في خطوة غير مسبوقة باتجاه تعزيز السيادة اللبنانية، وجّه رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون رسالة قوية إلى طهران عبر رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني
الرسالة اللبنانية تنطوي على تحذير من محاولة التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، في وقت تعتزم الحكومة اللبنانية استعدادًا لإعلان خطة لتعزيز سيطرة الدولة على السلاح.
رفض واضح للتدخل الأجنبي وسيطرة الدولة على السلاح
أعرب عون خلال لقائه لاريجاني في قصر بعبدا عن ضرورة أن تقوم العلاقات اللبنانية-الإيرانية على أسس "الاحترام المتبادل"، مؤكدًا أن "مسألة سلاح حزب الله هي قرار لبناني خالص، ولا يتعلق بطهران"، في ما وصف موقف إيران بأنه "غير بنّاء" فيما يتعلق بقرار حكومته بفرض احتكار السلاح بيد الدولة وفقا لـ فايننشال تايمز.
وشدد الرئيس اللبناني على أن الدولة وحدها هي الجهة المخولة قانونًا بامتلاك السلاح، وأن أي دعم أجنبي أو بصمات خارجية يجب ألا تُستخدم لتجاوز المؤسسات الشرعية. وتابع أن "أي تدخل أجنبي – حتى من حليف – لن يُغطى عليه وسيكون مرفوضًا بشكل قاطع، حسب وكالة رويترز
رد لاريجاني ورفض لبنان التصعيد الطائفي
من جانبه، قال لاريجاني إن إيران لا تنوي التدخل في شؤون لبنان الداخلية، وعبّر عن احترامه لقرارات الحكومة اللبنانية، بما في ذلك تلك المتخذة بالتشاور مع "المقاومة" (في إشارة إلى حزب الله).
لكن التصريحات الإيرانية أثارت موجة غاضبة في بيروت، إذ اعتبر وزير الخارجية أن ما صدر عن مسؤولين إيرانيين الأسبق من ملاحظات يشكّل "تدخلًا فجًا وغير مقبول"، بينما لفت مراقبون إلى أن هذه التصريحات تُظهر التوتر في العلاقة بين الحرص على المصالح والتلميحات إلى السيادة الوطنية.
فرض احتكار الدولة للسلاح
يُعد هذا التحذير جزءًا من جهود حكومية أوسع لتعزيز الدولة، إذ أصدر مجلس الوزراء قرارًا يلزم الجيش اللبناني بوضع خطة بحلول نهاية العام 2025 لإنهاء احتكار السلاح من قبل أي جهة غير الدولة، ضمن إطار خطة مدعومة من الولايات المتحدة، وفق وكالة اسوشيتدبرس الأمريكية
لكن التحديات لا تزال قائمة، وقد عبّر الأمين العام لحزب الله، نائيم قاسم، عن رفضه المطلق للخطوة، محذرًا من أن إقرارها قد يشعل الحرب الأهلية في لبنان، وهو ما قوبل برفض علني من رئيس الحكومة نواف سلام الذي وصف هذه المواقف كمحاولة “تهديد ضمني لحرب أهلية”
توازن هش في النظام اللبناني
التحذير اللبناني لـ إيران هو الأول من نوعه في مسيرة العلاقات بين البلدين، ويعكس توترًا في التوازن الداخلي اللبناني بين الحفاظ على علاقات تاريخية مع طهران والمضي نحو سيادة الدولة ووضع شروط لوجود حزب الله وسلاحه ضمن النظام الوطني.
وبخلاف ما كانت عليه البلاد سابقًا، يرى كثيرون أن عون وحكومته قيما بداية الخروج من منطق نفوذ الخارج، إلا أن الطريق ما زال طويلاً ومحفوفًا بمخاطر الانقسام الداخلي وتصاعد الصدامات الطائفية.
ويبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من المواجهات السياسية بين إرادة سيادة الدولة، وفلسفة "المقاومة" التي تساوي حزب الله وتدعمه طهران، في معادلة لبنان الراهنة.