فتاوى الإسلام للعبادة في الحر الشديد
هل العمل في الحر الشديد له ثواب يختلف عن الأيام العادية؟
فضل تظليل أماكن الإنتظار المشمسة والتصدق بأجهزة التبريد
فضل السعي على الرزق في الحر الشديد
الإفتاء: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا
ما هو أجر الصيام في الحر الشديد؟
هناك مجموعة من الأحكام الشرعية والفتاوى المتعلقة بالعبادة في الحر الشديد وقد بشَّر الشرع الحنيف المسلمين الذين يتعبدون إلى الله في هذا الجو والصعب بمجموعة من البشريات في الدنيا والآخرة، ولهذا نسلط الضوء في هذا التقرير على فتاوى الإسلام للعبادة في الحر الشديد.
وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ردا على سؤال: هل العمل في الحر الشديد له ثواب يختلف عن الأيام العادية؟ إن بذل الجهد والعمل من أجل تحصيل الرزق الحلال في الأيام شديدة الحرارة يُعد من الأعمال الجليلة التي ينال صاحبها الأجر والثواب من الله- تعالى-، إذا خلصت نيته، وكان هدفه إعالة نفسه أو أسرته.
وبين الأزهر للفتوى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثنى على الساعي على الرزق، واعتبره في سبيل الله؛ إذا كان يقصد بذلك إعالة أهله أو نفسه.
واستدل بحديث النبي ﷺ، عندما رأى الصحابة رجلًا نشيطًا في عمله، فتساءلوا: «يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله؟»، فأجابهم قائلًا: «إن كان خرج يسعى على ولدٍ صغارٍ؛ فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين؛ فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفّها؛ فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياءً ومفاخرةً؛ فهو في سبيل الشيطان»، رواه الطبراني.
ودعا الأزهر، جميع أفراد المجتمع، إلى استلهام هذه القيم والمعاني النبيلة في سعيهم وكدّهم اليومي، لافتا الى أهمية استحضار النية الصالحة عند الخروج للعمل، حتى يُكتب للإنسان الأجر الكامل بفضل نيته وجهده.
كما قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، إن الاجتهاد في السعي على طلب الرزق الحلال في اليوم شديد الحر عمل جليل، له ثواب عظيم.
وتابع مركز الأزهر: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ رَجُلٌ فَرَأى أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ فَقَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ : «إِنْ كَانَ خَرَجَ يِسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوُيْنِ شَيْخَينِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانِ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يَعفَّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رَيِاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ». [أخرجه الطبراني].
كما حث مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، على تظليل أماكن الانتظار المُشْمِسَة، والتصدق بأجهزة التهوية والتبريد، وسقيا الماء في الأماكن التي تشتد بها الحرارة، ويكثر فيها اجتماع الناس، من أعمال البِّر وأفضل الصدقات؛ قال سيدنا رسول الله : «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ» [أخرجه الترمذي]، وعن سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟، قَالَ : «سَقْيُ الْمَاءِ». [أخرجه النسائي].
وأكد مركز الأزهر، أن الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل لها، وتعهد النباتات بالسقيا مما دعا إليه الإسلام، ورتَّب عليه الأجر والثواب، سيما في الأيام الحارة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن سيدنا رسول الله، قال: «في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ». [ متفق عليه].
وأجاب الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول “ماذا يمكن أن يردده العباد أثناء الحر الشديد سواء من القرآن الكريم أو السنة النبوية؟”.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، : "سيدنا النبى محمد صلى الله عليه، أخبرنا أن النار من شدة ما تأكل فى بعض؛ طلبت من ربنا أن يكون لها تنفيسا فى الدنيا وهو اللي بيحصل فى موجات الحر الشديد".
وتابع: "اول لما نشوف الجو الحر الشديد، ندعو ربنا: اللهم أجرنا من حر جهنم.. اللهم أجرنا من عذاب النار.. اللهم خفف عنا الحر الشديد.. واحفظ إخواننا من العاملين فى الشمس الحارة".
وأكدت دار الإفتاء أنه يستحبُّ للإنسان عند اشتداد الحرِّ أن يُكثر من قول "لا إله إلا الله"، وأن يستعيذ بالله تعالى من النار ومن حرِّ جهنم، وأن يسأله سبحانه العافية؛ فيقول: "اللهم أجرني من حَرِّ جهنم"، أو "اللهم أجرنا من النار، ومن عذاب النار، ومن كلِّ عملٍ يقربنا إلى النار، وأصلح لنا شأننا بفضلك وكرمك يا عزيز يا غفَّار"، ويجوز أن يدعو بغير ذلك من الأدعية التي يباح الدعاء بها عندما يحصُل للإنسان ما يقلقه أو يزعجه.
وقال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن أجر الصيام عظيم، ولكنه في شدة الحر يكون أعظم أجرا، منوها بأن التكليف كلما كان فيه مشقة كلما عظمت الأجور التي يحصلها الإنسان منه، والقاعدة الفقهية تقول «ما كان أكثر فعلا، كان أكثر فضلا، وعليه فإن الصيام في الأيام التي يشق فيها الصيام والإنسان يجاهد نفسه فيصوم ويتمم الصوم، يكون الأجر فيها أكبر من الأيام التي يكون فيها النهار أقصر أو تكون المشقة المرتبطة فيها بالصيام أقل».
وأضاف «ممدوح»، خلال إجابته عن سؤال: هل الصيام في شدة الحر له ثواب أكبر من الصوم في الأيام العادية؟»، أنه إذا كان في الصيام مشقة لطول اليوم وشدة حر فإن ثوابه يكون أعظم؛ مستشهدا بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها في عمرتها: «إن لك من الأجر قدر نصبك ونفقتك» رواه الدارقطني.