قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"الزواج مش بس فرح".. ماذا قدمت وزارة التضامن في برنامج "مودة" لتأهيل المقبلين على الزواج؟

مودة...
مودة...

لم تعد العلاقات الزوجية في المجتمع المصري تختزل في مراسم الفرح أو توقيع عقد الزواج، بل أصبحت رحلة مستمرة من التفاهم والمسؤولية والتحديات، حيث تعد مؤسسة الزواج مساحة مفتوحة للتفاعل الإنساني، تتداخل فيها العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، ويعاد فيها تعريف الأدوار والتوقعات بين الشريكين. هذا الواقع لا يعكس فقط تغيرًا في الوعي المجتمعي، بل أيضًا تصاعدًا في الحاجة إلى دعم مؤسسي ومجتمعي يعزز استقرار هذه العلاقة ويواكب تعقيداتها المتزايدة.


في هذا الإطار، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي عام 2019 برنامج "مودة" لتأهيل المقبلين على الزواج، بتكليف مباشر من فخامة رئيس الجمهورية، ليصبح أحد أبرز المبادرات المعنية بالاستقرار الأسري وخفض معدلات الطلاق، خاصة في السنوات الأولى من الزواج. ويعد البرنامج أحد الأدوات الداعمة لمحور التوعية في المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية الذي أُطلق في فبراير 2022، نظرًا لدوره المهم في رفع وعي الشباب بقضايا مثل تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات وتأجيل الطفل الأول.

قبل أن يبدأ المشوار.. ماذا يقدم برنامج «مودة» للمقبلين على الزواج؟


يستهدف برنامج "مودة" تأهيل الشباب من الجنسين، لاسيما من الفئة العمرية بين 18 و35 عامًا، مع إعطاء أولوية للفئات الأكثر احتياجًا والمستفيدة من برامج الحماية الاجتماعية مثل "تكافل وكرامة"، ويعتمد البرنامج على تقديم محتوى معرفي شامل يتناول الحقوق والواجبات داخل العلاقة الزوجية، إلى جانب التدريب على مهارات التواصل الفعال وحل النزاعات، وفهم الذات، ومعايير اختيار شريك الحياة، والاستعداد لفترة الخطوبة، والتعامل مع الأهل، وتقديم معلومات دقيقة حول الصحة الإنجابية والتخطيط الأسري.


وفي تعليق خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط.. أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي، أن المنصة الرقمية للاستشارات الأسرية تمثل خطوة مهمة نحو إتاحة الدعم النفسي والتربوي المجاني للمواطنين، مشيرة إلى أن الوزارة تتابع بشكل دقيق أداء المنصة، وتعمل على معالجة أي تأخير في الردود أو تفاعل المختصين، لضمان تجربة متكاملة تحفظ الخصوصية وتلبي احتياجات الأسرة المصرية".


وأضافت وزيرة التضامن الاجتماعي، أن الوزارة تستهدف خلال الفترة المقبلة التوسع في آليات الدعم النفسي والاجتماعي عن بعد، من خلال تعزيز البنية التقنية لمنصة الاستشارات ورفع كفاءتها التشغيلية، بما يضمن سهولة الاستخدام وسرعة الاستجابة وجودة المحتوى المقدم. وأشارت إلى أن المنصة تمثل إحدى الأدوات المستحدثة التي تراهن عليها الوزارة لتوسيع نطاق التدخلات الوقائية، والوصول إلى الفئات المستهدفة في بيئة آمنة تحفظ الخصوصية وتلبي الاحتياجات المتنوعة للأسر.


وشددت على أن "الخدمة ما زالت في طور التطوير، ونعمل على أن تصبح نموذجًا مستدامًا للتدخل المبكر والدعم المجتمعي الآمن"، مؤكدة حرص الوزارة على متابعة الملاحظات الواردة من المستخدمين والبناء عليها لتحسين جودة الخدمة وتوسيع أثرها المجتمعي، ضمن رؤية أوسع لتمكين الأسرة المصرية وتعزيز تماسكها في مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية المعاصرة.


