى يتبين الصادق من الكاذب فيحيا من حيَّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، وهو قول بعيد ليس عليه دليل، بل جاءت الأدلة بخلافه.
القول الرابع : أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة.
القول الخامس : أنها دابة مزغبة شعراء ذات قوائم، طولها ستون ذراعا، ويقال : إنها الجساسة المذكورة في حديث تميم الداري رضي الله عنه والذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وسميت بالجساسة ؛ لأنها تجس الأخبار للدجال
مواطن خروج الدابة
ولفت انه كما اختلف العلماء في حقيقة الدابة وهيئتها، اختلفوا كذلك في موطن خروجها في مكان خروج الدابة إلى عدة أقوال :
قال القرطبي : « واختلف من أي موضع تخرج، فقال عبدالله بن عمر: تخرج من جبل الصفا بمكة؛ يتصدع فتخرج منه. قال عبدالله ابن عمرو نحوه وقال: لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت وروي في خبر عن النبي ﷺ : (إن الأرض تنشق عن الدابة وعيسى عليه السلام يطوف بالبيت ومعه المسلمون من ناحية المسعى، وإنها تخرج من الصفا فتسم بين عيني المؤمن هو مؤمن سمة كأنها كوكب دري وتسم بين عيني الكافر نكتة سوداء كافر) وذكر في الخبر أنها ذات وبر وريش؛ ذكره المهدوي. وعن ابن عباس أنها تخرج من شعب فتمس رأسها السحاب ورجلاها في الأرض لم تخرجا، وتخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام.
وعن حذيفة: تخرج ثلاث خرجات؛ خرجة في بعض البوادي ثم تكمن، وخرجة في القرى يتقاتل فيها الأمراء حتى تكثر الدماء، وخرجة من أعظم المساجد وأكرمها وأشرفها وأفضلها الزمخشري: تخرج من بين الركن حذاء دار بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد؛ فقوم يهربون، وقوم يقفون نظارة. وروي عن قتادة أنها تخرج في تهامة.
وروي أنها تخرج من مسجد الكوفة من حيث فار تنور نوح عليه السلام. وقيل: من أرض الطائف؛ قال أبو قبيل: ضرب عبدالله بن عمرو أرض الطائف برجله وقال: من هنا تخرج الدابة التي تكلم الناس وقيل: من بعض أودية تهامة؛ قال ابن عباس وقيل: من صخرة من شعب أجياد؛ قال عبدالله بن عمرو. وقيل: من بحر سدوم؛ قال وهب بن منبه. ذكر هذه الأقوال الثلاثة الأخيرة الماوردي في كتابه. وذكر البغوي أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز قال: حدثنا علي بن الجعد عن فضيل بن مرزوق الرقاشي الأغر - وسئل عنه يحيى بن معين فقال ثقة - عن عطية العوفي عن ابن عمر قال تخرج الدابة من صدع في الكعبة كجري الفرس ثلاثة أيام لا يخرج ثلثها) [تفسير القرطبي].
وذكر انه يمكن أن نجمل الأقوال السابقة في قولين :
الأول : أنها تخرج من جبل الصفا أو من المسجد الحرام بمكة المكرمة.
الثاني : أن لها خرجات، الأولى من أقصى البادية، ثم تختفي، ثم تخرج من بعض أودية تهامة، ويصدق عليها أنه من وراء مكة، وفي المرة الأخيرة تخرج من مكة. وعلى هذا القول يمكن جمع الأقوال المختلفة في ذلك.
ماذا تفعل الدابة بعد خروجها ؟
وتابع: بعد أن تعرفنا على هيئة الدابة، ومكان خروجها، بقي لنا أن نعرف ماذا تفعل هذه الدابة مع الناس عند خروجها قبل يوم القيامة، فقد ورد في الأحاديث أنها تسم الناس المؤمن والكافر.
قال ابن كثير : «وعن ابن عباس : تكلمهم، تجرحهم، يعني تكتب على جبين الكافر كافر، وعلى جبين المؤمن مؤمن، ومنه تخاطبهم، وتخرجهم، وهذا القول ينتظم من مذهبين وهو قوي حسن جامع، والله تعالى أعلم» [تفسير ابن كثير]
فعملها يتلخص في أنها دابة تكلم الناس، وأنها تسم المؤمن بعلامة وتجلو وجهه حتى ينير.
وأنها تسم الكافر بعلامة قيل: هي خطم الأنف. قال ابن الأثير : يعني تصيبه فتجعل له أثرا مثل أثر الخطام.
وأوضح ان الذي يجب على المؤمن في هذا الشأن أن يؤمن بخروج مخلوق من مخلوقات الله يكلم الناس، وأن هذا الخروج علامة على اقتراب الساعة، نسأل الله أن يرزقنا النجاة من الفتن، وحسن الخاتمة.