في ظل الحصار المستمر والعدوان المتواصل على قطاع غزة، يتدهور الوضع الإنساني إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تحوّل الجوع إلى سلاح قاتل يهدد أرواح مئات الآلاف من الأطفال، ويطال حتى الأجنة في بطون أمهاتهم.

جيش الاحتلال يواصل استهداف المدنيين والجوعى في غزة
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المتواصل على قطاع غزة، مستهدفًا المدنيين، لا سيما أولئك الذين يتجمعون قرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، بحثًا عن لقمة العيش وسط أوضاع إنسانية كارثية.
وفي بيان رسمي صدر اليوم السبت، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 39 شهيدًا (من بينهم شهيد تم انتشاله من تحت الأنقاض)، بالإضافة إلى 491 مصابًا.
وأكدت الوزارة أن هناك ضحايا ما زالوا تحت الركام وفي الشوارع، في ظل عجز فرق الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لمحيط عمليات الإنقاذ.
حصيلة ضحايا العدوان منذ 7 أكتوبر
أشارت وزارة الصحة إلى أن حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ارتفعت إلى 61,369 شهيدًا و152,850 مصابًا.
ومنذ استئناف العمليات العسكرية في القطاع في 18 مارس 2024، استشهد 9,862 فلسطينيًا، وأصيب 40,809 آخرون بجراح متفاوتة.
ضحايا "لقمة العيش" والمجاعة في تزايد
وفيما يتعلق باستهداف الاحتلال للمدنيين المنتظرين المساعدات الإنسانية قرب مراكز التوزيع الأميركية، أوضحت وزارة الصحة أن المستشفيات استقبلت خلال الساعات الأخيرة 21 شهيدًا و341 مصابًا من هؤلاء الضحايا.
وبذلك، ارتفعت حصيلة شهداء "لقمة العيش" ممن تمكنت الطواقم الطبية من استقبالهم إلى 1,743 شهيدًا، وأكثر من 12,590 مصابًا منذ بداية العدوان.
كما سجلت مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية وفاة 11 شهيدًا بسبب الجوع وسوء التغذية، ما يرفع العدد الإجمالي لشهداء المجاعة إلى 212 شهيدًا، من بينهم 98 طفلًا.
استمرار العدوان واستهداف مخيمات النزوح
ميدانيًا، يواصل جيش الاحتلال قصفه المكثف على مختلف مناطق القطاع، مستهدفًا مخيمات النزوح والمنازل، إضافة إلى المناطق القريبة من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، في ظل تصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية شاملة تهدد حياة السكان، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
وفي هذا السياق، حذر أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة، من كارثة إنسانية متفاقمة تضرب مختلف فئات المجتمع، لا سيما الأطفال، في ظل نقص حاد في الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية.
ووصف مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قطاع غزة، أمجد الشوا، الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة. وتحدث الشوا عن أرقام الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون بسبب المجاعة وسوء التغذية، كما تناول آلية توزيع المساعدات المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا، داعيًا إلى وجوب إيقافها، ومشددًا على ضرورة العودة إلى آلية الأمم المتحدة وشركائها من المؤسسات الفلسطينية.
وأوضح الشوا أن قطاع غزة يضم نحو 900 ألف طفل يعانون درجات مختلفة من سوء التغذية، من بينهم 200 ألف طفل مصابون بدرجة حادة من سوء التغذية، مما يشكّل خطرًا حقيقيًا على حياتهم.
وأشار إلى أنه من بين هؤلاء، هناك 55 ألف طفل رضيع تعجز أمهاتهم عن إرضاعهم طبيعيًا في ظل انعدام حليب الأطفال أيضًا. ما يؤدي إلى وفاة أطفال رضع يوميًا نتيجة الجوع وانعدام الرعاية الغذائية والصحية المناسبة.
كما حذّر من أن الكارثة تمتد لتشمل صحة وحياة الأجنة في بطون أمهاتهم الحوامل، في ظل انعدام الغذاء، إضافة إلى ارتفاع معدلات وفاة الأطفال الخدج نتيجة الظروف الصحية الصعبة وظروف الولادة غير الطبيعية التي تعيشها الأمهات في القطاع.
وأكد الشوا أن القطاع يمر بواقع صحي مرير، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، في وقت خرجت فيه معظم المستشفيات عن الخدمة بالكامل. كما تجاوزت نسبة الإشغال والطاقة الاستيعابية في ما تبقى من مستشفيات أكثر من 300%، ما يعكس حجم الأزمة الخانقة.
أما بخصوص ما يدخل من مكملات غذائية للأطفال، فقد أكد الشوا أنها لا تغطي حتى 10% من الاحتياجات الفعلية، وهو ما يفاقم من حدة الأزمة الصحية والإنسانية التي يعيشها سكان القطاع، خصوصًا الأطفال.
وتأتي تصريحات أمجد الشوا لتؤكد مرة أخرى على عمق الكارثة الإنسانية التي تضرب غزة، والتي باتت تهدد مستقبل جيل كامل. وبينما تستمر المعاناة، يزداد الضغط الدولي لإنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات الإنسانية من خلال قنوات شفافة وعادلة، تضمن إنقاذ حياة الأبرياء، لا سيما الأطفال الذين لا ذنب لهم في هذه المأساة المستمرة.