ينفذ "مودة" من خلال جلسات تفاعلية بمدد تدريبية مرنة تختلف حسب طبيعة الفئة المستهدفة والشراكة المنفذة، إذ تتراوح من 6 ساعات إلى 18 ساعة تمتد على مدار 3 أيام، بمشاركة نخبة من المتخصصين من الأزهر الشريف والكنيسة المصرية وخبراء في مجالي الاجتماع والنفس، بما يضمن تناول الجوانب النفسية والاجتماعية والدينية بشكل متكامل، كما يتم تنفيذ أكثر من 16 مبادرة تدريبية متنوعة على مستوى الجمهورية ضمن البرنامج، لتغطية مختلف الجوانب المرتبطة بتأهيل المقبلين على الزواج.

نتائج ملموسة على الأرض


شهد برنامج "مودة" انتشارًا واسعًا في جميع محافظات الجمهورية، حيث جرى تنفيذه بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، في إطار تكامل الأدوار بين الدولة والشركاء المحليين والدوليين. وحتى منتصف العام الجاري، بلغ عدد المستفيدين من التدريبات المتخصصة المباشرة نحو 1.6 مليون شاب وفتاة، بينما استقطبت المنصة الرقمية www.mawadda-eg.com للبرنامج نحو 5.2 مليون مستخدم، ما يعكس الإقبال المتزايد عليه والحاجة المجتمعية الحقيقية لمحتواه.


ويعد التنسيق والتشبيك مع الجهات المختلفة أحد أبرز نقاط القوة في البرنامج، حيث يتم تنفيذه بالتعاون مع وزارات التعليم العالي والبحث العلمي، والشباب والرياضة، والداخلية، والصحة والسكان، إلى جانب عدة جمعيات أهلية منتشرة على مستوى الجمهورية، وجهات دولية مثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي.


ومع تطور البرنامج، لم تقتصر جهوده على التدريب الميداني فحسب، بل توسعت لتشمل تقديم خدمات تفاعلية عبر المنصة الرقمية، أبرزها إطلاق خدمة "اسأل مودة" لتقديم الاستشارات الأسرية المجانية على رابط المنصة التي تمثل مظلة آمنة للأسر الساعية إلى تجاوز العقبات والتحديات، من خلال التواصل المباشر مع خبراء نفسيين واجتماعيين.. وتهدف الخدمة إلى تحسين جودة الحياة الأسرية والصحة النفسية لأفرادها، فضلًا عن تمكينهم من مواجهة مشكلاتهم بدعم مهني موثوق.


ويتم تقديم التدريب حاليًا في أكثر من 120 مركزًا للتنمية الأسرية، موزعة جغرافيًا لتيسير الوصول إلى الفئات المستهدفة. وفي بعض المناطق، أصبحت المشاركة في البرنامج شرطًا للحصول على أنواع محددة من الدعم المرتبط بالزواج، ما يرسخ قيمته كإحدى أدوات التمكين الأسري التي تعزز الاستقرار الاجتماعي وتقلل من نسب الطلاق.

الأهل.. شركاء في البناء أم أطراف تزيد من التوتر؟


رغم أن العلاقة الزوجية تقوم أساسًا بين شخصين، إلا أن دور الأهل يظل حاضرًا بقوة في خلفية هذه العلاقة، سواء كعنصر دعم يعزز الاستقرار، أو كعامل ضغط يسهم في تفاقم الخلافات؛ فالتدخلات الأسرية، حتى عندما تصدر بدافع المحبة أو الحرص، قد تؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة إذا تجاوزت حدود النصيحة وتحولت إلى محاولة للسيطرة أو فرض الرأي، وفي مجتمعاتنا التي تقوم على الروابط العائلية القوية، لا تزال بعض الممارسات التقليدية تضفي شرعية على التدخل المستمر من قبل الأهل، وهو ما يضعف قدرة الزوجين على بناء علاقة مستقلة ناضجة.


من هذا المنطلق، يولي برنامج مودة اهتمامًا خاصًا بهذا البعد، باعتباره من العوامل المؤثرة في جودة الحياة الزوجية، ويعمل البرنامج على رفع وعي الشباب المقبلين على الزواج بضرورة إرساء توازن صحي بين الارتباط العائلي والانفصال الأسري المسؤول، من خلال تحديد حدود واضحة للتعامل مع الأسرة الممتدة، بما يضمن الحفاظ على خصوصية العلاقة بين الزوجين دون أن ينظر إلى ذلك على أنه قطيعة أو جحود، كما يشجع البرنامج على الحوار بين الأجيال، بما يسمح بتمرير الخبرات من دون فرضها، ويعزز من قدرة كل طرف على إدارة علاقاته العائلية بشكل ناضج ومحترم.

عندما تختبر العلاقات في ميزانية الأسرة


تلعب الحالة الاقتصادية للأسرة دورًا محوريًا في استقرار العلاقة الزوجية، لاسيما في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد الأعباء المالية اليومية، فالمشكلات المادية إذا لم تواجه بتفاهم وتخطيط مشترك، قد تتحول من ظرف خارجي مؤقت إلى مصدر دائم للخلاف والتوتر، وتزداد حدة هذه الضغوط مع غياب ثقافة الإدارة الواعية للموارد، أو حين يتوقع أحد الطرفين من الآخر تغطية المسؤوليات دون اتفاق مسبق، وهو ما يفتح الباب أمام سوء الفهم وتراكم المشكلات.


انطلاقًا من ذلك، يخصص برنامج مودة محورًا لتثقيف الشباب حول مبادئ إدارة الموارد المالية داخل الأسرة، وتشجيعهم على الاتفاق المسبق بشأن تقسيم الأدوار المالية والمسؤوليات، ووضع أولويات واضحة للإنفاق، بما يعزز ثقافة التشارك والشفافية، كما يسلط البرنامج الضوء على أهمية أن تكون العلاقة الزوجية مساحة للحوار حتى في أصعب الظروف الاقتصادية، ويشجع على اعتماد مبدأ "نواجه معًا" بدلًا من تبادل الاتهامات أو الهروب من المسؤولية، فالتفاهم المالي ليس ترفًا، بل أحد ركائز الزواج المستقر في العصر الحديث.

الإنجاب.. قرار مشترك ومسؤولية مسبقة


يعد الإنجاب من القضايا المفصلية التي تحدد ملامح الحياة الأسرية في بداياتها، ومع ذلك لا تحظى هذه القضية دائمًا بالقدر الكافي من النقاش قبل الزواج، وقد أظهرت الخبرات الاجتماعية أن الخلاف حول توقيت الإنجاب، وعدد الأبناء، وكيفية توزيع الأدوار بعد الولادة، قد يتحول إلى أحد أبرز أسباب التوتر بين الزوجين، خاصة إذا غابت الرؤية المشتركة أو تم اتخاذ القرار من طرف واحد دون حوار مسبق، من هنا، يولي برنامج مودة اهتمامًا كبيرًا بهذا المحور، ويشجع المقبلين على الزواج على طرح هذه الأسئلة بوضوح قبل الارتباط الرسمي، باعتبارها جزءًا أصيلًا من التخطيط الواعي للأسرة؛ فالإنجاب لا يجب أن يكون استجابة لضغط اجتماعي أو تصورات تقليدية، بل قرارًا مشتركًا ينبع من رغبة ناضجة واستعداد نفسي ومادي متكامل، كما يسعى البرنامج إلى تصحيح بعض المفاهيم المرتبطة بأدوار كل طرف بعد الإنجاب، مؤكدًا على أن رعاية الأبناء مسؤولية متقاسمة، تبدأ بالتفاهم وتنضج بالتعاون المستمر.

حين تصبح مواقع التواصل الاجتماعي طرفًا ثالثًا


في العصر الرقمي، لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد وسيلة للتواصل أو الترفيه، بل أصبحت أحد المؤثرات العميقة في تشكيل العلاقات، بما في ذلك العلاقة الزوجية، فقد تحولت هذه المنصات، بمرور الوقت، إلى طرف غير مرئي داخل كثير من البيوت، تتسلل تأثيراته إلى تفاصيل الحياة اليومية دون وعي من الشريكين؛ فالصور المنشورة التي تظهر "حياة مثالية" قد تخلق مقارنات غير واقعية، وتولد شعورًا بالنقص أو بعدم الرضا، خاصة حين يقارن الواقع بما يبدو على الشاشات، كما أن التفاعلات مع الغرباء، والتعليقات العابرة، والانشغال المستمر بالمحتوى الرقمي، قد تؤدي إلى تآكل الحوار الحقيقي بين الزوجين، وتدفع العلاقة في اتجاه العزلة العاطفية.


يدرك برنامج مودة خطورة هذا البعد، ويعمل على تعزيز وعي المشاركين بضرورة ترسيم حدود واضحة لاستخدام مواقع التواصل، والتمييز بين ما ينشر للعامة وما يجب أن يظل في دائرة الخصوصية، كما يشجع على اعتماد ممارسات تكنولوجية صحية، مثل تخصيص أوقات للابتعاد عن الهواتف، والاتفاق على قواعد للاستخدام، بما يعزز التفاهم والثقة، ويمنع مواقع التواصل من أن تصبح أداة لخلق التوتر بدلًا من أن تكون وسيلة للتواصل الحقيقي، ففي زمن العوالم الافتراضية، تظل العلاقات الواقعية في حاجة إلى رعاية ويقظة مضاعفة.

الصحة النفسية.. شرط للاستقرار

أثبتت دراسات اجتماعية ونفسية عديدة أن الصحة النفسية لكل من الزوجين تمثل حجر الزاوية في بناء علاقة أسرية مستقرة؛ فالتوازن النفسي لا ينعكس فقط على قدرة الفرد في إدارة الخلافات أو التعبير عن مشاعره، بل يشكل أيضًا الأساس في اتخاذ القرارات المشتركة والتفاعل اليومي بهدوء ومرونة، ومع ذلك، لا تزال مسألة الاعتراف بالحاجة إلى دعم نفسي، أو اللجوء إلى المتخصصين، تقابل أحيانًا في المجتمع المصري بالتحفظ أو الخوف من الوصمة، وهو ما يؤدي إلى تجاهل مؤشرات أولية لمشكلات قد تتفاقم مع الوق.


يتعامل برنامج "مودة" مع هذه الإشكالية بوعي متقدم، إذ يدمج موضوعات الصحة النفسية والضغوط المرتبطة بالحياة الزوجية ضمن المحتوى التدريبي، ويؤكد على أن طلب المساعدة لا يعد ضعفًا، بل خطوة ناضجة للحفاظ على العلاقة، ومن هذا المنطلق، يبرز تساؤل يستحق الطرح في السياق المصري: هل نحتاج إلى إتاحة خدمة دعم نفسي أسري عبر الهاتف، كمدخل أولي للاستماع والتوجيه النفسي؟ فمثل هذه الخدمة قد تمثل طوق نجاة للأسر في لحظات الأزمات، من خلال تقديم دعم مبدئي وآمن، وتحويل الحالات التي تحتاج إلى تدخل أعمق إلى جلسات مباشرة مع أخصائيين نفسيين واجتماعيين، إن توفير هذه الخدمة لا يعزز فقط الوقاية من الانهيار الأسري، بل يؤكد أن الدولة تولي الصحة النفسية نفس القدر من الأهمية الذي توليه للصحة البدنية والاجتماعية.

الدراما.. حين يصبح الفن أداة للتغيير

لم تعد الدراما مجرد وسيلة للترفيه، بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى شريك فاعل في التوعية المجتمعية، لاسيما في ما يتعلق بقضايا الأسرة والعلاقات الزوجية، فقد اتجه عدد من الأعمال الدرامية إلى تناول هذه الموضوعات بطرح واقعي يعكس التحديات اليومية التي تواجه الأسر المصرية.


أعمال مثل "بدون ضمان" و"تحت الوصاية" و"سابع جار" قدمت نماذج متعددة لأشكال العلاقات داخل البيت، من التفاهم والدعم إلى الخلافات والصراعات، بما ساعد على كسر الصور النمطية وفتح مساحات للنقاش المجتمعي خاصة بين فئة الشباب.. وفي هذا الإطار، يمكن النظر إلى هذه الأعمال كرافد ثقافي يكمل جهود الدولة في مجال التوعية الأسرية، ومن بينها برنامج "مودة"، حيث تساهم الرسائل الفنية في ترسيخ المفاهيم التربوية والاجتماعية بلغة قريبة من وجدان الناس، وتحدث تأثيرًا قد يتجاوز أحيانًا ما تحققه الأدوات التقليدية.

من مودة الشريكين إلى مسؤولية المجتمع
من خلال برنامج "مودة"، تقدم وزارة التضامن الاجتماعي نموذجًا متقدمًا للتدخل الوقائي، يرتكز على التثقيف والتدريب والدعم المعنوي للمقبلين على الزواج، إدراكًا منها بأن الاستقرار الأسري يبدأ من اللحظة الأولى للاختيار، وليس بعد وقوع الأزمات.


ومع اتساع نطاق البرنامج ليشمل مئات الآلاف من الشباب في مختلف المحافظات، تتزايد فرص بناء أسر أكثر وعيًا ونضجًا واستعدادًا لمواجهة تحديات الحياة اليومية، ومع ذلك، فإن تأهيل الشريكين وحده لا يكفي؛ فالكثير من الأزمات الأسرية لا تنشأ من داخل البيت فحسب، بل من خارجه، حيث تتقاطع تدخلات الأهل، والضغوط الاقتصادية، والصور النمطية في الإعلام، مع غياب التوعية المجتمعية الشاملة، وقد يتحول الأهل، رغم حسن النوايا، إلى مصدر توتر، حين تغيب الحدود الفاصلة بين الدعم والتدخل، وتتداخل الأدوار داخل المنظومة الأسرية.


وفي هذا السياق، يطرح التقرير عددًا من التساؤلات والاقتراحات التي يمكن أن تشكل مداخل مهمة للمرحلة المقبلة: هل نحتاج في مصر إلى إتاحة خدمات دعم نفسي وأسري عبر الهاتف، كخطوة أولى توفر الاستماع والتوجيه وتحيل الحالات الأكثر تعقيدًا إلى متخصصين؟ وهل يمكن توسيع نطاق التوعية المجتمعية لتشمل البيئة المحيطة بالأسرة، لاسيما الأهل ومقدمي الدعم الاجتماعي؟ إلى أي مدى يمكن للإعلام، - خاصة الدراما الهادفة - أن يظل شريكًا في بناء وعي جديد بالعلاقات الزوجية، يعكس الواقع ويحفز على التغيير؟ والأهم: هل تستطيع وزارة التضامن، بكل ما تتحمله من أدوار وملفات، أن تستوعب هذه المهام الجديدة؟ أم أن الوقت قد حان للارتقاء بالتنسيق القائم إلى مستوى من التكامل الأعمق بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والخبراء المستقلين، بحيث لا تتحول الجهود النوعية إلى عبء إضافي، بل إلى ملامح جديدة لسياسة اجتماعية أكثر شمولًا واستدامة؟.


ربما تكون الإجابة على هذه التساؤلات هي بداية لمرحلة أكثر نضجًا، تتقاطع فيها جهود الدولة مع وعي المجتمع، ويصبح فيها الزواج مشروعًا مستدامًا تدعمه المعرفة، ويحميه الفهم، وتحتضنه بيئة قادرة على المساندة لا المزايدة، فبقدر ما يبذل من جهد لتأهيل الشريكين، لا بد من جهد موازٍ لتأهيل المجتمع من حولهما، حتى لا يظل طريق الزواج محفوفًا وحده بكل التحديات.